لمحات فى فقه التعبد بالاسماء والصفات
العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها وأعظمها على الإطلاق. والعلم بالله تبارك وتعالى أصل الأشياء كلها، حتى إن العارف به حقيقة المعرفة يستدل بما عرف من أسمائه وصفاته على ما يفعله، وعلى ما يشرعه من الأحكام، وعلى ما يأمر به من السنن والآداب، لأنه سبحانه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته. فأفعاله كلها دائرة بين العدل والفضل، والحكمة والرحمة.
ولا يصلح لولاية الرحمن من لم يتأدب بآداب القرآن، ولم يتعبد بصفات الرحمن حسب الإمكان. فالله سبحانه محسن أمر بالإحسان، رحمان أمر بالرحمة، عفو أمر بالعفو، غفور أمر بالمغفرة، جبار أمر بالجبر، حليم أمر بالحلم، عليم أمر بالعلم، شكور أمر بالشكر، سلام أمر بالسلام .. وهكذا في باقي الأسماء والصفات. فمن تعبد بصفاته صلح لولايته ورضوانه، وفاز بدار كرامته.
فالقلوب بحضرته تعظمه .. والجوارح على أبواب القلوب توقره وتطيعه وتعبده .. والله يعلم ويسمع ويرى. فلا يصلح أحد منهم لموالاته إلا أن يتعبد بآدابه، ويتصف بصفاته، تذللاً بعبادته، ومحبةً لطاعته، وتجملاً بصفاته.
- العلم: فالله بكل شيء عليم. والتعبد به: بأن تعرف ذات الله وأسماءه وصفاته، وأحكامه وأيامه، وحلاله وحرامه، وما يقربك إليه، وما يجعلك محبوباً لديه. وثمرة العلم بذلك: الخوف من مولاك، وحياؤك منه في أقوالك وأفعالك وسائر أحوالك، فإنه بكل شيء عليم.
2 - الإرادة: فالله مريد لكل شيء. والتعبد بها: يكون بأن نتعبد بكل إرادة حثنا الشرع عليها، وندب إليها كإرادة الطاعات كلها، والعبادات بأسرها، وإخلاص العمل، وإرادة التقرب به، خوفاً من عقاب الله، أو رجاء لثوابه، أو حياء منه، أو محبة له، أو مهابة له. وثمرة معرفة ذلك: الخوف والوجل الموجبان لاجتناب الزلل، وإصلاح العمل.
3 - السمع: فالله سميع عليم لا يخفى عليه شيء.والتعبد به: يكون بأن نسمع كل ما فرض الله علينا سماعه أو ندب إليه كسماع كتابه وسنة رسوله، والعمل بموجبه. وثمرة معرفة سمع الله: خوفك وحياؤك ومهابتك أن يسمع منك ما زجرك عنه من الأقوال، واجتناب كل قول لا يجلب نفعاً، ولا يدفع ضراً.
4 - البصر: فالله بصير لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. والتعبد به: يكون بالنظر في ملكوت السموات والأرض، والنظر للآيات الكونية، وعجائب المخلوقات نظر تدبر وتفكر، والنظر للآيات القرآنية والشرعية، وما فيها من الأحكام والعبر والسنن، والعمل بموجب ذلك. وثمرة معرفة بصره: خوفك منه، وحياؤك ومهابتك أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك.
5 - الكلام: فالله سبحانه يتكلم بما شاء في أي وقت شاء. والتعبد به: يكون بذكره وشكره، وتلاوة كتابه، وتعليم دينه وشرعه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إليه. وثمرة معرفة كلام الله: معرفة ذاته وأسمائه وصفاته، ومعرفة أمره ونهيه، وما يحبه وما يكرهه.
فالملك: من أسماء الله عزَّ وجلَّ، والمُلك تصرف عام مقيد بالعدل والإحسان، في كل عطاء وحرمان، ونصر وخذلان، وخفض ورفع. والتعبد به لمن بلي به: يكون بتنفيذ أوامر الله عزَّ وجلَّ .. برفع من يستحق الرفع .. وخفض من يستحق الخفض .. وإكرام من يستحق الإكرام .. وإهانة من يستحق الإهانة .. وقهر من يستحق القهر .. وجبر من يستحق الجبر .. وإغاثة المكروب .. ونصر المظلوم .. وإطعام الجوعان .. وكسوة العريان .. وإعانة المحتاج. فمن فعل ذلك ابتغاء وجه الله أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وكان من أهل البر والإحسان
والقدوس: من أسماء الله عزَّ وجلَّ، وهو الطاهر من كل عيب ونقص. والتعبد به: يكون بالتطهر من كل دنس وحرام، ومن كل مكروه ومشتبه، ومن كل فضل مباح شاغل عن الله سبحانه.
والسلام: من أسماء الله عزَّ وجلَّ، إن أُخذ من السلامة من الآفات فلا تعبد به، لعدم إمكان ذلك، وإن أُخذ من تسليمه على عباده، فعليك بإفشاء السلام، وإن أُخذ من الذي سلم عباده من ظلمه، فالتعبد به يكون بأن يسلم الناس من ظلمك وغشك، وضررك وشرك، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
والمؤمن: من أسماء الله تبارك وتعالى. والتعبد به: يكون بأن تظهر من برك وخيرك ما يأمن الناس به من شرك وضيرك، وأن تسعى لعباد الله في كل أمن.
والمهيمن: من أسماء الله عزَّ وجلَّ. والتعبد به: يكون بأن تقوم بالشهادة في كل ما نفع وضر، وساء وسر.
والجبار: من أسماء الله عزَّ وجلَّ. والتعبد به: إن أخذ من الجبر والإصلاح. فالتعبد به أن تعامل عباده بكل خير وإصلاح تقدر عليه أو تصل إليه.
والمتكبر: من أسماء الله جل جلاله. والتعبد به: إن أُخذ من تكبره على النقائص والآفات فهو كالقدوس، فتكبر عن كل خلق دنيء، ومظهر بذيء.
والرؤوف الرحيم: من أسماء الله عزَّ وجلَّ. والتعبد بهما: يكون برحمة كل من قدرت على رحمته، بأنواع ما تقدر عليه من الرأفة والرحمة، حتى تنتهي رحمتك إلى الذر والذباب والبهائم، ففي كل كبد رطبة أجر.
والحليم: من أسماء الله تبارك وتعالى. والتعبد به: أن تحلم عن كل من آذاك أو ظلمك وسبك وشتمك، فإن مولاك صبور حليم، بر كريم، يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. والتعبد بالصبر: أن تصبر على أذية المؤذين، وإساءة المسيئين، فإن الله يحب الصابرين، فكن منهم لتفوز بثواب الصابرين.
والحليم: من أسماء الله تبارك وتعالى. والتعبد به: أن تحلم عن كل من آذاك أو ظلمك وسبك وشتمك، فإن مولاك صبور حليم، بر كريم، يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. والتعبد بالصبر: أن تصبر على أذية المؤذين، وإساءة المسيئين، فإن الله يحب الصابرين، فكن منهم لتفوز بثواب الصابرين.
والعفو: من أسماء الله عزَّ وجلَّ. والتعبد به: بأن تعفو عن كل من جنى عليك، أو أساء إليك، فإن الله يحب العافين عن الناس فكن منهم.
والمحسن: من أسماء الله عزَّ وجلَّ. والتعبد به: أن تحسن إلى الخلق بما تستطيع، كما أحسن الله إليك بكل خير. والتعبد بصفة الإنعام: أن تنعم على الخلق كما أنعم الله عليك.
والقيوم: من أسماء الله عزَّ وجلَّ. والتعبد به: بإحسان تدبير من اعتمد بعد الله عليك، أو فوض الله أمره إليك، بإحسان رعايته، والقيام بمصالحه، وقضاء حوائجه.