الخوف
من مادة خ و ف التي تدل على الذعر والفزع في اللغة العربية، خفت الشيء خوفاً وخيفة وخوّف الرجل جعل الناس يخافونه (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه) أي يجعلكم تخافون أولياءه أي يخوّفكم بأوليائه.
والخوف توقع مكروه لعلامة مظنونة أو معلومة، وهو ضد الأمن ويستعمل في الأمور الدنيوية أو الآخروية فهو توقع حلول مكروه أو فوات محبوب،اضطراب القلب وحركته أو فزعه من مكروه يناله أو محبوب يفوته.
قال ابن قدامة: اعلم أن الخوف عبارة عن تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال..
مثال ذلك: من جنى على ملك جناية ثم وقع في يده فهو يخاف القتل ويجوّز العفو " احتمالات " ولكن يكون تألم قلبه بحسب قوة علمه بالأسباب المفضية إلى قتله وتفاحش جنايته وتأثيرها عند الملك،وبحسب ضعف الأسباب يضعف الخوف،وقد يكون الخوف لا عن سبب جناية بل عن صفة الذي يُخاف عظمة وجلالاً فإنه إذا علم أن الله سبحانه وتعالى لو أهلك العالمين لم يبالي ولم يمنعه مانع فبحسب معرفة الإنسان بعيوب نفسه وبجلال الله وأنه لا يسأل عما يفعل يكون الخوف على حسب هذا فهو مطالعة القلوب لسطوات الله عزوجل ونقمه فيولد في القلب الخوف " خوف الوعيد ".
والخشية أخص من الخوف فإن الخشية للعلماء بالله (إنما يخشى الله من عباده العلماء)،خوفاً مقروناً بمعرفة..، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية)، فالخوف لعامة المؤمنين والخشية للعلماء والعارفين، وعلى حسب قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية..
فصاحب الخوف يلجأ إلى الهرب، وصاحب الخشية يلجأ إلى الاعتصام بالعلم، قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: (الخشية خوف مبني على العلم بعظمة من يخشى وكمال سلطانه)..
فإذا خفت من شخص لا تدري هل يقدر عليك أم لا فهذا خوف وإذا خفت من شخص تعلم أنه قادر عليك فهذه خشية..
قال ابن القيم – رحمه الله -: (في مثلهما مثل من لا علم له بالطب ومثل الطبيب الحاذق، فالأول يلجأ إلى الحمية والهرب لقلة معرفته والآخر يلتجئ إلى الأدوية) فالخشية خوف مبني على علم..
وقد ورد الخوف في القرآن على وجوه منها..
1- القتل والهزيمة: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف)، (ولنبلونكم بشيء من الخوف).
2- الحرب والقتال: (فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد) إذا انجلت الحرب،(فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت).
3- العلم والدراية: (فمن خاف من موصٍ جنفاً) أي علم، (إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) أي يعلما، (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) أي علمتم.
4- النّقْص: (أو يأخذهم على تخوّف).
5- الرعب والخشية من العذاب والعقوبة: (يدعون ربهم خوفاً).
قال ابن قدامة: (اعلم بأن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل لينالوا بهما رتبة القرب من الله عزوجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر)..
وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله عزوجل فإنك إذا خفته هربت إليه، فالخائف هارب من ربه إلى ربه فأين المفر..؟!!!، وما فارق الخوف قلباً إلا خربه فإذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات فيها وطرد الدنيا عنها..
فكم أطلق الخوف من سجين في لذته كانت قد استحكمت عليه سكرته وكم فك من أسير للهوى ضاعت فيه همته وكم أيقظ من غافل التحف بلحاف شهوته وكم عاق لوالديه رده الخوف عن معصيته، وكم من فاجر في لهوه قد أيقظه الخوف من رقدته، وكم من عابدٍ لله قد بكى من خشيته وكم من منيب إلى الله قطع الخوف مهجته وكم من مسافر إلى الله رافقه الخوف في رحلته وكم من محبٍّ لله ارتوت الأرض من دمعته، فلله ما أعظم الخوف لمن عرف عظيم منزلته..
والخوف ليس مقصوداً لذاته، ليس المقصود أن نخاف لأجل أن نخاف بل نخاف ليكون الخوف وسيلة تصلح أحوالنا.
لو كان الخوف مقصوداً لذاته لما ذهب عن أهل الجنة!!، لكن لما كان دخول أهل الجنة الجنّة مهياً القضية وما هو مطلوب منهم وليس فيها عمل ولا اجتهاد في العبادات ومقاومة للهوى والشهوات كان الخوف من أهلها ذاهب (لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون).
ومن خاف اليوم أمِنَ غداً.. ومن أمِن اليوم خاف غداً.
والخوف يتعلق بالأفعال، والمحبة تتعلق بالذات والصفات، ولهذا تتضاعف محبة المؤمنين لربهم إذا دخلوا دار النعيم ولا يلحقهم فيها خوف.
قال ابن رجب: (والله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ونصب الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال).
لذلك كرر الله سبحانه وتعالى ذكر النار وما أعده الله فيها لأعدائه من العذاب والنكال وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال إلى غير ذلك مما فيه من العظائم والأهوال ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه وامتثال والمسارعة إلى ما يأمر به ويحبه ويرضاه واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، فمن تأمل الكتاب الكريم وأدار فكره فيه وجد ذلك العجب العجاب وكذلك السنة الصحيحة المفسّرة للقرآن وكذلك سير السلف الصالح أهل العلم والإيمان من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، من تأملها علم أحوال القوم وما كانوا عليه من الخوف والخشية والإخبات وأن ذلك هو الذي رقاهم إلى تلك الأحوال الشريفة والمقامات الساميات من شدة الاجتهاد في الطاعة والكف عن المحرمات ودقائق الأعمال المكروهات فضلاً عن المحرمات..
الخوف منازل ودرجات..
القدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم فإن زاد على ذلك، بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والكف عن دقائق الكروهات (يعني فعل المستحبات وترك المكروه والشبهة)، كان ذلك خوفاً محموداً فإن تزايد الخوف بحيث أدّى إلى مرض أو موت أو همٍّ لازم أو قعود عن العمل بحيث يقطع السعي عن اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل لم يكن خوفاً محموداً.
بعض الناس من شدة خوفهم من العذاب والنار يصابون باليأس والاحباط والقعود عن العمل ويقولون لا فائدة!!..، ليس هذا هو المطلوب..، وهذه الزيادة مذمومة..
الخوف المطلوب: الذي يحمل على فعل المستحبات وفعل الواجبات قبلها وعلى ترك الشبهات والمكروهات وترك المحرمات قبلها وهناك خوف ضعيف أقل من هذا، لا يؤدي إلى ترك المحرمات كلها أو فعل الواجبات كلها فهو خوف ناقص..
ذكر البخاري في قوله: (باب الخوف من الله عز وجل).
قال ابن حجر: هو من المقامات العليّة وهو من لوازم الإيمان، قال الله تعالى: (وخافونِ إن كنتم مؤمنين)(فلا تخشوهم واخشونِ)(إنما يخشى الله من عباده العلماء)، وتقدم حديث (أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية)، وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه وقد وصف الله الملائكة بقوله: (يخافون ربهم من فوقهم)، والأنبياء بقوله: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله)، وإنما كان خوف المقربين أشد لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم فيراعون تلك المنزلة ولأن الواجب لله منه الشكر على المنزلة فيضاعف بالنسبة لعلو تلك المنزلة..
فالعبد إن كان مستقيماً فمن أي شيء يخاف؟!!، فخوفه من سوء العاقبة لقوله تعالى: (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه)، وكذلك يخاف من نقصان الدرجة..
وإن كان مائلاً منحرفاً وعاصياً فخوفه من سوء فعله و ينفعه ذلك مع الندم والإقلاع..
متى ينفع الخوف؟
ينفع مع الندم والإقلاع، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد أو أن يحرم التوبة أو لا يكون ممن شاء الله أن لا يغفر له.
ماحكم الخوف من الله؟
الخوف من الله واجب، وهو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب وهو فرض على كل أحد كم قال ابن القيم، إذاً يجب الخوف من الله ومن لا يخف فهو آثم.
قال ابن الوزير: (أنا الأمان فلا سبيل إليه، وهو شعار الصالحين).
أدلة وجوب الخوف
1- (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)، قال ابن سعدي –رحمه الله-: (وفي هذه الآية وجوب الخوف من الله وحده وأنه من لوازم الإيمان فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفهم من الله).
2- (وإياي فارهبون)، والأمر يقتضي الوجوب.
3- (فلا تخشوا الناس واخشون)، قال ابن سعدي: أمر الله بخشية الله التي هي رأس كل خير فمن لم يخشَ الله لم ينكفّ عن معصته ولم يمتثل أمره).
4- إن الله امتدح أهل الخوف، فقال: (الذين هم من خشية ربهم مشفقون..)(أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون).
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم).
(أولئك الذين يسارعون في الخيرات) قال الحسن: عملوا لله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم..
إن المرمن جمع إحساناً وخشية، وإن المنافق جمع إساءة وأمناً..!
5- والتخويف من عذاب الله أحد مهمات الرسل (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين) والإنذار هو الإعلام بالشيء الذي يخيف، فالإنذار في لغة العرب كما قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: الإنذار إخبار فيه تخويف كما أن التبشير إخبار فيه سرور.
وقد وصف الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه نذير في مواضع كثيرة..
- جمع قومه على الصفا وقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد (أنا النذير العريان)، وقد كان العرب إذا رأى أحدهم جيشاً يغير على قبيلته قد اقترب وهو في الخارج ولا تدري قبيلته جاء يركض ويخلع ثيابه وهو يصرخ حتى يبين لهم هول المصيبة التي ستنزل بهم وفداحة الخطر، وهذه أشد أنواع النذارات عند العرب.
- (وقل إني أنا النذير المبين).
- (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين).
- كان من أوائل أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإنذار (يا أيها المدثر قم فأنذر)، خوف الناس عذاب الله جهنم، بأس الله وانتقامه..، قال القرطبي: خوف أهل مكة وحذرهم العذاب إن لم يسلموا.
وقد وصف الله العذاب في كتابه في عدة مواضع لتحقيق الخوف في نفوس عباده ليتقوه، كما قال تعالى: (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادِ فاتقون).
قال ابن كثير: (يخوف الله عباده) إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوّف به عباده. قال: لينزجروا عن المحارم والمآثم.(يا عبادِ فاتقون) أي اخشوا بأسي وسطوتي وعذابي ونقمتي.
وبين سبحانه أن مايرسله من الآيات لتصديق الأنبياء عليهم السلام كناقة صالح إنما يرسله من أجل التخويف(وآتينا ثموداً ناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا).
كذلك الآيات الكونية كالخسوف والكسوف وغيرها.
وكذلك قال الله في البرق والرعد: (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشيء السحاب الثقال).
من فوائد الخوف
1- أن الله جعله شرطاً لحصول الإيمان (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين). قال ابن جرير: لا تخافوا أيها المؤمنين المشركين ولا يعظمن عليكم أمرهم ولا ترهبوا جمعهم مع طاعتكم إياي فأطعتموني واتبعتم أمري وإني متكلف لكم بالنصر والظفر ولكن خافوني واتقوني أن تعصوني أن تخالفوا أمري فتهلكوا إن كنتم مؤمنين فالله عزوجل أولى أن يخاف منه من الكفار والمشركين.
2- ابتلى الله الصحابة رضي الله عنهم بابتلاء عظيم ليظهر الذي لا يخاف من الذي يخاف في الصيد (يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم). ليختبرنكم الله أيها المؤمنون ببعض الصيد في حال الإحرام كي يعلم أهل طاعة الله والإيمان به المنتهون إلى حدوده وأمره ونهيه، يختبر ليظهر من الذي يخاف الله والذي لا يخافه (ليعلم الله من يخافه بالغيب)، يعني يبتليهم بالصيد يغشاهم في رحالهم، يتمكنون من أخذه بالأيدي والرماح سراً وجهراً ومحرم عليهم الصيد في الإحرام لتظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره ومن لا يطيع، أما الصحابة فنجحوا في ذلك، وأما اليهود ففشلوا عندما حرم الله عليهم الصيد يوم السبت فاستحلوا محارم الله بأدنى الحيل، فنصبوا الشباك يوم الجمعة وسحبوها يوم الحد، فلم يخافوا الله فهلكوا. فالمرء قد يتعرض أحياناً لمعصية أو شهوة والوقوع فيها يسير جداً وقد تكون الفضيحة مأمونة (ليعلم الله من يخافه بالغيب)،وكما في قصة يوسف وامرأة العزيز، هنا يكون الاختبار والبلاء.
3- الخوف من الله عبادة قامت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت نفسه عن المحرمات والمحظورات لأنه يخاف رب الأرض والسموات (ققل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين). فهو يخشى عذاب الله ولا يتعد حدوده.
4- الخوف من الله من صفات أولي الألباب (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب* الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب).الخوف من الله يدل على أن صاحبه صاحب عقل، من أولي الألباب أي راجح العقل يعرف الشيء الذي يخوّف حقاً.
ثمرات الخوف من الله
أ- في الدنيا..
1- من أسباب التمكين في الأرض، وزيادة الإيمان والطمأنينة لأنك إذا حصل لك الموعود وثقت أكثر، قال عز وجل: (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكنكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد)، إذاً الخوف من الله يؤدي إلى التمكين في الأرض والانتصار على الأعداء وأن يهلك الله عدوهم ويخزيهم ويورث المؤمنين أرضهم وديارهم.
2- يبعث على العمل الصالح والإخلاص فيه وعدم طلب المقابل في الدنيا فلا ينقص الأجر في الآخرة (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً* إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً)، (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال*رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار)، أي تضطرب وتتقلب وهذا هو الذي دفعهم للعمل، يريدون النجاة ويحذرون الهلاك ويخافون أن يأتوا وكتبهم بشمالهم.
ب - في الآخرة..
1- يجعل الإنسان في ظل العرش يوم القيامة، (ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله)، ظاهر الحديث أنه يقولها بلسانه ليزجر المرأة عن فعلها وليذكر نفسه ويصر على موقفه ولا يتراجع بعد إعلان المبادئ، (ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)، الخشية الموجبة لدمع العين تؤدي إلى أن النار لا تمس العين يوم القيامة.
2- من أسباب المغفرة، شاهد ذلك الحديث: رجل كان فيمن قبلنا عنده جهل عظيم ورزقه الله مالاً فقال لبنيه لما حضره الموت: أي أب كنت لكم؟قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيراً قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف، ففعلوا وما أسهل أن يعيده الله كما كان، قال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته..!!، فعذره الله بجهله وشفع له خوفه من ربه وإلا فالذي ينكر البعث كافر.
3- يؤدي إلى الجنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة) أي الذي يخاف من إغارة العدو وقت السحر يسير من أول الليل(أدلج) فبلغ المنزل والمأمن والمطلب، وهذا مثل ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس الأمارة بالسوء والأماني الكاذبة وأعوان إبليس، فإن تيقظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمن من الشيطان وكيده ومن قطع الطريق عليه، هذه سلعة الله التي من دخلها كان من الآمنين.
4- يرفع الخوف عن الخائف يوم القيامة: (وعزتي وجلالي، وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين، إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة).
5- سبب للنجاة من كل سوء، (ثلاث منجيات: خشية الله تعالى في السر والعلانية) فهذه الخشية هي التي تحفظ العبد وتنجيه من كل سوء لأنه قال ووعد الله لا يخلف وهذا رسوله (منجيات) وعمّم تشمل الدنيا والآخرة.
6- يصبح الإنسان ممدوحاً مثني عليه ويكفيه فخراً أن يدخل في أصحاب الأسماء والألقاب الشريفة (المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والصائمين والصائمات والقانتين والقانتات والذاكرين والذاكرات والحافظين فروجهم والحافظات) ألفاظ شريفة كانوا يسعون لحيازتها (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون).
وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى
فقلوبنا بخ موقنات أنه ماقال واقع
يبيت يجافى جنبه عن فراشه
إذا استتقلت بالمشركين المضاجع
عبد الله ين رواحة
(أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه).
(والذين هم من عذاب ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غير مأمون).
وأثنى الله على أقرب عبادة وهم الأنبياء لخوفهم منه (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً).
بل الملائكة (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون).
قال ابن القيم: من ثمرات الخوف أن يقمع الشهوات ويكدّر اللذات فتصير المعاصي المحبوبة عنده مكروهة مكدرة.
وليس المقصود تكدير اللذائذ المباحة، الرسول صلى الله عليه وسلم استمتع وهو سيد الخائفين على قدر (حبب إليه من الدنيا الطيب والنساء).
تكدر اللذات المحرمة بتذكر عذاب الله و وعيده لمن وقع فيها فتتكدر لذته المحرمة بتذكر مابها من عذاب.
قال ابن القيم –رحمه الله-: كما يصير العسل مكروهاً عند من يشتهيه إذا علم أن فيه سمّاً، فتحترق الشهوات بالخوف وتتأدب الجوارح و يذل القلب ويستكين ويفارقه الكبر والحقد والحسد ويصير مستوعب الهم لخوفه والنظر في خطر عاقبته فلا يتفرغ لغيرع ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والظنّة(البخل) بالأنفاس واللحظات ومؤاخذة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات ويكون حاله (الخائف) كم وقع في مخالب سبع ضار لا يدري أيغفل عنه فيفلت أو يهجم عليه فيهلكه ولا شغل له إلا ما وقع فيه، فقوة المراقبة والمحاسبة بحسب قوة الخوف وقوة المعرفة بجلال الله تعالى وصفاته وبعيوب نفسه وما بين يديها من الأخطار والأهوال.
وقال ابن قدامة: فضيلة كل شيء بقدر إعانته على طلب السعادة وهي لقاء الله تعالى والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة (ولمن خاف مقام ربه جنتان).
7- الرضا من الله (رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه).
الأسباب الجالبة للخوف
الخوف ليس مقصوداً لذاته بل لما بعده من فعل الواجبات وعدم تركها والبعد عن المحرمات وعدم ارتكابها وإذا زاد يمكن أن يكون فعل مستحبات وترك مشتبهات وإذا زاد أكثر يصبح مذموماً وإذا نقص عن هذا يكون أيضاً ناقصاً لا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة، فمن الأسباب الجالبة للخوف:
1- سابق الذَّنب الذي وقع فيه.
2- حذر التقصير في الواجبات.
3- الخوف من المصير أن يكون على ما يكره.
4- إجلال الله و تعظيمه(يخافون ربهم من فوقهم). والملائكة خوفهم من الله شديد جداً (حتى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق) فالله إذا تكلم بالكلمة في السماء من أوامره ضربت الملائكة بأجنحتها خضوعاً لقوله، فأصدرت صوتاً عظيماً كجرّ السلسلة العظيمة على الصخرة ثم يغشاهم من الفزع ما يغشاهم ورجعوا إلى حالة يستطيعون فيها الكلام قالوا ماذا قال ربكم تناقلت الأوامر قالوا الحق، فإذاً إجلال الله يقتضي الخوف والهيبة منه جل وعلا وهذه أهمية معرفة أسماء الله وصفاته.
5- الخوف من الله يتعلق بقضيتين..
أ – الخوف من عذابه..
ب – الخوف من الله..
الناس العامة ينزعون إلى الخوف من النار أكثر، وأهل الفقه والعلم خوفهم من الله قبل خوفهم من ناره لأن العامة قد يكون فهمهم وعلمهم قليل وبساطة فأحياناً لا يتذكر من كل القضية إلا النار، وقد لا يستوعب أن الخوف من الله قبل الخوف من ناره أول وأكبر وأعظم ولذلك قال ابن قدامة رحمه الله: (في مقامي الخوف المقام الأول الخوف من عذاب الله وهذا خوف عامة الناس وهذا النوع من الخوف يحصل بالإيمان بالجنة والنار وكونهما جزاءين على الطاعة والمعصية، المقام الثاني الخوف من الله نفسه عزوجل وهو خوف العلماء والعارفين لأنه يكفيهم فقط ثلاث كلمات (ويحذركم الله نفسه)، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعرفهم بالله وأشدهم له خشية)، وقال الله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) لأنه لما كملت معرفتهم بربهم وأسمائه وصفاته أثرت الخوف ففاض الأثر على القلب ثم ظهر على الجوارح بهذه الأعمال.
6- تتأمل النجاة لمن، وتقارن نفسك بصفاتهم (وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى). و كما في سورة العصر حيث أقسم الله أن الناس في خسران واستثنى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). وكما في قوله تعالى: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنّة والناس أجمعين). هذه الآية تورث الخوف حيث أقسم الله أنه ليملأ جهنم فينخلع القلب والله تعالى يقول: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً) وقيل لفلان لم تبكي؟ قال لأني أعلم يقيناً أنني سآتي على جهنم ولكن ليس لدي يقين أنني سأنجو منها..!!، وفي مسألة قبول العمل أيضاً والله تعالى يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين). فإذا حصل الخوف حصلت أسباب النجاة.
7- تدبر كلام الله ورسوله والنظر في سيرته، قال ابن القيم: (لأنه سيد الخائفين وإمام المتقين وأخشاهم لله فإذا تدبر المسلم كلام الله وسنة نبيه شهد قلبه أموراً من صفات الله وعقوباته وانتقامه و كيف خاف الأنبياء والملائكة والصالحون، وليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل وجمع الفكر على معاني آيات الكتاب العزيز فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل وتحثه على التضمرّ والتخفف للقاء اليوم الثقيل). يقول ابن الجوزي: (والله لو أن مؤمناً عاقلاً قرأ سورة الحديد وآخر سورة الحشر وآية الطرسي وسورة الإخلاص بتفكر وتدبر لتصدّع قلبه من خشية الله وتحيّر من عظمة الله ربّه).
8- التفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى، فإنه من تفكر في ذلك خاف الله لا محالة لأن التفكر يوقعه على صفات الله جل جلاله وكبريائه ومن شهد قلبه عظمة الله وكبرياءه علم شأن تحذيره عندما قال: (ويحذركم الله نفسه) أي خافوه واخشوه بما أبدى لكم من صفاته وأسمائه وعدله عز وجل، قال تعالى: (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) يمجد الرب نفسه، أنا الجبار الملك، أنا المتكبر العزيز الكريم..، قالها صلى الله عليه وسلم فرجف به المنبر حتى قال الصحابة ليخرنّ به، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول (يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده و قبض يده فجعل يقبضها و يبسطها ثم يقول أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون) ويتمايل الرسول صلى الله عليه وسلم عن يمينه وشماله حتى نظر صحابي إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى قال أساقط هو برسول الله؟!!. ما السموات السبع في الكرسي إلا كلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة فإذا عرف الإنسان عظمة الرب جلب له ذلك الخوف منه.
9- التفكر في الموت وشدته وأنه لا مفر منه (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)، فهذا يوجب الخوف من الله (أكثروا من ذكر هادم اللذات، الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه).
قال أبو العتاهية:
ألا رب ذي أجل قد حضر
كثير التمني قليل الحذر
إذا هزّ في المشي أعطافه
تعرفت من منكبيه البطر
يؤمِّل أكثر من عمره
ويزداد يوماً بيومٍ أشر
10 – التفكر فيما بعد الموت، في القبر وأهواله، قال صلى الله عليه وسلم: (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنه يرقّ القلب وتدمع العين تذكر الآخرة ولا تقول هجرة).
عن البراء يقول كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى بلّ الثرى وقال: يا أخواني لمثل هذا فأعدّوا...
11- إذا قدم إلى القيامة وأهوالها وحديث البعث والنشور إلى ذبح الموت، (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور). لفت النظر يقوي مراقبة العبد ربه.
12- إذا دخل أهل النار النار..، ماذا يوجد فيها من الأهوال في شدة عذابها؟!!..، (إنها لإحدى الكبر). قال الحسن: كبرت منذرة داهية عظيمة أعظم الدواهي ما أنذرت الخلائق بشيء قط أفظع منها.
وكيف قرت لأهل العلم أعينهم
أو استلذوا لذيذ النوم أو هجعوا
والموت ينذرهم جهراً علانية
لو كان للقوم أسماع لقد سمعوا
أفي الجنان وفوز لا انقطاع له
أم الجحيم فلا تبقي ولا تدع
لينفع العلم قبل الموت عالمه
قد سأل قوم بها الرجعى فما رجعوا
13- تفكر العبد في ذنوبه وأنه نسيه والله تعالى أحصاها ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاه، وأن الله يمكن أن يعطيه النعم استدراجاً (ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً)، في قصة صاحب الجنتين حين قال (ما أظن الساعة قائمة).
14- التفكر في عاقبة محقرات الذنوب التي يحقرها الناس، وقد مثلها النبي صلى الله عليه وسلم بقوم نزلوا بطن واد فجاء هذا بعود وهذا بعود حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وهناك ارتباط بين الأعواد وإيقاد النار وبين الذنوب وما تسبب من نضج جلود العصاة(كلما نضجت جلودهم).
15- أن يعلم العبد أنه قد يحال بينه وبين التوبة بموت مفاجيء، تسويف، شبهات، إصرار على المعصية والشهوات، فتنة مضلّة، والحسرة حينها لا تنفع (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت) (وأنذرهم يوم الحسرة).
16- التفكر في سوء الخاتمة حينئذ (والملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)، وملك الموت كيف يسحب روح الفاجر فيتقطع فيها كل عرق و عصب وكيف يجعل في كفه من النار وحنوط له من جهنم..
17- تجالس ناس يكسبونك خشية وخوف من الله من الصالحين والعلماء المتقين (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)، صاحب أصحاب الخشية، رقة قلب إذا سمعوا الذكر وتلين قلوبهم (ثم تلين قلوبهم وجلودهم إلى ذكر الله). واقرأ سيرهم فاصحب أنفاسهم..
أهل الحديث هم أهل الرســـــول
وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
اصحب سير الخائفين من الله..
- الإمام أحمد و خشيته..
- ابن عباس رضي الله عنه كان تحت عينيه خطّان كالشراكان الباليان أخاديد من الدموع.
- عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ آيات فمرض مرض عاده الناس من بعده.
- عائشة تقرأ قوله تعالى: (فمنّ الله علينا فوقانا عذاب السموم) في صلاتها فتبكي وتبكي..(إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم).
- أبو بكر رضي الله عنه يمسك لسانه ويقول (هذا الذي أوردني المهالك)، (يا ليتني كنت شجرة تؤكل).
- عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (ياليتني كنت هذه التبنة)(يا ليتني لم أكن شيئاً مذكوراً)(ياليت أمي لم تلدني) (لو مات جمل ضياعاً على جانب الفرات لخشيت أن يسألني عنه الله يوم القيامة).
- ويقول: (لو نادى منادٍ من السماء يا أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا واحداً لخفت أن أكون أنا هو)..!!
- عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: (وددت لو أنني لو مت لم أبعث) وهو الذي كان يقطع الليل تسبيحاً وقرآناً ويتخرق مصحفه من كثر ما قرأ به، ومات ودمه على المصحف شهيداً..
- أبو عبيدة رضي الله عنه يقول: (وددت لو كنت كبشاً فذبحني أهلي وأكلوا لحمي وحسوا مرقي).
- عمران بن حصين رضي الله عنه يقول: (يا ليتني كنت رماداً تذروه الرياح).
- حذيفة رضي الله عنه يقول (وددت أن لي إنسان يكون في مالي ذم أغلق علي بابي فلا يدخل علي أحد حتى ألحق بالله).
- عائشة رضي الله عنها تقول: (يا ليتني كنت نسياً منسياً).
- أبو هريرة رضي الله عنه يغشى عليه ثلاث مرات وهو يحدث بحديث أول ثلاث تسعّر بهم النار..
- علي رضي الله عنه يقول: (لقد رأيت أصحاب محمد فما أرى اليوم شيئاً يشبههم لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا لله سجداً وقياماً – أثر في الجلد فخشنه مثل ركب المعزى- يتلون كتاب ربهم يراوحون بين جباههم وجنوبهم فإذا أصبحوا ذكروا الله عزوجل مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم والله لكأن القوم باتوا غافلين..
- عمر بن عبد العزيز يبكي ويبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينام..تسأله زوجته فيقول (إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) فتبكي فاطمة وتقول: (اللهم أعذه من النار).
- حديث حسن: (أولياء الله الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله عزوجل).
18- سماع المواعظ وبعض الخطب.
19- العلم بالله وأسمائه وصفاته وكلامه وكلام رسوله.
20- الدعاء.
وذلك مقصود في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن يرزقه الخشية(ربي أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واجعلني لك شكاراً لك ذكاراً لك رهّاباً لك مطواعاً لك مخبتاً إليك أواهاً منيباً، ربي تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وسدد لساني واهدِ قلبي واسلل سخيمة صدري)..
ويدعو بقوله: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك).
(اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة).
موانع الخوف
الخوف تمنعه أشياء منها المعاصي، الدنيا، الرفقة السيئة، الغفلة وتبلّد الإحساس..
الخوف القاصر نوع خطير من الخوف، وهو أن يحضر موعظة ويسمع ويتأثر ثم يمشي..
هذا خوف لا يكفي وإنما العبرة بما وقع نفع و دخل واستقر..
المطلوب الخوف المستمر..
قال أحد الصحابة: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل إنها موعظة مودّع ماذا تعهد إلينا؟ فأعطاهم صلى الله عليه وسلم الوصية).. انظر إليهم.. يريدون التطبيق..
والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله.. سلوني.. سلوني..) فغطّى الصحابة وجوههم يبكون..!!
جاء حذافة وقد كان ينسب لغير أبيه فقال من أبي قال حذافة: فصار إثبات نسبه بالوحي، حتى جاء عمر فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً عائذاً بالله من سوء الفتن..
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لم أرك اليوم قط في الخير والشر، إني صورت لي الجنة والنار رأيتهما دون هذا الحائط..
قال صلى الله عليه وسلم: (أطّت السماء وحق لها أن تأطّ ما فيها موضع إلا وفيها ملك قائم أو قاعد أو ساجد)..
فالخوف إذا باشر قلب العبد فاض أثره على الجوارح وظهر، وليس أنه كان شيئاً سريعاً وذهب..
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس
قال صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت مثل النار نام هاربها)..
قال ابن تيمية –رحمه الله -: (كل عاصٍ لله فهو جاهل وكل خائف منه فهو عالم مطيع)، الخائف من الله يبادر إلى الخيرات قبل الممات ويغتنم الأيام والساعات..
ويتكلم عن حال السلف ابن المبارك –رحمه الله-:
إذا ما الليل أظلم كابدوه
فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا
وأهل النوم في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود
أنين منه تنفرج الضلوع
وخرسٌ بالنهار لطول صمت
عليهم من سكينتهم خشوع
مختارات