فوائد في فقه الصَّوم
فائدة
من أخَّر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر، فقد اختلف فيه أهل العلم على قولين:
القول الأول: يلزمه القضاء مع الفدية، وهي إطعام مسكينٍ عن كل يوم، وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره ابن باز.
القول الثاني: لا يلزمه إلا القضاء فقط، وهذا مذهب الحنفية، وهو اختيار ابن حزم، والشوكاني، وابن عثيمين.
فائدة
من استمنى فقد فسد صومه، وعليه القضاء، وهذا قول عامة الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
ومن أنزل المني بمباشرة دون الفرج أو بتقبيل أو لمس، فإنه يفطر بذلك، وعليه القضاء فقط.
ومن كرَّر النظر حتى أنزل، فقد ذهب الحنابلة، وبعض أهل العلم، إلى أنه يفطر ولا كفارة عليه.
ومن أنزل بتفكيرٍ مجردٍ عن العمل فلا يفطر، سواء كان تفكيراً مستداماً أو غير مستدام، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة. ومن نام فاحتلم في نهار رمضان فصومه صحيح.
فائدة
إذا لم يشق الصوم على المسافر، واستوى عنده الصوم والفطر، فاختلف أهل العلم في أيِّهما أفضل: الصوم أو الفطر، على قولين:
القول الأول: الصوم أفضل له، وهو قول الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية.
القول الثاني: الفطر أفضل، وهو مذهب الحنابلة، وبه قال طائفة من السلف، وهو قول ابن تيمية، وابن باز.
أما إذا شقَّ الصوم عليه، بحيث يكون الفطر أرفق به، فالفطر في حقه أفضل؛ وذلك لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عزَّ وجل.
وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
فائدة
من ترك صوم شهر رمضان متعمدًا كسلاً وتهاونًا ولو يومًا واحدًا منه، بحيث إنه لم ينو صومه من الأصل، فقد أتى كبيرةً من كبائر الذنوب، وتجب عليه التوبة، وإلى هذا ذهب عامة أهل العلم، واختلفوا هل عليه القضاء أم لا؟ على قولين:
القول الأول: عليه القضاء، وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، وبه أفتى ابن باز.
القول الثاني: لا يلزمه القضاء، وهو مذهب الظاهرية، واختاره ابن تيمية، وابن عثيمين.
فائدة
ثبتت الأحاديث أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره ابن تيمية، والصنعاني، وابن باز، وابن عثيمين. لا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تتنقل في ليالي العشر الأواخر من رمضان.
ومن علاماتها أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام.
فائدة
من خصائص شهر رمضان:
أ- فيه أُنزل القرآن، قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }.
ب- فيه أُنزلت الكتب الإلهية الأخرى.
ت- فيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين.
ث- العمرة فيه تعدل حجة، ولكنَّ هذه العمرة لا تغني عن حجة الإسلام الواجبة، بإجماع أهل العلم.
ج- فيه ليلة القدر، وهي ليلة عظيمة فيها نزل القرآن، وفيها يقدِّرُ الله سبحانه ما هو كائنٌ في السَّنَة.
فائدة
إن كان المؤذن ثقة لا يؤذِّن حتى يطلع الفجر، وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه.
- وإن كان المؤذن يؤذِّن قبل طلوع الفجر لم يجب الإمساك وجاز الأكل والشرب حتى يتبين الفجر، كما لو عرف أن المؤذن يتعمد تقديم الأذان قبل الوقت، أو كأن يكون في برية ويمكنه مشاهدة الفجر، فإنه لا يلزمه الإمساك إذا لم يطلع الفجر، ولو سمع الأذان.
- وإن كان لا يعلم حال المؤذن، هل أذَّن قبل الفجر أو بعد الفجر، فإنه يمسك أيضاً فإن الأصل أن المؤذن لا يؤذِّن إلا إذا دخل الوقت، وهذا أضبط في الفتوى وعليه عمل الناس.
فائدة
من تسحر معتقداً أنه ليل، فتبين له أن الفجر قد دخل وقته، فقد اختلف أهل العلم هل عليه القضاء أم لا؟ على قولين:
القول الأول: صومه صحيح، ولا قضاء عليه، وهو قول طائفة من السلف، واختاره ابن تيمية، وابن عثيمين.
القول الثاني: عليه القضاء، وهذا مذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
فائدة
البركة في السحور تحصل بجهات متعددة، منها: اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.
فائدة
لا يشترط في صيام التطوع تبييت النية من الليل عند جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة.
ويجوز أن ينوي أثناء النهار، سواء قبل الزوال أو بعده، إذا لم يتناول شيئاً من المفطرات بعد الفجر، وهذا مذهب الحنابلة، وقولٌ عند الشافعية، وقول طائفة من السلف، واختاره ابن تيمية، وابن عثيمين.
ومن أنشأ نية الصوم أثناء النهار، فإنه يكتب له ثواب ما صامه من حين نوى الصيام، وهذا مذهب الحنابلة، وهو اختيار ابن تيمية، وابن باز، وابن عثيمين.
فائدة
هل يشترط تجديد النية في كل يوم من رمضان، اختلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: يشترط تجديد النية لكل يوم من رمضان، وهو قول الجمهور: الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول ابن المنذر، واختيار ابن حزم، وابن باز.
القول الثاني: أَنَّ ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله، فإذا انقطع التتابع لعذر يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فإنَّ عليه أن يجدد النية، وهو مذهب المالكية، وقول زفر من الحنفية، واختاره ابن عثيمين.
فائدة
أصحاب المهن الشاقة داخلون في عموم المكلفين، وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان، وأن يصبحوا صائمين، لكن من كان يعمل بأحد المهن الشاقة وكان يضره ترك عمله، وخشي على نفسه التلف أثناء النهار، أو لحوق مشقة عظيمة فإنه يُفطر على قدر حاجته بما يدفع المشقة فقط، ثم يمسك بقية يومه إلى الغروب ويفطر مع الناس، وعليه القضاء.
فائدة
العجز عن الصيام ينقسم إلى قسمين:
1- العجز الطارئ أو العارض: وهو الذي يرجى زواله، كالعجز عن الصوم لمرض يُرجَى برؤه، فهذا لا يلزمه الصوم أداء، ولكن عليه القضاء، بعد زوال عجزه.
2- العجز المستمر أو الدائم: وهو الذي لا يرجى زواله، مثل الكبير الذي لا يستطيع الصوم، والمريض الذي لا يرجى برؤه، فهذا عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينًا.
فائدة
من نوى الصوم ثم أصيب بإغماء في رمضان، فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى:
أن يستوعب الإغماءُ جميع النهار، أي يغمى عليه قبل الفجر ولا يفيق إلا بعد غروب الشمس،
فهذا لا يصح صومه، وعليه قضاء هذا اليوم، وهو قول جمهور أهل العلم من المالكية، والشافعية، والحنابلة.
الحال الثانية:
أن يفيق جزءاً من النهار، ولو للحظة، فصيامه صحيح، ولا قضاء عليه، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة.
فائدة
ينقسم الصوم باعتبار كونه مأموراً به، أو منهياً عنه شرعاً، إلى قسمين:
1- صوم مأمور به شرعًا، وهو قسمان:
أ- صوم واجب، وهو على نوعين:
واجب بأصل الشرع - أي بغير سبب من المكلَّف-: وهو صوم شهر رمضان.
واجب بسبب من المكلَّف: وهو صوم النذر، والكفارات، والقضاء.
ب- صوم مستحب، وهو قسمان:
صوم التطوع المطلق: وهو ما جاء في النصوص غير مقيد بزمن معين.
صوم التطوع المقيَّد: وهو ما جاء في النصوص مقيداً بزمن معين، كصوم الست من شوال، ويومي الاثنين والخميس، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء.
فائدة
من كان في بلدٍ لا يتعاقب فيه الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة،كبلد يكون نهارها مثلاً: يومين، أو أسبوعاً، أو شهراً، أو أكثر من ذلك، فإنه يقدر للنهار قدره، ولليل قدره، اعتمادًا على أقرب بلدٍ منه، يكون فيه ليلٌ ونهارُ يتعاقبان في أربع وعشرين ساعة.
وبهذا أفتى ابن باز، وابن عثيمين، وغيرهما، وهو ما قرره المجمع الفقهي الإسلامي.
فائدة
يجب على الصائم الإمساك من حين طلوع الفجر حتى تغرب الشمس في أي مكان كان من الأرض، سواء طال النهار أم قصر، أم تساويا، ما دام هو في أرض فيها ليل ونهار يتعاقبان خلال أربع وعشرين ساعة.
لكن لو شقَّ الصوم في الأيام الطويلة مشقة غير محتملة ويخشى منها الضرر أو حدوث مرض، فإنه يجوز الفطر حينئذ، ويقضي المفطر في أيام أخر يتمكن فيها من القضاء.
وبهذا أفتى ابن باز، وابن عثيمين، وغيرهما، وهو قرار المجمع الفقهي الإسلامي.
فائدة
للصِّيام فضائل كثيرة شهدت بها نصوص الوحيين، منها:
أ- أنَّ الصَّوم لا مثل الله، في الحديث: (عليكَ بالصَّوم فإنَّه لا مثلَ له).
ب- أنَّ الله تبارك وتعالى أضافه لنفسه، فقال: (كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصَّوم، فإنَّه لي وأنا أجزي به).
ت- يشفع لصاحبه يوم القيامة، في الحديث: (يقول الصَّوم: أيْ ربِّ، إنّي منعته الطَّعام والشَّهوات بالنَّهار، فشفِّعني فيه).
ث- الصَّوم حصنُ من النار، في الحديث: (الصَّوم جُنَّة).