" ثالثًا : قرارات البشر "
" ثالثًا: قرارات البشر "
يقول الله تعالى عما قاله هود عليه السلام لقومه: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: 56].
هكذا قام هود عليه السلام بتعليم قومه..عندما قالوا: (ما جئتنا ببينة)..فرد عليهم: ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ﴾..أي أن من بينته عليه السلام، أن أحدًا منهم لا يستطيع أن ينال منه شيئًا أبدًا رغم طلبه منهم أن يكيدوه جميعًا وأصنامهم، ذلك لأن كل أفكار كيدهم مهما بلغت فإنها لا تعجز الله وليس لهم أن يتخذوا قرارًا إلا أن يأذن به الله «ولو اجتمعت الأمة على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» [صحيح الترمذي].
وحتى لا يظن أحد أن هودًا عليه السلام قال ذلك تكبرًا وتعاظمًا فإنه أعلمهم بالسر فيما يقول:﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
قال القرطبي رحمه الله: وهذا القول – من هود عليه السلام – مع كثرة الأعداء يدل على كمال الثقة بنصر الله تعالى...﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ أي يصرفها كيف يشاء، ويمنعها مما يشاء... قال الحكيم الترمذي: ولهذا قويت الرسل وصاروا من أولي العزم..﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي أن الله جل ثناؤه وإن كان يقدر على كل شيء فإنه لا يأخذهم إلا بالحق. أ.هـ (تفسير القرطبي).
فماذا رأى الإنسان اليوم؟الآن يرون (هذا بحث مقدم من د/كيث. إل. مور (وكان رئيسًا لجامعة تورنتو) أن ناصية الإنسان (جبهته) هي مركز التخطيط واتخاذ القرار) أن ناصية الإنسان هي مركز التخطيط واتخاذ القرار، وهي مركز الكذب وارتكاب الخطيئة.
* وعندما أنزل الله تعالى غضبه على الكافر أبي لهب وامرأته في قوله تعالى ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾.
فكان من الممكن لأبي لهب أو امرأته، أو أي مشرك أو منافق أن يكذب ذلك بمجرد أن يدعي إسلام أبي لهب، أو امرأته، في الوقت الذي دخل معظم أعداء الإسلام في الإسلام.
ولكن ليس هذا قرارًا من محمد صلى الله عليه وسلم، يمكن لأي كافر أن يتخذ قرارًا ضده، أو يدعي ذلك، إنما الأمر فقط من عند الله الغالب على أمره، والذي بيده ناصية ولسان أبي لهب، وكل أحد من الناس.
وسبحان الله رب العالمين.
وهنيئًا.. لمن يخبت لله الواحد القهار، ويستجيب وينيب لله الرحمن القائل سبحانه ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الزمر:5 53-54].
* دعاء مستجاب:
«اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك. سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي» ما من عبد مسلم يقول هذا الدعاء «إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحًا» [رواه أحمد بإسناد صحيح] (السلسة الصحيحة).
مختارات