لمحات فى فقه التعبد بالاسماء والصفات
اللـــــــــــــــه عز وجل .. أعرف المعارف ..
قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله ..
ﻣﺎ ﺫُﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﺐ ﺇﻻ ﻫﺎﻥ ..
ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﺴﻴﺮ ﺇﻻ ﺗﻴﺴﺮ ..
ﻭﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﺇﻻ ﺧﻔﺖ ..
ﻭﻻ ﺷﺪﺓ ﺇﻻ ﺯﺍﻟﺖ ..
ﻭﻻ ﻛﺮﺑﺔ ﺇﻻ ﺍﻧﻔﺮﺟﺖ ..
.
"ﺍﻟﻮﺍﺑﻞ ﺍﻟﺼﻴّﺐ"..
.
* ومن ثمرات فقه لفظ الجلالة "الله" ..
.
أنه يورث المحبة ..
قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله ..
فإنّ الإله .. هو الّذي يألَه العبادَ حبًّا .. وذلاًّ .. وخوفا .. ورجاءً .. وتعظيما .. وطاعة له ..
{ فهو إله بمعنى مألوه أى معبود } ..
وهو الّذي تألَهه القلوب - أي: تحبّه وتذلّ له ..
.
.
قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله ..
.
إذ استغنى الناس بالدنيا .. فاستغن أنت بالله ..
وإذا فرح الناس بالدنيا .. فافرح أنت بالله ..
وإذا أنس الناس بأحبائهم .. فأنس أنت بالله ..
وإذا ذهب الناس إلى ملوكهم وكبرائهم يسألونهم الرزق ويتوددون إليهم .. فتودد أنت إلى الله ..
.
* وهو أعرف المعارف على الإطلاق ..
.
أجمَعَ علماء العقيدة والفقهاء وغيرهم على موافقة ما ذكره سيبويه .. أن لفظ الجلالة "الله" أعرف المعارف ..
وقيل ..
إن سيبويه رُئِيَ في المنام ..
فقيل له ..
ما حالك عند الله؟
فقال.. قد غفر لي ؛ لأني جعلت أعرف المعارف(الله) ..
.
* وهو مشتقّ من الألوهيّة والإلهيّة .. وهي العبوديّة ..
تقول العرب: ألَهَ الشّيءَ - أي: عبده وذلّ له ..
فأصل كلمة "الله" - كما قال الكسائي والفرّاء -:
الإله - أي: المعبود ..
وأصل اللفظة من (أَلَهَ) يَأْلُهُ إلآهةً وتألُّهاً كعبد يعبُد عبادة وتعبُّداً – زِنةً ومعنى – قاله النــضر بن شميل ..
والمعنى: المستحق للعبادة وصححه الماوردى ..
وقرأ ابن عبّاس ومجاهد - رضي الله عنهما - :
"وَيَذَرَكَ وَإِلاَهَتَكَ" - أي: وعبادتك ..
ولذلك قال تعالى .. وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ..
وقال تعالى .. وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ..
.
.
* ولفظ الجلالة "الله" وصف في الأصل .. لأنه بمعنى المعبود .. ولكن غَلَبَتْ عليه العَلَمِيَّة .. فتجري عليه بقية الأسماء أخبارًا وأوصافًا ..
فيقال ..
الله: رحمنٌ، رحيمٌ، سميعٌ، عليمٌ، كما يقال: اللهُ: الرَّحمنُ الرَّحيمُ ..
اسم الله الحكيم
الحكيم سبحانه ..
لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ..
.
فلا يَخلُقُ شيئاً عبثا ..
ولا يُشَرِّعُ شيئاً سدى ..
له الحُكم في الأولى والآخرة..
.
والحكيم الموصوف بكمال الحكمة ..
واسع العلم والإطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها ..
واسع الحمد .. تام القدرة .. غزير الرحمة ..
فهو الذي يضع الأشياء مواضعها ..
وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه وأمره ..
فلا يتوجه إليه سؤال ..
ولا يقدح في حكمته مقال ..
واسم الحكيم وصفة الحكمة لله تعالى لم تأت في القرآن منفصلة عن اسم آخر أو صفة أخرى من صفاته تعالى ..
فالله الحكيم له كامل الحكمة المقترنة بالعزة والعلم والخبرة والسعة والتوب والحمد ..
العزيز الحكيم ..
العليم الحكيم ..
الحكيم الخبير ..
واسع حكيم ..
تواب حكيم ..
حكيم حميد ..
.
لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ..
.
قال الشيخ عفيف الدين بن البقال - وكان شيخا صالحا ورعا زاهدا - كما يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله ..
.
كنت بـمصر فبلغني ما وقع من القتل الذريع بـبغداد في فتنة التتار ..
فأنكرت في قلبي ..
وقلت:
يا رب ! كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له ؟!
فرأيت في المنام رجلا وفي يده كتاب ..
فأخذته فقرأته ..
فإذا فيه هذه الأبيات ..
فيها الإنكار علي ..
.
* دع الاعتراض فما الأمر لك *
* ولا الحكم في حركات الفلك *
.
* ولا تسأل الله عن فعله *
* فمن خاض لجة بحر هلك *
.
* إليه تصير أمور العباد *
* دع الاعتراض فما أجهلك *
.
.
"البداية و النهاية"(13/ 294 )
فائدة
العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها وأعظمها على الإطلاق. والعلم بالله تبارك وتعالى أصل الأشياء كلها، حتى إن العارف به حقيقة المعرفة يستدل بما عرف من أسمائه وصفاته على ما يفعله، وعلى ما يشرعه من الأحكام، وعلى ما يأمر به من السنن والآداب، لأنه سبحانه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته. فأفعاله كلها دائرة بين العدل والفضل، والحكمة والرحمة.
فائدة
ولا يصلح لولاية الرحمن من لم يتأدب بآداب القرآن، ولم يتعبد بصفات الرحمن حسب الإمكان. فالله سبحانه محسن أمر بالإحسان، رحمان أمر بالرحمة، عفو أمر بالعفو، غفور أمر بالمغفرة، جبار أمر بالجبر، حليم أمر بالحلم، عليم أمر بالعلم، شكور أمر بالشكر، سلام أمر بالسلام.. وهكذا في باقي الأسماء والصفات. فمن تعبد بصفاته صلح لولايته ورضوانه، وفاز بدار كرامته.
فائدة
2 - الإرادة: فالله مريد لكل شيء. والتعبد بها: يكون بأن نتعبد بكل إرادة حثنا الشرع عليها، وندب إليها كإرادة الطاعات كلها، والعبادات بأسرها، وإخلاص العمل، وإرادة التقرب به، خوفاً من عقاب الله، أو رجاء لثوابه، أو حياء منه، أو محبة له، أو مهابة له. وثمرة معرفة ذلك: الخوف والوجل الموجبان لاجتناب الزلل، وإصلاح العمل.
فائدة
4 - البصر: فالله بصير لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. والتعبد به: يكون بالنظر في ملكوت السموات والأرض، والنظر للآيات الكونية، وعجائب المخلوقات نظر تدبر وتفكر، والنظر للآيات القرآنية والشرعية، وما فيها من الأحكام والعبر والسنن، والعمل بموجب ذلك. وثمرة معرفة بصره: خوفك منه، وحياؤك ومهابتك أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك.
فائدة
فالملك: من أسماء الله عزَّ وجلَّ، والمُلك تصرف عام مقيد بالعدل والإحسان، في كل عطاء وحرمان، ونصر وخذلان، وخفض ورفع. والتعبد به لمن بلي به: يكون بتنفيذ أوامر الله عزَّ وجلَّ.. برفع من يستحق الرفع.. وخفض من يستحق الخفض.. وإكرام من يستحق الإكرام.. وإهانة من يستحق الإهانة.. وقهر من يستحق القهر.. وجبر من يستحق الجبر.. وإغاثة المكروب.. ونصر المظلوم.. وإطعام الجوعان.. وكسوة العريان.. وإعانة المحتاج. فمن فعل ذلك ابتغاء وجه الله أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وكان من أهل البر والإحسان