"صورتك جميلة"..
هكذا قال له صاحبه، مجاملا أو مادحًا، ولكنه فرغ من كلمة صاحبه تلك إلى خلوةٍ ملؤها الشوك، والأسئلة التي تشبه الشوك!
لماذا صاروا يقولون: صورتك جميلة؟!
أهذه كلمة مدح أم ذم؟!
لقد صاروا يمدحون بالصورة لا " بالحقيقة "..
هل هذا أنت الذي تعيره الكاميرا وجها باسمًا وأسنانا يلمع فيها الضحك؟
هل هذه الصورة التي تعلقها على ناصية صفحتك، وفي موقعك أو حساباتك هنا وهنالك صدى روحك، أم أنها صورة جديدة لـ دوريان غراي آخر؟!
هل تعيش ما في تلك الصورة؟ أم أنها تحمل قدرة الصلصال فيك على التشكل وارتداء صور لا تنتهي؟
هل تبتسم لأن هذا طقس " الصورة " وما يوجبه من فرائض تهيؤك لكي تكون على قدر مقبول من الزيف الأنيق؟!
في كل الصور يبتسمون ويضحكون وتتشابك أيديهم، وتتناثر القلوب الحمراء، فمن أين تأتي إذن هذه الكراهية المتناثرة في جيوب النفس الخفية وكلماتها البلاستيكية الباهتة؟!
لقد تعودوا أن يكونوا موسميين: يضحكون ويمزحون ويتجملون ويجاملون حسب المواسم..
فإذا خلا كل منهم إلى نفسه بقي في قلبه ما يبقى من أثر البخار عندما تشرق الشمس!
وإني لأعلم أناسًا يلقى بعضهم بعضا كل يوم، فما يزيدهم اللقاء إلا ابتعادًا!
وهنالك آخرون كل منهم على طرف المجرة، وقلب هذا يخفق في قلب ذاك!
مختارات