الصدود
مشكلة المنافقين في كل عصر أنهم لا يدركون سهولة افتضاح أمرهم. افتضاحٌ تظهره جل أفعالهم وردود أفعالهم، لعل أبرز تلك العلامات الفاضحة تلخصه كلمة واحدة...الصدود. إن المنافق في حقيقة الأمر لا يطيق أي أمر يمت للشريعة بصلة وبالتالي يكون رد فعله المباشر والسريع هو الصد عن هذا الأمر، وهذا تحديدا لا يكاد يطيق المنافق كتمانه أو مداراته، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} هكذا بينت الآية القرآنية الجامعة تلك الخصلة المتجذرة والعميقة ورد الفعل المباشر في مقابلة أي دعوة لمنافق إلى ما أنزل الله: - الرفض. - التشكيك. - المراء. - التهوين. - التحريف و ليّ عنق الحقائق. كل ذلك لأجل الغاية الجامعة لديهم وهي الصدود، ولهم في ذلك عدة مسالك منها الجدلي الذي يزعمون عقلانيته ومنطقيته، ومنها ما هو مكذوب محرف يدعون وجاهته ومناسبته، ومنها ما لا يحاول التجمل بشيء مما سبق ويصرح بأنه صدود وحسب. صدود عن الشرع الذي يمثل لديهم الرجعية والتأخر وغياب المصالح الواقعية بزعمهم، والحقيقة أبسط من كل تلك الدعاوى والمزاعم، والمشكلة أصلا ليست مع التشريع وتفاصيله. الحقيقة والمشكلة التي لا يحبون إظهارها والتي بينتها الآية وأظهرت أصلها هي مع المشرع نفسه {إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} المنافق ببساطة لا يقبل بمرجعية الشرع لأنه أصلا لم يقبل بأحقية المشرع. لم يسلم لعلمه.. لم يستسلم لحكمته.. لم يذعن لقدرته.. بشكل أوضح لم يؤمن إلا بلسانه ولم يقرب الإيمان قلبه، من هنا كانت بداية الرفض، ومن هنا كانت العلامة الفاضحة.. الصدود.
مختارات