يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الأمة إذا استجابت لدعوة الله عز وجل كانت خير أمة أخرجت للناس:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24) ﴾
(سورة الأنفال)
النقطة الأولى أن الإنسان بين حالين يأتيه نداء من الله عز وجل، تأتيه دعوة من الله ليصلي، دعوة ليصوم، دعوة ليحج بيت الله الحرام، دعوة ليؤدي زكاة ماله، دعوة ليكون صادقاً، دعوة ليكون أميناً، هذا الإنسان إما أن يستجيب وإما أن لا يستجيب، بمجموع الأمة إذا استجابت لدعوة الله عز وجل كانت خير أمة أخرجت للناس قال تعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
(سورة آل عمران الآية: 110)
علة هذه الخيرية:
﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110) ﴾
(سورة آل عمران)
الحياة علامة الإيمان والموت علامة الكفر والعصيان:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) ﴾
(سورة القصص)
المعنى دقيق طريقان لا ثالث لهما إما أن تستجيب لله عز وجل، أو أنك تستجيب لأهوائك، لابدّ من أن تستجيب، إما أن تستجيب لله ولرسوله، إذا دعاك الله ورسوله لتكون حياً، علامة الإيمان الحياة أو الحياة علامة الإيمان، والموت علامة الكفر والعصيان:
﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) ﴾
(سورة فاطر)
هم أحياء ليسوا في القبور لكنهم في قبر شهوتهم، في قبر حبهم للمال، في قبر مصلحتهم:
﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) ﴾
(سورة فاطر)
من لم يعرف ربه إنسان شارد لا قيمة له عند الله:
آية ثانية:
﴿ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء ﴾
(سورة النحل الآية: 21)
الإنسان إن لم يعرف ربه ميت، كتلة من اللحم والدم، يبحث عن شهوته، يبحث عن مصالحه، هذا شأن الإنسان الشارد عن الله، فالإنسان إذا دعاه الله عز وجل من أجل أن يكون حياً هذه حياة النفس، حياة القلب، حياة الصلة بالله، حياة معرفة الله، حياة الخضوع لله، حياة القرب من الله، حياة السعادة بطاعة الله، هذه الحياة
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
***
قال سيدنا علي رضي الله عنه: يا بني العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، يا بني مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة.
مرة قرأت خبراً في الصحيفة أن سائق تكسي أشرت له إنسانة أن يقف فوقف، فلما دخلت إلى المركبة سألها إلى أين؟ قالت له خذني إلى أي مكان تشاء، فهم عليها وقضى وطره منها، أعطته ظرفاً فيه رسالة، مضمون هذه الرسالة مرحباً بك في نادي الإيدز وانتهى، لو أنه حضر مجلس علم فإذا قالت له خذني إلى مكان تشاء فتح الباب وركلها بقدمه ونجا بنفسه.
إنسان آخر بكى أمامي زوجتي تخونني، قلت: مع من؟ قال: مع جاري، كيف عرفها جارك؟ قال: مرة زارني الجار، وأنا أشفقت عليها أن تبقى وحدها في غرفتها، فدعوتها إلى أن تسهر معنا، أنت لو حضرت درس علم واحد وتعلم حرمة الاختلاط ما فعلت هذا.
يا بني العلم خير من المال، لأن العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق.
إن استجبنا لله كنّا خير أمة أخرجت للناس فإن لم نستجب له لا وزن لنا عند الله:
لذلك الله عز وجل يدعونا للحياة، لحياة أبدية، حياة الجسم تنتهي عند الموت، يدعونا لحياة أبدية، يدعونا لجنة عرضها السماوات والأرض، يدعونا لدار السلام، يدعونا للسعادة، يدعونا ليرحمنا:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا (24) ﴾
(سورة الأنفال)
لذلك العلماء قالوا: هذه الأمة إن استجابت فهي أمة الاستجابة إذاً كما قال الله عز وجل:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾
(سورة آل عمران الآية: 110)
أما إن لم تستجب فهي أمة كأي أمة خلقها الله عز وجل لا وزن لها عند الله، مليار وخمسمئة مليون تملك ثروات لا يعلمها إلا الله ليست لها، كلها تؤخذ منها، تملك موقعاً استراتيجياً ليس له مثيل، تملك مقومات وحدتها، الدماء تسيل بين أبنائها، تملك المقومات، الدين، واللغة، والعرق، والأهداف، والآلام، والآمال، تملك مقومات الوحدة هم يتصارعون، ويتقاتلون، وبينهم قواسم مشتركة، خمسة وتسعون بالمئة.
من هان أمر الله عليه هان على الله:
لذلك أيها الأخوة إن استجبنا كنا خير أمة أخرجت للناس فإن لم نستجب فهي أمة كأي أمة خلقها الله عز وجل لا وزن لنا عند الله، لا شأن لنا عند الله، هان أمر الله علينا فهنا على الله عز وجل:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ (24) ﴾
(سورة الأنفال)
أي استجيبوا لله في قرآنه، واستجيبوا للرسول في سنته:
﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ (24) ﴾
(سورة الأنفال)
دعاك لحياة القلب، دعاك كي تتصل به، دعاك أن تكون وليه، دعاك ليدافع عنك، دعاك ليرحمك، دعاك لينصرك، دعاك ليؤيدك، دعاك ليحفظك، دعاك ليسعدك:
﴿ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24) ﴾
(سورة الأنفال)
أي الله عز وجل إن تكلمت فهو يسمعك، وإن تحركت فهو يراك، وإن أضمرت شيئاً فهو يعلمه، أقرب إليك من حبل الوريد، أقرب إليك من الحياة، أنت حي ؛ الله بينك وبين الحياة.
من استجاب لله عز وجل استجاب الله له:
لذلك أيها الأخوة دعوة ثانية:
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) ﴾
(سورة البقرة)
لكن متى أجيب دعوة الداع إذا دعان؟ متى يكون المؤمن مستجاب الدعوة؟ قال تعالى:
﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي (186) ﴾
(سورة البقرة)
استجب لله حتى يستجيب لك، عبدي كن لي كما أريد أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد، ولا تعلمني بما يصلحك، أنت تريد، وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك وما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد.
الاستجابة لله عز وجل تحتاج إلى معرفة به:
دعوة ثانية لتكون مستجاب الدعوة وهذا مقام عند الله رفيع مستجاب الدعوة قال تعالى:
﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي (186) ﴾
(سورة البقرة)
استجب له ليستجب لك، كن معه ليكون معك، انصر دينه لينصرك، شيء بلا ثمن لا يوجد، ألا إن سلعة الله غالية:
﴿ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي (186) ﴾
(سورة البقرة)
ثمن هذه الاستجابة:
﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي (186) ﴾
(سورة البقرة)
لكن الاستجابة لله تحتاج إلى معرفة:
﴿ وَلْيُؤْمِنُوا بِي (186) ﴾
(سورة البقرة)
تعرفه فتستجيب له فيستجيب لك.
الشدة من الله عز وجل رحمة بالعبد ليعود إلى الطريق المستقيم:
لازلنا في موضوع الاستجابة، شيء رائع جداً وأنت في مأمن، وأنت في صحة، وأنت في شبابك، وأنت في قدرتك، وأنت في غناك، لا يوجد عندك ولا مشكلة أن تستجيب لله هذه بطولة، لكن لا يوجد مانع أيضاً أن الله سبحانه وتعالى رحمة بك إذا ساق لك شدة أن تستجيب بعد ذلك لا يوجد مانع:
﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ (172)﴾
(سورة آل عمران)
أنا أتصور لو دخلت إلى مسجد رأيت فيه ألف إنسان، أنا أتصور سبعمئة من هؤلاء جاؤوا إلى بيت الله بعد أن اصطلحوا مع الله، بسبب معالجة ربانية حكيمة ألمت بهم، الله خبير، معنى خبير يعرف مكان الألم، يعرف كيف يحملك على طاعته.
المعالجة الإلهية للعبد رحمة من الله تعالى:
لذلك هناك آية دقيقة جداً:
﴿ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا (118) ﴾
(سورة التوبة)
ما معنى تاب عليهم؟ أي جاءت هذه الشدة قبل أن يتوبوا، أي ساق لهم من الشدائد ما حملهم بها على التوبة، الله عز وجل يعلم كل عبد ما الذي يلجئه إليه، هناك إنسان بالمال، إنسان بالصحة، إنسان بالمكانة الاجتماعية، فالله يسوق لك بعض الشدائد، يسوق هذه الشدائد من أجل أن تتوب، فإذا ساق لك شدة وتبت بعدها عرفت قيمة هذه المعالجة الإلهية، أعرف رجلاً بعيداً عن الله كثيراً وقد شرد عن الله هو وزوجته، عندهما فتاة أخذت جزءاً من عقليهما، أصيبت بمرض، المرض خبيث، ما تركا وسيلة لمعالجتها إلا سلكاها، باع بيته سافر بها إلى بريطانيا، ثم جاء الأب خاطر أنه لو تاب إلى الله، واصطلح معه، وحجب زوجته، لعل الله يشفيها، هذا الذي فعله، بعد حين تراجع المرض، حدثني عن قصته أثناء مرضها وبعد سنوات عديدة يمكن عشر سنوات دعاني لحضور عقد قران ابنته تلك، ألقيت كلمة في هذا العقد فلما انتهت كلمتي أردت أن أخرج قبل الوقت، رافقني إلى باب المكان، خطر في بالي من هذه البنت الذي حضرت عقد قرانها لعلها هي، قلت لها هي هي، قال هي هي، والله بكيت، قلت: يا رب سقت هذا المرض لابنته، نقطة ضعفه ابنته فكان هذا المرض سبب توبته هو وزوجته، وبعد ذلك الله شفاها وحضرت عقد قرانها، هكذا فعل الله عز وجل يسوق الشدائد ليحملنا على طاعته.
من كان ضمن العناية الإلهية المشددة فهو إنسان قابل للشفاء و التوبة:
أنا أقول لكم حينما يسوق الله لك شدة اعلم أنك مكرم عنده، أي أنت في العناية المشددة، أنت قابل للشفاء، بالضبط إنسان معه قرحة معدة شديدة، التهاب معدة حاد، وله طبيب يحبه أعطاه حمية صارمة، وهناك مريض آخر معه ورم خبيث بكل أحشائه، الأول سأل الطبيب ماذا آكل؟ أعطاه حمية قاسية جداً، الثاني قال له كُلْ ما شئت، أيهما أفضل؟ الذي قيل له كل ما شئت أم الذي أعطي حمية قاسية جداً؟ هذا شأن المؤمن فإذا الله عز وجل ساق لبعض عباده المؤمنين مصيبة ليست عن بغض من الله عز وجل عن محبة، أنت ضمن العناية المشددة أنت قابل للشفاء، هذا جبر خاطر:
﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186) ﴾
(سورة البقرة)
﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ (172)﴾
(سورة آل عمران)
أخطر شيء أن يموت قلب الإنسان فلا يستجيب لأحد:
شيء جيد أن تبادر أنت للصلح مع الله، وشيء جيد أيضاً أن تستجيب لله بعد مصيبة لكن يقول الله عز وجل:
﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ (36) ﴾
(سورة الأنعام)
والموتى لا يستجيبون، أخطر شيء أن يموت القلب ما في أمل:
﴿ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء ﴾
(سورة النحل الآية: 21)
الموتى هنا ليس معناها الذين ماتوا معناها الذين ماتت قلوبهم:
﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(36) ﴾
(سورة الأنعام)
أخطر شيء أن يموت القلب، هذا القلب يكبر ولا نرى كبره فيتضاءل أمامه كل كبير، ويصغر ولا نرى صغره فيتعاظم عليه كل حقير.
الشيطان لا يملك أي سلطة على الإنسان إنما يملك شيئاً واحداً أن يوسوس له:
لكن الخطورة البالغة أن يستجيب الإنسان للشيطان:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لي ﴾
(سورة إبراهيم الآية: 22)
لا تقول إنسان ضلّ إنساناً الذي توهمته قد أضله، لكن فلاناً عنده استعداد لهذه المعاصي، يرغب بهذه المعاصي، فلذلك:
﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ﴾
(سورة إبراهيم الآية: 22)
الشيطان لا يملك أي سلطة عليك يملك شيئاً واحداً أن يوسوس لك، أنت تقبل من شخص يرتدي أجمل الثياب وأغلى الثياب نزل بحفرة فيها ماء أسود، ماء مجاري، ثم ذهب ليدّعي على شخص آخر؟ قال له المحقق: هو دفعك إلى هذه الحفرة، قال: لا والله، قال له: أمسكك ووضعك فيها، قال: لا والله، قال: شهر عليك مسدساً، قال: لا والله، قال: لما تشتكي عليه؟ قال: قال لي انزل، مجنون أنا، هكذا الإنسان مع الشيطان:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ (22) ﴾
(سورة إبراهيم الآية: 22)
الإنسان بين طريقين إما أن يستجيب للرحمن أو أن يستجيب للشيطان:
الآن الشيء المحرج:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) ﴾
(سورة القصص)
أنت بين طريقين: إما أن تستجيب للرحمن أو لا سمح الله ولا قدر أن يستجيب الإنسان للشيطان، أقول لك دائماً إما أن تكون عبداً لله وإما أن تكون عبداً لعبد لئيم، لابد من أن تكون عبداً، إما أن تكون عبداً لله وأنت حر، وإما أن تكون عبداً لعبد لئيم، الآن إما أن تستجيب لله فتسعد بهذه الاستجابة إلى أبد الآبدين ولكن لابد من أن تستجيب ولكن إلى الشيطان:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) ﴾
(سورة القصص)
أنت بين نقطتين أنت هنا، إن اقتربت من هذه النقطة ابتعدت حكماً عن هذه، وإن اقتربت من هذه ابتعدت حكماً عن هذه، إن استجبت لله ابتعدت عن وسوسة الشيطان، إن استجبت للشيطان ابتعدت عن دعوة الله عز وجل:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) ﴾
(سورة القصص)
من اتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه:
لكن هناك ملمح بالآية دقيق جداً:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾
(سورة القصص الآية: 50)
أي ليس على وجه الأرض إنسان أضل ممن اتبع هواه، المعنى المخالف أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه، أنا أقول لكم بكل صراحة يمكن أن نتبع جميعاً أهواءنا وفق منهج الله لا شيء علينا، الله عز وجل أودع في كل إنسان حب المرأة، اشتهى المرأة فتزوج لا يوجد مشكلة إطلاقاً، بالعكس قد يقارب زوجته في الليل، ويصلي قيام الليل، ويبكي في الصلاة وفق المنهج، اشتهيت المال اشتغل بعمل شريف، اكسب المال وأنفقه على أهلك، لا يوجد حرمان بالإسلام أبداً، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل قناة نظيفة تسري خلالها:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾
(سورة القصص الآية: 50)
المعنى المخالف أن الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه، بالعكس الله يحبه، قال النبي عليه الصلاة والسلام:
(أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي)
[البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
الدين ضمان لسلامة الإنسان و ليس قيداً لحريته:
لا تتصور الدين قيود، الدين حدود، والفرق كبير بين أن تفهم أوامر الدين قيوداً وبين أن تفهمها حدوداً، قيود تحد من حريتك أما الحدود تضمن سلامتك، كلوحة حقل ألغام هل تحقد على من وضعها؟ هل تعدها قيداً لحريتك أم ضماناً لسلامتك؟ ضمان لسلامتك لكن الأمر ليس مفتوحاً:
﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ (43) ﴾
(سورة الروم)
من منا يضمن أن يعيش بعد ساعة؟ فالإنسان قد يأتيه أجله وهو على غير ما ينبغي، لذلك:
﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ (43) ﴾
(سورة الروم)
خيار الإنسان مع الإيمان خيار وقت لا خيار قبول أو رفض:
ويقول الله عز وجل:
﴿ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (32) ﴾
(سورة الروم)
الإنسان إذا ما استجاب لابد من أن يُقهر بالموت، سبحان من قهر عباده بالموت، لا يستجيب أساساً، أخطر فكرة خيارك مع مليون قضية خيار قبول أو رفض إلا مع الإيمان خيار وقت، إما أن تؤمن بالوقت المناسب أو لابدّ من أن تؤمن بعد فوات الأوان كفرعون تماماً:
﴿ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) ﴾
(سورة النازعات)
وقال:
﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي (38) ﴾
(سورة القصص)
حينما أدركه الغرق ماذا قال؟
﴿ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ (90) ﴾
(سورة يونس)
أي الإيمان حاصل يقيناً بمئة بالمئة ولكن بعد فوات الأوان، خيارك مع الإيمان خيار وقت ما خيار قبول أو رفض.
والحمد لله رب العالمين
مختارات