سورة النجم
آية
﴿ مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ﴾ [سورة النجم آية:﴿١٧﴾]
فنفى عن نبيه ما يعرض للرائي الذي لا أدب له بين يدي الملوك والعظماء، من التفاته يميناً وشمالاً، ومجاوزة بصره لما بين يديه، وأخبر عنه بكمال الأدب في ذلك المقام وفي تلك الحضرة؛ إذ لم يلتفت جانباً، ولم يمد بصره إلى غير ما رأى من الآيات وما هنالك من العجائب، بل قام مقام العبد الذي أوجب أدبه إطراقه وإقباله على ما أري، دون التفاته إلى غيره، ودون تطلعه إلى ما لم يره، مع ما في ذلك من ثبات الجأش، وسكون القلب، وطمأنينته، وهذا غاية الكمال. ابن القيم:3/76.
آية
﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿٢﴾ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰٓ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَىٰ ﴾ [سورة النجم آية:﴿٢﴾]
فنفى عنه الضلال والغي، ووصفه بأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فنفى الهوى، وأثبت العلم الكامل وهو الوحي، فهذا كمال العلم، وذاك كمال القصد. ووصف أعداءه بضد هذين؛ فالكمال المطلق للإنسان هو تكميل العبودية لله علماً وقصداً. ابن تيمية:6/128.
آية
﴿ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿١﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴾ [سورة النجم آية:﴿١﴾]
أقسم بالنجوم على صحة ما جاء به الرسول ﷺ من الوحي الإلهي؛ لأن في ذلك مناسبة عجيبة؛ فإن الله تعالى جعل النجوم زينة للسماء، فكذلك الوحي وآثاره زينة للأرض، فلولا العلم الموروث عن الأنبياء لكان الناس في ظلمة أشد من الليل البهيم. السعدي:818.
آية
﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴾ [سورة النجم آية:﴿٣٩﴾]
الأبناء تبعوا الآباء في الآخرة كما كانوا تبعاً لهم في الدنيا، وهذه التبعية هي من كرامة الآباء وثوابهم الذي نالوه بسعيهم، وأما كون الأبناء لحقوا بهم في الدرجة بلا سعي منهم، فهذا ليس هو لهم، وإنما هو للآباء؛ أقر الله أعينهم بإلحاق ذريتهم بهم في الجنة. ابن القيم:3/82.
آية
﴿ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُ ﴾ [سورة النجم آية:﴿٣٢﴾]
قال مكحول: كنا أجنة في بطون أمهاتنا فسقط منا من سقط وكنا فيمن بقي، ثم صرنا رضعا فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي، ثم صرنا يفعة فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي، ثم صرنا شبابا فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي، ثم صرنا شيوخا -لا أبالك!- فما بعد هذا ننتظر؟! البغوي:4/261.
آية
﴿ وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا ﴿٢٩﴾ ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ ۚ ﴾ [سورة النجم آية:﴿٢٩﴾]
أي: هذا منتهى علمهم وغايته، وأما المؤمنون بالآخرة المصدقون بها أولو الألباب والعقول فهمتهم وإرادتهم للدار الآخرة، وعلومهم أفضل العلوم وأجلها، وهو العلم المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ. السعدي:820.
آية
﴿ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا ﴾ [سورة النجم آية:﴿٢٩﴾]
بعد أن وصف مداركهم الباطلة وضلالهم فَرَّع عليه أمرَ نبيه ﷺ بالإِعراض عنهم؛ ذلك لأن ما تقدم من وصف ضلالهم كان نتيجة إعراضهم عن ذكر الله -وهو التولّي عن الذكر- فحق أن يكون جزاؤهم عن ذلك الإِعراض إعراضاً عنهم. ابن عاشور:27/ 116- 117.