٩٥٠ ألف ريال..
التقيت بصاحبي وقد علا وجهه الحزن، فقلت: ما بالك يا محب ؟
قال: يا سلطان لي صديق عرفته في مقر عملي منذ ١٥ عاماً، كنا إخوة، نفطر سوياً ونتحدث ونسافر ونسهر ونلعب، وعشنا أجمل أيام العمر.
مضت الأيام والسنوات وكنت أظنه أكثر من أخي الشقيق.
وفي ذات يوم قابلت صاحبي وقال: يا صديقي لدي مشروع تجاري وأحتاج إلى مبلغ ٩٥٠ ألف ريال وسوف أعيده في نحو خمسة أشهر بإذن الله.
قلت له مباشرة: أبشر، سأحاول توفيره لك، وقد كانت لي تجارة طيبة بحمد الله .
فذهبت للبنك وأحضرت جزء من المبلغ واستلفت بعضه وأحضرته له في حقيبة، وسلمته لصديق الروح، ولم أحضر شهوداً عليه ولم أكتب ورقة ولم آخذ إيصالاً من البنك في حوالة محددة له.
وبعد أشهر بدأت ألمح له في إرجاع المبلغ، فكان جوابه بكل صراحة: ليس لك شيء عندي.
ظننته يمزح، فقلت: دع المزاح يا صديقي، فقال: والله لاشيء لك عندي.
قالها بكل وقاحة.
فقلت: كيف تنكر وقد ساعدتك وأحضرت لك المبلغ ؟
فقال: ليس عندك دليل.
فقلت: سأشتكيك للمحكمة.
فقال: افعل مابدا لك.
فذهبت للمحكمة وكتبك شكواي، ولكن القاضي طالبني بالدليل والإثباتات وأوراق الحوالات أو الشيك، فقلت: لا أملك شيء.
فقال القاضي: ليس لك إلا أن يحلف، فرضيت بذلك.
وحضرنا في الموعد، وجاء الصديق الذي خان الصداقة، جاء ليحلف بالله كذباً أن لا مال لي عنده، وفي الحقيقة لم أكن أتوقع أن يحلف، وكنت أظنه سيعترف عند القاضي ويخاف.
ولكن ظنوني ذهبت أدراج الرياح، وبدأت الجلسة وقدمت شكواي، والخصم يستمع بكل برود.
فقال له القاضي: احلف بالله أنك لم تأخذ من فلان هذا المبلغ.
وهنا شعرت بالخوف، وتمالكت نفسي، فرفع الخصم صوته وقال: أقسم بالله أن فلان لم يعطيني ولا ريال واحد.
فسقطت من مكاني وارتجف جسدي من هول الحلف الكاذب، وخرجت من المحكمة ونبضات قلبي تكاد تتوقف من صعوبة الموقف.
هذا صديق العمر يجحدني في مبلغ كبير ٩٥٠ ألف ريال، ويحلف كذباً على ذلك، ماذا سيقول لربه حينما يسأله ؟
ومضة: قال صلى الله عليه وسلم: ( من اقتطع مال أخيه بيمينه لقي الله وهو عليه غضبان ) رواه البخاري، وفي رواية: حرم الله عليه الجنة.
همسة: مهما كانت ثقتك بصاحبك، فلا تنس أن توثق جميع أوراقك الرسمية وخاصة الحوالات المالية، والأفضل أن يكون هناك شهود على ذلك
مختارات

