سورة الرحمن
آية
﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ﴾ [سورة القمر آية:﴿٥١﴾]
(ولقد أهلكنا أشياعكم): من الأمم السابقين الذين عملوا كما عملتم، وكذبوا كما كذبتم. (فهل من مدَّكِر) أي: متذكر يعلم أن سنة الله في الأولين والآخرين واحدة، وأن حكمته كما اقتضت إهلاك أولئك الأشرار؛ فإن هؤلاء مثلهم، ولا فرق بين الفريقين. السعدي:828.
آية
﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦٓ إِنسٌ وَلَا جَآنٌّ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٣٩﴾]
والجمع بين هذه الآية ومثل قوله: (فوربك لنسألنهم أجمعين) [الحجر: 92] أن ما هنا يكون في موقف والسؤال في موقف آخر من مواقف القيامة. وقيل: إنهم لا يسألون هنا سؤال استفهام عن ذنوبهم؛ لأن الله سبحانه قد أحصى الأعمال وحفظها على العباد، ولكن يسألون سؤال توبيخ وتقريع. الشوكاني: 5/138.
آية
﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ ﴿٣٥﴾ فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٣٥﴾]
أي: يرسل عليكما لهب صاف من النار، ونحاس. والمعنى: أن هذين الأمرين الفظيعين يرسلان عليكما يا معشر الجن والإنس، ويحيطان بكما فلا تنتصران؛ لا بناصر من أنفسكم، ولا بأحد ينصركم من دون الله. ولما كان تخويفه لعباده نعمة منه عليهم، وسوطاً يسوقهم به إلى أعلى المطالب وأشرف المواهب، امتن عليهم فقال: (فبأي آلاء ربكما تكذبان). السعدي: 831.
آية
﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلَانِ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٣١﴾]
وسمى الجن والإنس ثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى غيرهما من حيوانات الأرض، وقيل: سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض أحياء وأمواتا؛ كما في قوله: (وأخرجت الأرض أثقالها) [الزلزلة: 2]، وقال جعفر الصادق: سميا ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب. الشوكاني: 5 / 137.
آية
﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٢٦﴾]
لما كان قوله: (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) مؤذناً بنعمة إيجاد أسباب النجاة من الهلاك، وأسباب السعي لتحصيل ما به إقامة العيش؛ إذ يَسَّر للناس السفن عوناً للناس على الأسفار وقضاء الأوطار مع السلامة من طغيان ماء البحار، وكان وصف السفن بأنها كالأعلام توسعة في هذه النعمة، أتبعه بالموعظة بأن هذا لا يحول بين الناس وبين ما قدره الله لهم من الفناء، على عادة القرآن في الفُُرَص للموعظة والتذكير. ابن عاشور:27/252.
آية
﴿ هَلْ جَزَآءُ ٱلْإِحْسَٰنِ إِلَّا ٱلْإِحْسَٰنُ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٦٠﴾]
قال في الجنتين الأوليين: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) فدل ذلك أن الأوليين جزاء المحسنين، ولم يقل ذلك في الأخيرتين... فبهذه الأوجه يعرف فضل الأوليين على الأخريين، وأنهما معدتان للمقربين من الأنبياء والصديقين وخواص عباد الله الصالحين، وأن الأخريين معدتان لعموم المؤمنين. السعدي:832.
آية
﴿ هَلْ جَزَآءُ ٱلْإِحْسَٰنِ إِلَّا ٱلْإِحْسَٰنُ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٦٠﴾]
المعنى أن جزاء من أحسن بطاعة الله أن يحسن الله إليه بالجنة. ويحتمل أن يكون الإحسان هنا هو الذي سأل عنه جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» -وذلك هو مقام المراقبة والمشاهدة- فجعل جزاء ذلك الإحسان بهاتين الجنتين؛ ويقوي هذا أنه جعل هاتين الجنتين الموصوفتين هنا لأهل المقام العلي، وجعل جنتين [دونهما] لمن كان دون ذلك. ابن جزي:2/396.
آية
﴿ هَٰذِهِۦ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ ﴿٤٣﴾ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءَانٍ ﴿٤٤﴾ فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [سورة الرحمن آية:﴿٤٣﴾]
لما كان معاقبة العصاة المجرمين، وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه، وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك، قال ممتناً بذلك على بريته: (فبأي آلاء ربكما تكذبان). ابن كثير:4/278.