" أهمية الاستغفار "
" أهمية الاستغفار "
للاستغفار أهمية كبيرة تكمن في النقاط التالية:
1/ الاستجابة لأمر الله تعالى حيث إن الله تعالى أمر عباده في آيات كثيرة في كتابه العزيز، كما في مثل قوله تعالى: " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " [هود: 90] وقوله تعالى: " وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجلَّ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ " [هود:3] وغير ذلك من الآيات التي أمر الله فيها عباده بالاستغفار.
2/ مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على الاستغفار، وقد ورد ذلك في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر ربه في اليوم أكثر من سبعين مرة،كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (أخرجه البخاري) وكما في الحديث الذي رواه الأغر المزني رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله، في اليوم مائة مرة» (أخرجه مسلم) وذكر عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنهم كانوا يعدون لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلَّس الواحد مائةً مرة: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم» (أخرجه أبو داود،والترمذي، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود) هذا، مع أنه صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، " وإنما كان استغفاره صلى الله عليه وسلم شكرا لله وإعظاماً لجلَّاله سبحانه وتعالى " (انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، أبو الفضيل عياض اليحصبي).
3/ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم من أسلم من صحابته حديث الاستغفار والدعاء، فعن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: «كان الرجلَّ إذا أسلم علمه النبي الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني»» (أخرجه مسلم).
4/ أن الله جلَّ وعلا أثنى على أوليائه وعباده الصالحين وذكر من أوصافهم أنهم يستغفرون، وفي ذلك دليل على أهمية الاستغفار، يقول جلَّ شأنه: " الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ " [آل عمران:17].
5 / أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا في الصلاة - وهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين - كثيراً من الاستغفار، ففي دعاء الاستفتاح:«اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب» (أخرجه البخاري ومسلم) وفي الركوع والسجود: «سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي» (أخرجه البخاري ومسلم) وبين السجدتين: «رب اغفر لي رب اغفر لي» (أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد في مسنده وصححه الألباني، مشكاة المصابيح) وقبل السلام: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت» (أخرجه البخاري ومسلم) ولما سأله الصديق رضى الله عنه عن دعاء يدعو به في صلاته قال صلى الله عليه وسلم: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» (أخرجه مسلم) كل هذا داخل في الصلاة، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول بعد السلام: «أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله » (أخرجه مسلم).
6/ الاستغفار من الأسباب التي تحصل بها المغفرة ؛ فقد استنتج الحافظ بن رجب رحمه الله الأسباب التي تحصل بها مغفرة الذنوب للعبد المسلم من الحديث القدسي المروي عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة» (أخرجه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي) وأهم الأسباب هي:
1/ الدعاء مع الرجاء، فإن الدعاء مأمور به، وموعود بالإجابة، كما قال تعالى: " وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " [غافر 60].
فإنه من أعظم أسباب المغفرة أن العبد إذا أذنب ذنباً لم يرج مغفرته من غير ربه، ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره.
2/ الاستغفار، ولو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء، وهو السحاب، وقيل: ما انتهى إليه البصر منها.
(3/ التوحيد، وهو السبب الأعظم، فمن فقده فقد المغفرة، ومن جاء به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " [النساء:48] (للاستزادة انظر: جامع العلوم والحكم، ابن رجب).
مختارات