تدبــــر - المجموعة الثانية عشر
آية
{ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ } قد تأولت في البخل بالمال والمنع، والبخل بالعلم ونحوه، وهي تعم البخل بكل ما ينفع في الدين والدنيا من علم ومال وغير ذلك، كما تأولوا قوله: { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } النفقة من المال والنفقة من العلم، والنفقة من العلم هي صدقة الأنبياء وورثتهم من العلماء. [ابن تيمية]
آية
هل تحفظ سورة الإخلاص والمعوذات حقا؟ إن الذي لا يكابد منزلة الإخلاص، ولا يجاهد نفسه على حصنها المنيع، ولا يتخلق بمقام توحيد الله في كل شيء رغبا ورهبا؛ فليس بحافظ حقا لسورة الإخلاص ! وإن الذي لا يذوق طعم الأمان عند الدخول في حمى " المعوذتين " لا يكون قد اكتسب سورتي الفلق والناس ! [د. فريد الأنصاري]
آية
استدل بعضهم بقول نوح عليه السلام لقومه: { وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } بأن ثمرة ذلك وجوب تعظيم المؤمن، وتحريم الاستخفاف به، وإن كان فقيرا عادما للجاه، متعلقا بالحِرف الوضيعة؛ لأنه تعالى حكى كلام نوح وتجهيله للرؤساء لمّا طلبوا طرد من اعتبروه من الأراذل. [القاسمي]
آية
من مظاهر التكبر العقلي، عدم الرضا بما يرضى به بسطاء الناس، { أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ }، { وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ }، { إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ } ثم تبدأ صورة أشد من هذه حين يجعل المتكبر انقياده للأمر دليلا على أنه صحيح، وعدم انقياده للأمر دليلا على أنه خاطئ ! { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ } ! [ناصر المدلج]
آية
كان الحسن البصري إذا قرأ: { الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } قال: هذا وصف نهارهم، وإذا قرأ: { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا } قال: هذا وصف ليلهم. وها نحن ـ في هذه الليالي ـ نعيش 10 ساعات من بعد العشاء إلى الفجر ـ أفليس من الغبن العظيم أن تمضي كلها دون وقوف ـ ولو قليلا ـ بين يدي رب العالمين؟
آية
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ }، { مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ }، { وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ }، { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ }، أي شيء أبلغ من هذا الحشد من الآيات في تربية القرآن لأهله ليعتنوا بتربية نفوسهم، وتعبيدها لرب العالمين؟ [د. عبدالعزيز العويد]
آية
{ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } فلا يقل أحد غير ما قال الله ! لا يقل أحد إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث والمشاركة بين الجنسين أعون على تصريف الغريزة المكبوتة،.. إلى آخر مقولات الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين، لا يقل أحد هذا والله يقول: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ } يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات، وعن رجال الصدر الأول ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق ! [في ظلال القرآن]
آية
{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ } ويشبه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العتاب لطيف عجيب ! وهو أني عاديت إبليس إذ لم يسجد لأبيكم آدم مع ملائكتي، فكانت معاداته لأجلكم، ثم كان عاقبة هذه المعاداة أن عقدتم بينكم وبينه عقد المصالحة؟ [ابن القيم]
آية
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } كم احتفى القرآن بقصة آدم عليه السلام، وبتكريم الإنسان، وجعله منطلقا للحضارة الراقية ! ثم تنقلب الموازين لدى ما يسمى بالعالم المتحضر؛ ليضم الإنسان إلى جملة الموارد التي يجمعون بها المال ويشبعون بها الشهوات، مثله مثل باقي الموارد المادية والمالية التي تحتاجها المؤسسات، وهذا ما جعل الدنيا تعلو والآخرة تخبو.
آية
لما قيل لموسى { قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ } توجه إلى: ـ قومه أولا: { يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا }؟! ـ نائبه في غيابه: { يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا }؟ ـ صاحب الفتنة: { فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ }؟ وإنما بدأ بهم في اللوم؛ لأن البالغ العاقل مسؤول عن نفسه، فليس يعذره قوة الإغراء، ولا تيسر أسباب الشر فالتبعة عليه أولا. [د. عبدالمحسن المطيري]
آية
كم من عالِم لا يرتفع بعلمه ! وذلك لضعف إيمانه، وقلة إخلاصه، وضعف عنايته بأمر قلبه، لا لقلة علمه، وذلك أن الله وعد بالرفعة من جمع الإيمان والعِلم فقال: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } وهذا سر ارتفاع قدر أفراد من العلماء من بين سائر أهل العلم. [د. محمد الخضير]
آية
{ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ } من خصه الله بنعمة من النعم يحتاج الناس إليها، فمن تمام شكر هذه النعمة أن يعود بها على عباد الله، وأن يقضي بها حاجاتهم؛ لتعليل الله النهي عن الامتناع عن الكتابة بتذكير الكاتب بقوله: { كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ } ومع هذا " فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ". [ابن سعدي
آية
{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [الأعلى 16-17] السعيد يرغّبه الله في الآخرة حتى يقول: لا شيء غيرها، فإذا هضم دنياه وزهد فيها لآخرته، لم يحرمه الله بذلك نصيبه من الدنيا، ولم ينقصه من سروره فيها، والشقي يرغّبه الشيطان في الدنيا حتى يقول: لا شيء غيرها، فيجعل الله له التنغيص في الدنيا التي آثر، مع الخزي الذي يلقى بعدها. [ابن المقفع]
آية
{فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [الشعراء: 61-62] قالها موسى ـ عليه السلام ـ و البحر أمامه والعدو خلفه، في لحظات عصيبة، وموقف رهيب؛ لكنه قالها بعد أخذه بكل أسباب النجاة، وقد اهتز في تلك اللحظة من اهتز، وارتاب من ارتاب، فإذا هو يعلن بكل قوة ويقين: { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } فتتحقق الآية الكبرى التي لا زالت تدوّي أبد الدهر، فلا نامت أعين اليائسين. [أ.د. ناصر العمر]
آية
زار قسيس معرضا أقامته وزارة الشؤون الإسلامية في جنوب أفريقيا فشرحوا له تعاليم القرآن باختصار، وأهدوا له نسخة من ترجمة معاني القرآن، فعاد لهم بعد قراءته فقال: " هذا ليس مجرد كتاب، إنه منهج حياة ! ". [د. محمد السحيم] تأمل كيف قال هذا في مدة قصيرة، فما أشبه قوله بقول مؤمني الجن ! وما أعظم البون بينه وبين زنادقة عرب يقرءون القرآن وليس الترجمة، ومع هذا يرون التمسك به تخلفا ! { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.