القلب الحى
القلب الحى
انتفاضة الأحياء: حلو اللسان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالا يرفع الله بها درجات ». والبال هو القلب، وتأمل قوله « لا يُلقي لها بالا »، أي أنها تخرج رغما عنه دون تفكير أو تدبر ودون أن يُمرَّها على قلبه، ومع ذلك تخرج منه طيبة نقية، لأن كل وعاء بما فيه ينضح، وحديقة الورد لا يفوح منها غير شذى الورد، إن حي القلب يتذوَّق كل كلمة بقلبه قبل النطق بها، فإن كانت حلوة علم أن طعمها في الآخرة سيكون أحلى فأطلقها، وإن كانت مُرَّة عرف أن طعمها في الآخرة أشد مرارة فسكت. واسمع إلى طهارة لا تدانيها طهارة، وقلب طهور كالماء الطهور طاهر ومطهِّر لما حوله من القلوب، وهو قلب عبد الله بن عون الذي قال عنه خارجة بن مصعب: " صحبتُ عبدالله أربعا وعشرين سنة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة ". أن العين مبصرة لما حولها، لكنها لو رأت مشهدا محرّما فلن يُمكِّن القلب الحي الخواطر منه بحال، ومع أن الأذن مصغية ؛ لكنه لو كان الحرام لارتعدت وجلا، وبنت على الفور سدا منيعا وحجابا حاجزا بينها وبين ما يُغضب الله، وإذا جلس صاحب هذا القلب مجلسا وتسلل إليه الحرام للمحه على الفور وتسلل خارجا في الحال إن لم يقدر على التغيير والمواجهة، وهذا هو مصدر سلامة هذا القلب وعنوان نقائه. قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201]