" العناية بالشباب "
" العناية بالشباب "
وديننا الإسلامي اهتم بتنشئة الشباب اهتمامًا بالغًا؛ لأنهم هم الرجال في المستقبل، وهم الذين سيخلفون آباءهم، ويرثونهم، ويقومون بدورهم في الحياة. فمن توجيهات الإسلام إلى العناية بالشباب: أولا: اختيار الزوجة الصالحة:
التي هي منبت الأولاد، وهي موضع الحرث الذي ينبت فيه الأولاد؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اختيار الزوجة الصالحة، وقال صلى الله عليه وسلم: «اظفر بذات الدين تربت يداك» لأن الزوجة الصالحة إذا رزق الله الزوج منها أولاداً فإنها توجههم وتقوم بدورها نحوهم من طفلوتهم. هذا من توجيهات الإسلام نحو الشباب.
ثانيًا: اختيار الوالد الاسم الحسن للمولود:
ومن توجيهات الإسلام نحو المولود أول ما يولد أن يختار والده الاسم الحسن؛ لأن الاسم الحسن له معنى وله مدلو؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على أن يختار الأب لولده اسمًا حسنًا، وأن يبتعد عن الأسماء المكروهة، أو الأسماء التي تدل أو تشتمل على معانٍ غير لائقة.
ثالثا: عقيقة الآباء عن أبنائهم:
ومن توجيهات الإسلام نحو الشباب أن وجه آباءهم إلى أن يعقوا عنهم، أي يذبحوا عنهم العقيقة، لأنَّها سنة مؤكدة، ولها تأثير طيب على الطفل، وهي ليست لمجرد تحصيل اللحم والفرح، وهذا مما يدل على عناية الإسلام بالشباب أول نشأتهم.
رابعا: الاهتمام بتربية الشباب:
ومن عناية الإسلام بالشباب الاهتمام بتربيتهم إذا بلغوا سن التمييز، وصار عندهم الإدراك، فحينئذ يُبْدأ بتوجيههم إلى الدين؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع». وهذا مما يدل على أن الإسلام يهتم بالشباب، ويتطور معهم في التوجيه من سن إلى أخرى، حسب استطاعتهم ومداركهم.
كذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». فالمولود يولد على الفطرة، وهذه الفطرة إذا ما حافظ عليها أبواه، ووجهاها إلى الخير، اتجهت نحو الخير؛ لأنها تربة صالحة. أما إذا انحرف الأبوان في تربية الطفل، فإن فطرته تفسد وتنحرف بحسب تربية الوالد؛ فإن كان الوالد يهوديًّا أو نصرانيًا أو مجوسيًا، نشأ الطفل على هذه الديانة الخبيثة، وفسدت فطرته، أما إذا كان أبوه مسلمًا صالحًا، فإنه يحافظ على هذه الفطرة التي أودعها الله في هذا الطفل، وينميها، ويزكيها، ويتعهدها.
خامسا: وجوب بر الولد بوالديه:
ومما يدل على الاهتمام بأمر الشباب من سن مبكرة أن الله تعالى أمر الولد حينما يدرك والداه أو أحدهما الكِبَرَ أن يُحسِن إليهما، أو إلى الموجود منهما، وأَنْ يتذكَّر تربيتهما له يوم أن كان صغيرًا، قال جل شأنه: " إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " [الإسراء الآيتان: 23، 24]. فموضع الشاهد من الآيتين هو: قوله تعالى: " كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " فتربية الوالدين لولدهما نعمة وإحسان إليه، يجب أن يكافئ عليها والديه. وليس المراد بالتربية، التربية الجسمية فقط، التي هي عبارة عن توفير الطعام والشراب، هذه تربية بهيمية إن اقتصر عليها، لكن الأهم من ذلك التربية المعنوية، التي هي المحافظة على فطرته السليمة، وتوجيهها إلى الخير، وغرس الخير في نفسه، وتنشئتها عليه. هذه هي التربية المفيدة التي تبقى آثارها على المولود وتنمو معه وتصاحبه.
أما التربية الجسمية فقط، فهذه أقرب إلى إفساده منها إلى إصلاحه؛ لأن الطفل إذا أُغدق عليه الطعام والشراب والشهوات، وأُهمل جانب التربية الصحيحة له، فإن ذلك مما يدعوه إلى أن ينشأ نشأة بهيمية.
أما إذا رُبى التربيتين: التربية الجسمية؛ لأن التربية الجسمية لابد منها في حدود المعقول، وفي حدود المشروع، من غير إسراف ولا تبذير وإلى جانبها التربية المعنوية؛ فإن ذلك هو الخير الكثير الذي يتذكره الولد عندما يدرك إحسان والديه إليه فيقول كما أمر الله: " رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " [الإسراء الآية: 24].
مختارات