فقه صفات الله وأفعاله (٥)
وكل أمة افتتنت بشيء من الفتن:
فأمم افتتنوا عن عبادة الله بعبادة الأصنام فعبدوها.. وقوم بالشمس فألهّوها.. وقوم بنبي كان منهم وهم إليهود عبدوا عزيراً.. وقالوا هو ابن الله.. والنصارى قالوا عيسى هو الإله.. وقال بعضهم هو ابن الله.. وقال بعضهم ثالث ثلاثة.
وجعل الله فتنة هذه الأمة بالأموال والنساء، والنساء أعظم فتنة للرجال، فالأموال والنساء شاغل عن الله، وعن ذكر الله، وعن طاعة الله، وعن إبلاغ دين الله.وقد غلب على أكثر الناس حب المال، وكدر عليهم عبودية الكبير المتعال.
وهو سبحانه القابض الباسط المسعر، فالغلاء والرخص بتقدير الله وتدبيره، وهو مقلبه ورافعه وخافضه، وذلك من أعظم البلاء والامتحان.
والله سبحانه هو الملك، الذي يفعل ما يشاء، ويؤتي ملكه من يشاء، ويهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)} [آل عمران: ٢٦].
والله عزَّ وجلَّ هو الحي، الذي يحيي ويميت، ويرزق من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويختم على قلوب من يشاء، ويطبع على قلوب من يشاء.
وهو سبحانه القوي العزيز، الذي ختم على قلوب الكفار، ولعن الكافرين والمنافقين والظالمين والكاذبين، والكاتمين لما أنزل الله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (٥٢)} [النساء: ٥٢].
وهو سبحانه الذي لعن الشيطان، وغضب على إليهود والنصارى، ولعنهم بظلمهم وسوء أفعالهم.
وهو سبحانه الرحيم الذي يحب المؤمنين والمتقين والمحسنين ويبغض الكفار والفجار والأشرار.
وهو سبحانه الكريم الذي يجود بالعطاء، ويكرم المؤمنين، ويكفر السيئات، ويغفر الذنوب، ويعفو عمن ظلم.
وهو سبحانه الذي يمكر بمن مكر بأوليائه، ويستهزئ بمن استهزأ بهم، ويكيد من كادهم، ويخدع من خادعهم، كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)}... [النساء: ١٤٢].
وهو سبحانه الذي يختص برحمته من يشاء، ويبين للعباد ما ينفعهم، ويمحص الذين آمنوا، ويمحق الكافرين، ويجزي الشاكرين، ويثيب المؤمنين في الدنيا والآخرة. وهو سبحانه الملك الذي ينصر من يشاء، ويسلط من يشاء على من يشاء، ويظهر ما يشاء بما شاء: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} [يس: ٨٣].
وهو سبحانه الذي أنبأ رسله، وأرسلهم إلى عباده، وأنبأ الخلق بما ينفعهم وما يضرهم في كتابه، وينبئهم بما عملوا يوم القيامة.
وهو سبحانه العليم الحكيم الذي يكرم أولياءه، ويطبع على قلوب الكافرين والجبارين والمتكبرين: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥)} [غافر: ٣٥].
وهو سبحانه الذي كتب الإيمان في قلوب المؤمنين، وطبع على قلوب الكافرين.
وهو سبحانه الذي يعصم من يشاء، وينصر من يشاء، ويخذل من يشاء، ويقدم من يشاء، ويؤخر من يشاء.
وهو سبحانه الذي يحل ما يشاء، ويحرم ما يشاء، الذي أحل الطيبات، وحرم الخبائث، وأحل البيع، وحرم الربا، ويميز الخبيث من الطيب، ويعلم المفسد من المصلح، والمؤمن من المنافق، والصادق من الكاذب.
وهو سبحانه الملك القاهر ما شاء بما شاء، الذي يأذن لمن يشاء أن يفعل ما يشاء: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢)} [الأنعام: ١١٢].
وهو سبحانه الذي يمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، ويُبقي ما يشاء، ويهلك ما يشاء، ويخلق مايشاء، ويصطفي ما يشاء، ويختار ما يشاء، ويزكي من يشاء، ويبدل سيئات من يشاء، ويغير الأحوال كلها متى شاء: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)} [الرعد: ٣٩].
وهو سبحانه الذي يطعم ولا يطعم، الذي يخوف عباده بما شاء لعلهم يتوبون، وينجي من يشاء في ظلمات البر والبحر.
مختارات