لا تلق رمضان وراء ظهرك
بسم الله الرحمن الرحيم
نصوم في العام شهرًا ليكون لنا أجر عشرة شهور.
ثم نصوم ستة أيام ليكون لنا أجر صوم العام بأكمله.
فهلا تأملنا وتدبرنا الحكمة في ذلك !
إن إكمال الطاعات ينبغي أن يصاحبه طاعة الله وشكره على فضله وإكثار الدعاء وطلب القبول من الله.
وليس كما يفعل بعضهم من هجران الطاعة ما بين رمضان ورمضان والتجرأ على المعاصي وكأنه نبذ رمضان وراء ظهره.
ولنعلم أن ما بين العبادات له مزية تكفير الصغائر بشرط أن تجتنب الكبائر.
قال ﷺ: " الصَّلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى رمضانَ مُكفِّراتٌ ما بينَهنَّ إذا اجتنَبَ الْكبائرَ " صحيح مسلم.
تأملوا هذا الحديث لتجدوا أن النبي ﷺ ربط العبادة بأختها
الصلوات الخمس يعني ما بين الفجر والظهر يكفره الله ويغفره.
كذلك ما يقع بين الجمعة والجمعة وما بين رمضان ورمضان.
والشرط في ذلك اجتناب الكبائر.
فمن ترك الصلاة صار من أهل الكبائر وحرم تكفير الخطايا
ومن عق والديه أو شرب المحرم أو ارتكب الفواحش بعد رمضان
كل هؤلاء يحرمون كفارة الذنوب -الآنفة الذكر - ما لم يبادروا بتوبة نصوح ويهجروا تلك الكبائر.
فانقضاء رمضان هو خروج من عبادة واحدة وهي الصوم ولكن ذلك لا يعني الخروج من الطاعات أو هجر الصلاة والمساجد أو ترك قراءة القرآن.
فمن يفعل ذلك يكون كالتي نقضت غزلها وأفسدت ما عملت بيديها.
فاحذروا الحور بعد الكور فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ: من الْحَوْر بَعْد الْكَوْر. [صحيح مسلم]
ومعنى الحور بعد الكور: النقصان بعد الزيادة، والفساد بعد صلاح الأمور واستقرارها.
وإياكم أن تطفئوا مصابيح رمضان:
فإن من ذاق حلاوة الصيام والقيام لا يفرط فيهما من أجل متاع زائل.
فهناك صوم الست من شوال، وأجره يجتمع مع أجر فريضة رمضان ليكونا معًا كصيام الدهر بتكرارهما.
قال صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر. " رواه مسلم
ومن ترنم بتلاوة القرآن فخشع قلبه ودمعت عينه واقشعر جلده
فلا يليق به بعد ذلك أن يهجر القرآن.
ومن صان لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة وقيل وقال
فحري به ألا يغتاب أحدًا ولا يحتقر مسلمًا.
ومن ارتقى إلى مرتبة الإحسان وامتنع عن المفطرات وهي حلال في رمضان ؛ كيف يعود إلى المعاصي وهي محرمة بعد رمضان.
حقائق يجدها الصائم بعد فطره:
في الأيام الأولى بعد رمضان ستشعر ببعض آثار رمضان فكلما هممت بشرب الماء ترددت بداية لأنك تظن الصوم باقيًا.
وكلما هممت بغيبة أو نميمة فزعت نفسك، وكلما نظرت نظرة حرامًا حاولت صرف وجهك.. وكلما.. وكلما..!
إذا كان هذا شعورك فاصطحب هذا الشعور بعد رمضان واجتنب ما حرم الله واحذر سخطه فرب معاصي في الخفاء أحبطت جبالًا من الحسنات.
عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا) قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: (أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا).
رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
فإن كان رمضان قد انقضى فالتقوى باقية
والمساجد مفتوحة لأداء صلاة الجماعة.
وباب إجابة الدعاء مفتوح للمتضرعين.
فاستعينوا بالله واجتهدوا واسألوا الله قبول الصيام والقيام.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
مختارات