النسمة العاشرة - حسن الحسنات - (4)
5. النجاة من العذاب: لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: «نعم إذا كثر الخبث»(صحيح كما في ص ج ص رقم 7176).
فمن حسن الحسنة أنها تمنع نزول العذاب بالأمة، وتحميها من أن تهلك نفسا بنفسها، وتفني حياتها بيدها، وكم من هجمة عذاب كادت تحل بنا لولا وجود نسبة معقولة من الصالحين تمنع تكاثر الخبيث {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} «البقرة: 249».
وهذا معنى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أراد أن يفهمه لجموع التائبين الذين ما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بلغهم حديثه، فقال مخاطبا إياهم: «توشك القرى تخرب وهي عامرة»، فقيل: كيف تخرب وهي عامرة؟! قال: «إذا علا فجارها أبرارها». وكلما زادت الحسنات رفعت المهلكات، وكلما نضبت كان العذاب وشيكا.
قال عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: ذاكر الله في غفلة الناس كمثل الفئة المنهزمة يحميها الرجل، لولا ذلك الرجل هزمت الفئة، ولولا من يذكر الله في غفلة الناس هلك الناس.
أيها المسيئون.. قدموا الشكر للمحسنين، فهو واجب في رقابكم.. لولاهم لهلكتم، وبسببهم حفظتم، ولو ماتوا لشقيتم وأخذتم.
6. صلاح الذرية: كان عمر بن عبد العزيز يجزم ويقول: ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله فى عقبه وعقب عقبه. بل وفي عقب عقب عقبه، بل وأبعد من ذلك، كما قال المفسرون في قول الله سبحانه وتعالى: {وكان أبوهما صالحا} [الكهف: 82].
قالوا: كان الجد السابع، وبسبب صلاحه حفظ الله الكنز لهذين الغلامين اليتيمين، وصانه لهما حتى يكبرا. ولعل هذا ما كان يدفع سعيد بن المسيب إلى أن يطيل فى صلاته ويقول لولده: لأزيدن في صلاتي من أجلك؛ رجاء أن أحفظ فيك.
يا إخوتاه.. ليس حفظ الأبناء وتأمين مستقبلهم بإيداع الأموال لهم في البنوك، بل بإيداع الطاعات في كفة الحسنات عن طريق إطالة الصلاة ودموع المناجاة، وصدقة الخفاء وصلة الرحم وحسن الجوار وقراءة القرآن.. وغيرها من الطاعات. وكلما كانت الطاعات أكثر كان الصلاح أعم وأشمل ليغطي دائرة الأبناء ويتعداها إلى دائرة الجيران.
قال محمد بن المنكدر: إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدويرات التى حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر.
مختارات