عندما تتشوه الأرواح
عندما تتشوه الأرواح، وتفقد النفس ميزانها الصحيح في رؤية الأشياء=ينقلب معنى الحياة، ويكون العمر حقيبةً من الهموم والأمراض في سفر الدنيا!
أسمع وأرى وأعاين في دنيا الناس مشاكل هائلةً!
فالزواج الذي جعله الله سكينةً، مسخه الناس فجعلوه طقسًا بائسًا مبدوءًا بالرهق والإعنات والتشديد، والأسئلة التي لا تنتهي، والفحص الموغل في " حصَّالتك " النقدية، وحركة أسهمك في سوق المال صعودًا وهبوطًا، والاحتكام إلى القاعدة المقدسة " اللي مامعاهوش ما يلزموش "، ولن ينسوا طبعًا أن يملئوا أفواههم بالكلمة المعتادة التي تكون بعد تنهيدة: " إحنا بنشتري راجل " !
بعضهم رفض المتقدم لابنته لأنه كتب في الفيس عمن تزوج بشبكة من فضة! ياللهول!!
وبعضهم رفضه لأنه لا يريد إحضار النيش؛ فليس له قيمة، وهذا سببٌ كافٍ للرفض!
وبعضهم لأن ابنة خالتها تزوجت من فلان بيه، ولا نريد أن تكون ابنتنا أقل من ابنة خالتها!
ماراثون من البؤس!
ويظل الشاب في هذا الماراثون الذي يبتلع كل إنسانيته، فيصل إلى عروسه ممتلئًا من الدنيا فارغًا من كل شيء!
ولا يبالي الفراعنة الجالسون في بيوتهم آباءً وأمهاتٍ بمشاعر ابنتهم، وهل تقبل من تقدم إليها أم ترفضه، " وهو ده عريس يترفض، ده عنده وعنده وعنده (والناس بيقولوا) " !! لكنهم نسوا أنه ليس عنده ما تريده هي.. ليس مهمًا..ستفهم بعد ذلك أننا وفرنا لها حياةً آمنةً بمقدار كم ألف !
وحتى عندما يلتمسون الدين يحسبونه بالكيلو! " ده ملتحي وأمه منتقبة " !
والدين من وراء هذا كله! الدين معدنٌ وخلقٌ!
عليها أن تقبل، وعليها أن تعيش لوحةً معلقةً في جدار البيت الذي " اشتروه لها "..عليها أن تتفقد جيدًا عدد أطباقها، وملاعقها، وثيابها التي يغص بها دولابها، وعُلَب ماكياجها..هذا بيتٌ فيه كل شيء، إلا هي!
تعيش في صحراء من الإهمال، بمشاعر باهتةٍ مصطنعةٍ، وتئوب بعد شهورٍ-أو أيامٍ-لا تطيق الحياة، وقد أنكرت نفسها وفقدت ملامحها فشاخت فيها الحياة فجأة!
لقد التمسوا لها أسباب المادة، ولم يلتمسوا لها أسباب الحياة التي تحيى بها هذه المادة!
وقد صارت كثيرٌ من البيوت ساحةً لتقضية ما تبقى من الحياة..بلا حياة!
صار العمر نقطتين: نقطة البدء " هو ده يترفض برضوا..الناس يقولوا علينا إيه "
ونقطة النهاية " هو إحنا عندنا طلاق..الناس يقولوا علينا إيه " !
مختارات