الحج.. رحلة إیمانیة
- ندرك الجانب الإیماني في الصلاة، وفي الصیام، ولكن في الحج یكون المرء مشغولاً بأداء المناسك، وفي معظمھا یكون في زحام وشدة وتعب؛ فلا مجال للخشوع والإیمانیات، وإنما یرید أحدنا أن ینتھي من النسك بطریقة صحیحة حتى تسقط عنھ ھذه الفریضة العظیمة. بھذه الكلمات علق صاحبي على وصفي الحج بأنھ رحلة إیمانیة، وھو من النوع الذي یقول ما یخطر على بالھ.. التفت إلیھ: - ولذلك وجب على المؤمن أن یتذكر الجوانب الإیمانیة في الحج قبل أن یغادر؛ فإن التفاوت في أجر العبادات یكون على ما في القلوب؛ فالجمیع یؤدي الصلوات خلف إمام واحد والجمیع یتم صلاتھ، ولكن شتان بین أجر ھذا وذاك، وكذلك أجر الصیام، الجمیع یمسك من الفجر إلى اللیل، ولكن شتان بین أجر ھذا وذاك، وكذلك الحج، الجمیع یقف بعرفة ویبیت بمزدلفة ویطوف بالبیت ویرمي الجمرات ویقدم الھدي ویحلق، ولكن شتان بین أجر ھذا وذاك؛ فإذا كان المرء سینشغل بأداء المناسك أیام الحج، فالأحرى بھ أن یحفظ إیمانیات الحج قبل أن یغادر. أظھر صاحبي قناعتھ بما قلت. - وماذا تعني بـ «إیمانیات الحج»؟ - دعني أذكر لك حدیثا طویلا یذكر ما یتعلق بالحج من قضایا غیبیة، ثم نتحدث عن التفاصیل؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنھ - قال: كنت جالسا مع النبي[في مسجد منى، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقیف فسلما ثم قالا: یا رسول الله جئنا نسألك، فقال[: «إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنھ فعلت، وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت» فقالا: أخبرنا یا رسول الله، فقال الثقفي للأنصاري: سل، فقال: أخبرني یا رسول الله، فقال[: «جئتني تسألني عن مخرجك من بیتك تؤم البیت الحرام وما لك فیھ، وعن ركعتیك بعد الطواف وما لك فیھما، وعن طوافك بین الصفا والمروة وما لك فیھ، وعن وقوفك عشیة عرفة وما لك فیھ، وعن رمیك الجمار وما لك فیھ، وعن نحرك وما لك فیھ مع َع ْن ھذا جئت أسألك. الإفاضة»، فقال: والذي بعثك بالحق لَ قال: «فإنك إذا خرجت من بیتك تؤم البیت الحرام لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعھ إلا كتب الله لك بھ حسنة ومحا عنك خطیئة، وأما ركعتاك بعد الطواف فكعتق رقبة من بني إسماعیل علیھ السلام، وأما طوافك بالصفا والمروة فكعتق سبعین رقبة، وأما وقوفك عشیة عرفة فإن الله ینزل إلى سماء الدنیا فیباھي بكم الملائكة یقول: عبادي جاؤوني شعثا من كل فج عمیق، یرجون جنتي، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتھا، أفیضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم لھ، وأما رمیك الجمار فلك بكل حصاة رمیتھا تكفیر كبیرة من الموبقات، وأما نحرك فمذخور لك عند ربك، وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتھا حسنة ویمحى عنك بھا خطیئة، وأما طوافك بالبیت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك» یأتي ملك حتى یضع یدیھ بین كفیك فیقول: اعمل فیما تستقبل فقد غفر لك ما مضى (السلسلة الصحیحة). - ھذا حدیث جمیل، یجب على كل حاج أن یعرفھ، بل یحفظھ حتى لا ینساه وھو یؤدي المناسك. - نعم.. مع أحادیث أخرى تعین الحاج على أداء المناسك بطریقة إیمانیة ینال معھا الأجر العظیم، مثل قول النبي[: «الحجاج والعمار وفد الله دعاھم فأجابوه وسألوه فأعطاھم» (حسنھ الألباني).
وكذلك الحدیث القدسي: «إن الله یقول: إن عبداً أصححت لھ جسمھ ووسعت علیھ في المعیشة تمضي علیھ خمسة أعوام لا یفد إلى.. محروم» (صححھ الألباني). - ولكن مضت أكثر من عشر سنین على آخر حجة لي. - ألم تكن في العمرة في شعبان الماضي؟! - نعم. ا لم تمض علیك خمس سنوات لم تفد إلى الله! فالمقصود الذھاب إلى الحج أو - إذً لم تمض علیك خمس سنوات لم تفد إلى الله! فالمقصود الذھاب إلى الحج أو - إذً العمرة، بدلیل حدیث: «الحجاج والعمار وفد الله».
- ارتاح صاحبي لما سمع.
مختارات