لماذا القلب
لماذا القلب
* إذا كنت تعاني الكآبة والحزن واليأس والجزع، فهل تملك قوى الأرض جميعا أن تغيِّر من ذلك مثقال ذرة؟! * إذا حيزت لك الدنيا بحذافيرها وصارت تحت أقدامك ؛ لكن امتلأ قلبك كمدا وغما فهل تهنأ من دنياك بشيء؟! * إذا غرق قلب في الشك والشبهات والزيغ والرِّيَب ؛ فهل يملك نزع ذلك المرض من صدرك أحد من أهل الدنيا ما لم يشأ ربك؟! * إذا رأيت نعيم الدنيا مقبلا على غيرك ومُعرِضا عنك، فممدت عينيك حسدا ولسانك حقدا وقلبك غلا، فهل يملك تطهيرك مما أنت فيه أحد غير الله؟! * إذا أحب قلبك شهوة وأُشرِبها ومال إلى خطيئة وعشقها، فهل يملك أن يعدل قلبك المنكوس ويحيي فطرتك السليمة أحد سوى خالقه؟! * إذا كره قلبك طاعة واستثقلها وملَّ المداومة عليها حتى كاد أن ينقطع، فهل يملك أحد أن يحبِّبك فيها ويدنيك منها سوى الذي حبب إلينا الإيمان وزيَّنه في قلوبنا؟! هذا ما أدركه مطرف بن عبد الله [ت: 95] حين انخلع من رؤية عمله واعترف بقمة عجزه وغاية ضعفه وردَّ الفضل كل الفضل إلى الله وحده حين قال: " لو أُخرِج قلبي فجُعِل في يدي هذه في اليسار، وجيء بالخير فجُعِل في هذه اليمنى، ثم قُرِّبت من الأخرى ما استطعت أن أولج في قلبي شيئا حتى يكون الله عز وجل يضعه ".