يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
بطولة الإنسان أن يعدّ العدة للغد وأن يعيش المستقبل:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا، آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19) ﴾
(سورة الحشر)
أيها الأخوة، فرق العلماء بين الأذكياء والأغبياء، الفرق أن الأغبياء يعيشون الماضي، والأذكياء يعيشون المستقبل، ووازن أنت بين إنسانيين إنسان يفكر في مواجهة التحديات المستقبلية، وإنسان يتغنى بالماضي وواقعه سيئ جداً، أيهما أذكى؟ فالله عز وجل في هذه الآية يلفت نظرنا هل أعددت العدة لساعة الموت؟ هل أعددت العدة يوم تنتقل من بيت إلى قبر؟ هل أعددت العدة حينما تنقطع الشهوات كلها؟ لا في زوجة، ولا في أهل، ولا في أولاد، ولا في مكتب تجاري، ولا في سفر، لا في نزهات، لا في ولائم، لا في سفرات، لا يوجد إلا القبر، هذا القبر هل يستطيع واحد منا أن ينكر الموت؟ البطولة أن تعد العدة للغد وأن تعيش المستقبل، فأن تعيش المستقبل دليل العقل، وأن تعيش الماضي دليل ضيق الأفق، الماضي ماذا يفعل؟ إنسان لا ينام الليل لألم ألمّ به من أسنانه، لو تذكر ألف وليمة أكل منها أطيب الطعام هذا التذكر هل ينهي الألم الحالي؟ فالبطولة أن تعيش المستقبل.
عدم ارتقاء الإنسان عند ربه إلا بعمل صالح ليس له منه نفع إطلاقاً:
أنا حينما أُسأل من قبل خالق السماوات والأرض، عبدي منحتك نعمة الإيجاد، نعمة الإمداد، نعمة الهدى والرشاد، ماذا فعلت؟ أنت لاحظ قد يكون مجمل أعمالك متعلقة بمصالحك، هذه الأعمال المتعلقة بالمصالح لا ترقى بها، لا ترقى إلا بعمل خالص لوجه الله ليس لك منه نفع إطلاقاً، ابتغيت عملاً ترجو به رضا الله عز وجل، أنت وزنك عند الله بوزن أعمالك الصالحة، حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، والبطولة أن تعيش المستقبل لا أن تعيش الماضي، أخطر حدث مستقبلي هو الموت:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
(سورة الملك الآية: 2)
الإنسان بالدنيا أمام خيارات كثيرة أما عند الموت هو بين خيارين لا ثالث لهما:
قدم الموت على الحياة تقديم أهمية لأن الإنسان حينما يولد أمام مليون خيار، أما إذا جاءه ملك الموت أمام مصيرين لا ثالث لهما:
(فو لذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار)
[الجامع الصغير]
يعني حينما ألمح جنازة أقول إما إلى جنة وإما إلى نار والعمل ختم وانتهى الأمر، ووصل مع الله إلى طريق مسدود إما إلى جنة وإما إلى نار، فهذه الآية تذكرنا بتقوى الله أي بطاعته بأن نجعل بيننا وبين العقاب وقاية، بيننا وبين غضب الله وقاية، بيننا وبين سخط الله وقاية، بيننا وبين عذاب النار وقاية، اتقوا الله:
(اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ)
[أخرجه البخاري ومسلم عن عديّ بن حاتم رضي اللّه عنه]
حجم كل إنسان عند ربه بحجم عمله الصالح:
﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (18) ﴾
(سورة الحشر)
ماذا قدمت؟ تصور للتقريب يعني عملت زينة في بيتك لكن فيها ذوق عال جداً، هل تستطيع بهذا العمل أن تتقرب إلى الله يوم القيامة؟ مرة أخ كريم التقينا فطلب سهرة أسبوعية بقينا شهرين أو ثلاثة كل خميس نعمل سهرة، فهذا الأخ الكريم عنده معمل، وضعه المادي جيد جداً، وعنده أذواق في دنياه تفوق حدّ الخيال، بيته، ترتيب بيته، سيارات، سفرياته كل صيفية إلى أوربا، فأخبرني ابنه في صبيحة أحد الأيام أنه توفي، والتعزية في الجامع الفلاني، ذهبت لحضور صلاة الجنازة فإذا بأحد علماء دمشق كان يحضر عنده فأبنه، أنا تأبينه صعقني، قال يا أخوان أخوكم أبو فلان كان مؤذناً ترحموا عليه، لا يوجد كلمة ثانية، لا يوجد جملة، تعلمت من هذا درساً بليغاً، يعني اعمل عملاً يحكى بعد الوفاة خمس دقائق، عشر دقائق، كان مؤذناً ترحموا عليه، فعلاً كان مؤذناً غير محترف، طبعاً كلما يصلي عندنا أكلفه أن يقيم الصلاة ويؤذن هو، لكن أناقته، بيته، سفرياته، وضعه المادي، هذا هل يستطيع أن يتقرب به إلى الله؟ أنت بحاجة إلى عمل ليس له علاقة بحياتك أبداً، لا بدخلك، ولا بأهلك، ولا بأولادك، أنت بحاجة إلى عمل تبتغي به وجه الله، يا رب أطعمت المساكين، يا رب أنشأت معهداً شرعياً، يا رب أنشأت ميتماً، يا رب أنشأت جمعية خيرية، يا رب أطعمت كل من بحاجة إلى إطعام، هل لك عمل ترقى به يوم القيامة؟ حجمك عند الله بحجم عملك الصالح.
على كل مؤمن أن يدعو إلى الله و يقنع من حوله بالدين الصحيح:
بهذا العمر المديد ما خطر في بالك مرة تحاول أن تقنع إنساناً بالدين ممن حولك، لك أخوات، لك أولاد، لك أخوة، لك أصدقاء، لك جيران، لك أصحاب، لك زملاء بالعمل، ما فكرت أن تدعو واحداً إلى الجامع؟ أن تعطي إنساناً شريطاً؟ أن تقنع شخصاً بتحجيب زوجته؟ النمط الحالي نمط الانسحاب من المجتمع، تأتي ابنة أخيه بأبهى زي، بأفضح ألبسة، يرحب بها ويثني على شبابها وجمالها، إن شاء الله أنت في الجامعة، لا يخطر بباله أن هذه ابنة أخيه هذا اللباس لا يليق بمسلم لا يليق بأخيه أبداً، ما في نصيحة، لذلك بنو إسرائيل أحد أسباب هلاكهم:
﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ (79) ﴾
(سورة المائدة)
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق:
من يفكر يقدم نصيحة؟ من يفكر يدعو إلى الله؟ من يفكر يقنع الناس بالدين؟ من يفكر يتفقد الأرامل برمضان؟ والله هناك أسر تذهب إلى أعالي الجبل تبحث عن الفقراء، أنت بحاجة إلى عمل ليس له أي مردود لك، لوجه الله، هذا العمل الذي يرقى بك، فالطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، والله مليار عمل صالح بين يديك ولو كنت فقيراً، ألا تستطيع أن تنصح.
أحد أخوانا الكرام غير متعلم، تاقت نفسه إلى الدعوة جمع مئة شريط وعمل قوائم لأقربائه يعير هذه الأشرطة إلى أقربائه، وبالتسلسل يعطيه الشريط لأسبوع ثم يطالبه به حتى يسمعه يعطيه لغيره، خلال عدة سنوات صار في عشرين شخصاً من أقربائه، هذا غير متعلم عن طريق شريط، ما عندك إمكان تفكر بغيرك، تطلع من ذاتك تخدم الناس، تحل مشكلة الناس، يأتي أخ يقول أنا أعمل بالكهرباء يلزم أي خدمة؟ بارك الله بك، هذا يملك خبرة بالكهرباء يمكن أن يقدم شيئاً لهذه الثانوية أو لهذا الجامع، فكر أن تعمل عملاً حقيقياً، تقول أنا أحضر دروساً، هذا الحضور لتلقي التعليمات، ماذا فعلت بالتعليمات هل نفذتها؟ حضور الدروس لا يكفي.
الله عز وجل خبير بما يعمل كل إنسان:
لك عمل إذا شخص واجه الله عز وجل يا رب هذا العمل ابتغيت به رضاك ولا يصل منه إليّ شيء أبتغي به وجه الله، فهناك إنسان لا يتحرك إلا بأجر، لا يتحرك إلا بثناء، لا يقدم شيئاً إلا برخامة، المحسن الكبير، و هناك إنسان يرى أن الله يعلم السر وأخفى، بينك وبين نفسك أنت بحاجة إلى تأمل، بعد صلاة الفجر ماذا قدمت للموت؟ ماذا قدمت لهذا القبر؟ الإنسان بثانية يكون شخصاً يصبح خبراً، بثانية:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ (18) ﴾
(سورة الحشر)
تقول أنا عملت كذا وكذا الجواب:
﴿ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18) ﴾
(سورة الحشر)
لك أن تقول ما شئت، لك أن تقنع معظم الناس لبعض الوقت، ولك أن تقنع بعض الناس لكل الوقت، أما أن تقنع كل الناس لكل الوقت هذا مستحيل، أما أن تعمل عملاً مع الله عز وجل وتبتغي به الدنيا هذا مستحيل الله يعلم.
أربعة أدعية خطيرة:
مرة قرأت كتاباً له مقدمة، يوجد بالمقدمة أربعة أدعية والله قرأتها ينخلع القلب لها:
الدعاء الأول:
" اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعد مما علمتني مني ".
أنا أتعلم، أقرأ تفسيراً، أقرأ حديثاً، أتقن شرح الحديث، أتقن تعميق مفهومه، أتقن، أتقن، لكني لا أطبقه، يأتي أخ يستمع لهذا الشرح ويطبقه، ويقطف ثماره، فيكون أسعد منك بما علمت.
" اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد اسعد مما علمتني مني ".
هذه أكبر مصيبة أن تتعلم ولا تطبق وغيرك لم يتعلم لكنه طبق فقطف ثمار هذا الدين.
الدعاء الثاني:
" اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك ".
مرة كنت في مسجد في صلاة الجمعة، حينما خرجنا من المسجد إنسان بثياب بيضاء، ويتعطر بعطر معين، ويمسك مسبحة تركواز، كل شيء يرتديه في أعلى مستوى، نمشي نحن في اتجاه سيارته وصلنا إلى سيارته والعياذ بالله زوجته تكاد تكون عارية، وهو بثياب بيضاء، ويتعطر بعطر المسك، ويمسك مسبحة تركواز، مع هذه الزوجة لا يتناسبوا، فلذلك " اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك ".
الدعاء الثالث:
" اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولاً فيه رضاك، ألتمس به أحداً سواك ".
أحياناً تتكلم بالحق لكن تبتغي بهذا الحق أن ترضي زيداً أو عبيداً فقدت النية الطيبة.
الدعاء الرابع:
آخر دعاء، وهو أخطر واحد:
" اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك ".
لا أكون أنا قصة، كنت أقول دائماً بالمسرحية هناك خشبة مسرح وهناك مشاهدون، فالمستقيم له محل مع المشاهدين، ويرى على خشبة المسرح ما هبّ ودب، إذا الإنسان ما استقام يجر على خشبة المسرح ويتلقى ضرباً مبرحاً فيصبح قصة، البطولة أن تكون مع المشاهدين فقط، تستمع كل يوم إلى أخبار لا تنتهي، ما دمت مستقيماً لك من الله حفظ، لكن إذا ما في استقامة تصبح أنت قصة، تصبح أنت حديث القوم، قال تعالى:
﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ (19) ﴾
(سورة سبأ)
كانوا أشخاص فجعلناهم أحاديث.
على كل إنسان أن يفكر كل صباح بالعمل الصالح الذي سيقدمه بين يدي الله عز وجل:
أربعة أدعية أعيدها مرة ثانية:
" اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد أسعد مما علمتني مني ".
" اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك ".
" اللهم إني أعوذ بك أن أقول قولاً فيه رضاك، ألتمس به أحداً سواك ".
" اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك ".
فكر جدياً كل صباح ما العمل الصالح الذي يمكن أن تقدمه لله؟ بين يدي الله أو عند القبر:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ (18) ﴾
(سورة الحشر)
من نسي الله تعالى نسي نفسه:
هذا الأمر:
﴿ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ (19) ﴾
(سورة الحشر)
بعضهم قال أنساهم نسيان الله أنفسهم، لما نسوا الله هذا النسيان الإرادي، لم يعبأ بالدين، لم يبالِ لا بآية ولا بحديث ولا بحكم شرعي، هذا حرام قال لك: لا تدقق الله غفور رحيم، من هنا ليوم الحساب يفرجها الله، وضع رأسك مع الرؤوس وقل يا قطاع الرؤوس، هذا كلام العوام، فهذا الذي لا يبالي بالآيات، بالأحاديث، بالوعد بالوعيد، هذا الإنسان لأنه نسي الله فنسي من هو.
الإنسان هو المخلوق الأول رتبة لأنه قبِل حمل الأمانة:
من أنت؟ أنت المخلوق الأول، أنت المخلوق الذي أدى ما عليه صار فوق الملائكة، رُكِّب الملَك من عقلٍ بلا شهوة، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان، أنت من؟ أنت المخلوق الأول رتبة، أنت الذي سخر الله لك ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، لأنك من بني البشر حينما عرض الله الأمانة على كل الخلائق أشفقن منها وحملها الإنسان، هل بحمله إياها كان ظلوماً جهولاً؟ لا كان طموحاً، أما إذا قبل حمل الأمانة ولم يؤدِ الأمانة كان ظلوماً جهولاً.
من نسي سرّ وجوده في الدنيا نسي نفسه:
أنت حينما تنسى الله تنسى من أنت، تنسى لماذا أنت في الدنيا؟ تنسى ما سر وجودك في الدنيا؟ تنسى ماذا ينفعك عند الموت؟
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ (19) ﴾
(سورة الحشر)
لماذا نسوا الله؟ من أجل شهواتهم:
﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19) ﴾
(سورة الحشر)
من أجل أن يعيش كما يريد، أن يمتع نظره بمحاسن النساء، أن يأكل ما لذّ وطاب، أن يصاحب الأقوياء لينتفع منهم، يعيش لشهواته:
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19) ﴾
(سورة الحشر)
العاقل من أعدّ العدة قبل أن يلقى الله عز وجل:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (19) ﴾
(سورة الحشر)
يعني هذا البيت سوف تتركه، هذا المنصب سوف تتركه، هذه الزوجة سوف تتركها، هذا المكتب التجاري سوف تتركه، هذه المركبة سوف تتركها، أنت حينما تدخل في القبر ماذا أعددت لهذا اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18) ﴾
(سورة الحشر)
﴿ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾
(سورة غافر)
يعلم النوايا الحقيقة لهذا العمل.
الفاسق إنسان لا يعبأ بالدين ولا بالقرآن ولا بالوعد والوعيد:
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ (19) ﴾
(سورة الحشر)
لم يعبأ بالدين، ولا بالوعد، ولا بالوعيد، ولا بالقرآن، ولا بالسنة، ولا بالأحكام الشرعية، هذه حرام، يا أخي لا تدقق الله غفور رحيم:
﴿ فَأَنْسَاهُمْ (19) ﴾
(سورة الحشر)
نسيانهم لله أنفسهم، نسي مكانته عند الله، نسي أنه المخلوق الأول، نسي أنه مكلف، نسي أن الله أعطاه الكون، أعطاه العقل، أعطاه الفطرة، أعطاه المنهج، أعطاه الشهوات ليرقى بها إلى رب الأرض والسماوات:
﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19) ﴾
(سورة الحشر)
بطولة الإنسان أن يتكيف مع المستقبل و أن يضع الموت نصب عينيه:
أيها الأخوة، هذه الآيات التي سوف نتابع شرحها في رمضان ثلاثون آية مختارة من ثلاثة وثمانين آية، وكل آية في موضوع، هذه الآية متعلقة بالمستقبل، البارحة الآية متعلقة بالآداب، البطولة أن تعيش المستقبل، الذكاء في أدق تعريفاته هو: التكيف مع المستقبل، أحد أخوانا الكرام كان تلميذاً لعالم جليل في هذه البلدة يقول لي: من خمس سنوات اشترى قبراً وكل خميس يزور قبره، يا بني هنا المصير طبعاً في شاهدة لكن التاريخ فارغ، هذا مصيري، طبعاً تأخذ دكتوراه وأنت تفكر بالموت، تعمل أكبر مؤسسة وفق منهج الله، الإسلام عمل، الإسلام عطاء، الإسلام تفوق، أنت نواياك طيبة جداً، أنت في خدمة المسلمين، أنت تقوي المسلمين بعلمك، بمالك، بمنصبك، لكن وفق المنهج تتحرك، الموت يمنعك أن تنحرف لا سمح الله.
أيها الأخوة، هذه الآية دقيقة جداً، هذه الآيات الثلاثون أتمنى أن تكتب تباعاً بأوراق، وأن تفكر كل يوم بآية من الآيات تقرأ شرحها، أو تستمع إلى شرحها وتحاول أن تقف الموقف المناسب من هذه الآية، هذه الآية متعلقة بالمستقبل، هل يستطيع أحدنا وأنا معكم أن يستيقظ كل يوم إلى ما شاء الله كاليوم السابق؟ مستحيل، هناك ألم يبدأ، هذه بوابة الخروج، هذا مرض الموت، بوابة الخروج أحياناً من القلب، أحياناً الدماغ، أحياناً من الكلية، أحياناً من الكبد، أحياناً بحادث، هناك بوابة خروج دائماً أن تعيش هذه البوابة شيء وأن تفكر بها شيء آخر، التفكير بها سهل والموت سهل لكن ما عندك ولا مشكلة صحية، الله عز وجل يتوب علينا، أما لا سمح الله ولا قدر لما يكون إنسان شارف على الموت ما عاد يتكلم، ما عاد يفكر بشيء، فالبطولة أن تعيش المستقبل، وهذه الآية آية المستقبل:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(19) ﴾
(سورة الحشر)
والحمد لله رب العالمين
مختارات