90 فائدة من كتاب لطائف المعارف - وظائف شهر رمضان المعظم
حكمــــــة
في الحديث:
(إن الله ليرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشربة فيحمده عليها)
وربما استجيب دعاؤه عند ذلك كما جاء في الحديث المرفوع الذي خرجه ابن ماجه:
(إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد)،
وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام: كان مثابا على ذلك، كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنهار التقوّي على العمل كان نومه عبادة .
حكمــــــة
خلوف أفواه الصائمين له أطيب من ريح المسك، عُرِيّ المحرمين لزيارة بيته أجمل من لباس الحلل، نَوح المذنبين على أنفسهم من خشيته أفضل من التسبيح، انكسار المخبتين لعظمته هو الجبر، ذل الخائفين من سطوته هو العز، تهتك المحبين في محبته أحسن من الستر، بذل النفوس للقتل في سبيله هو الحياة، جوع الصائمين لأجله هو الشبع، عطشهم في طلب مرضاته هو الريّ، نصب المجتهدين في خدمته هو الراحة.
حكمــــــة
يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي ، يا شموس التقوى والإيمان اطلعي، يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي ، يا قلوب الصائمين اخشعي ، يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي ، يا عيون المجتهدين لا تهجعي، يا ذنوب التائبين لا ترجعي ، يا أرض الهوى ابلعي ماءك، ويا سماء النفوس أقلعي، يا بروق العشاق للعشاق المعي، يا خواطر العارفين ارتعي، يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي ، {يا قومنا أجيبوا داعي الله} ويا همم المؤمنين اسرعي، فطوبى لمن أجاب فأصاب .
حكمــــــة
في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
كان النبي ﷺ أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله ﷺ حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) وخرجه الإمام أحمد بزيادة في آخره وهي:
(لا يسأل عن شيء إلا أعطاه) .
والجود : هو سعة العطاء وكثرته والله تعالى يوصف بالجود .
حكمــــــة
في الأثر المشهور عن فضيل بن عياض - رحمه الله - :
أن الله تعالى يقول كل ليلة: أنا الجواد ومني الجود أنا الكريم ومني الكرم.
فالله سبحانه وتعالى أجود الأجودين، وجوده يتضاعف في أوقات خاصة كشهر رمضان وفيه أنزل قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} . وفي الحديث الذي اخرجه الترمذي وغيره: (أنه ينادي فيه مناديا يا باغي الخير هلم ويا باغي الشرّ أقصر) ، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة .
حكمــــــة
وكان جوده ﷺ يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور، وكان كله لله وفي ابتغاء مرضاته، فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج أو ينفقه في سبيل الله أو يتألف به على الإسلام من يقوي الإسلام بإسلامه، وكان يؤثر على نفسه وأهله وأولاده فيعطي عطاء يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء ﷺ .
حكمــــــة
وفي تضاعف جوده ﷺ في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة :
منها: شرف الزمان ومضاعفة أجر العمل فيه ، وفي الترمذي عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعا : (أفضل الصدقة صدقة رمضان).
ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم، عن النبي ﷺ قال: (من فطر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء).
ومنها: أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، لا سيما في ليلة القدر، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء كما قال ﷺ: (إنما يرحم الله من عباده الرحماء) فمن جاد على عباد الله جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا واتقاء جهنم والمباعدة عنها، وخصوصا إن ضم إلى ذلك قيام الليل، فقد ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: (الصيام جُنة).
حكمــــــة
في حديث ابن عباس أن المدارسة بينه ﷺ وبين جبريل - عليه السلام - كان ليلا ؛ يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا ؛ فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى:
{إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا} ،
وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}.
حكمــــــة
كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها ؛
كان الأسود يقرأ في كل ليلتين في رمضان ،
وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة وفي بقية الشهر في ثلاث ،
وكان قتادة يختم في كل سبع دائما ، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة .
وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة .
حكمــــــة
في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال:
كان رسول الله ﷺ يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاما حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه، قال ﷺ :
(من كان اعتكف معي ؛ فليعتكف العشر الأواخر، وقد أُرِيتُ هذه الليلة ثم أنسيتها، وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها، فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر، فمطرت السماء تلك الليلة، وكان المسجد على عريش فوكف المسجد [- أي: قطر ماءً حتى ابتلت الأرض، وكان مسجده عليه الصلاة والسلام مسقوفاً بجريد النخل]، فبصرت عيناي رسول الله ﷺ على جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين).
حكمــــــة
للإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي ﷺ قال :
(أُعطيت أمَّتي في رمضان خمس خِصال، لم تُعطها أمة قبلهم: خُلوف فم الصائم أطيبُ عند الله من رِيح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يُفطروا، ويزيِّن الله كل يوم جنته ثم يقول: يوشك عبادي الصالحون أن يُلقوا عنهم المؤونة والأذى، ويصيروا إليك، ويُصفَّد فيه مردة الشياطين؛ فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلصون في غيره، ويُغفر لهم آخر ليلة، قيل: يا رسول الله، أهي ليلة القدْر ؟ قال: لا ، ولكن العامل إنما يُوفَّى أجره إذا قضى عمله).
[لا يصح بتمامه، وصحت الجملة الأولى من خمس، وبهذا السياق ضعيف] .
حكمــــــة
- رضي الله عنه - - رحمه الله -
عباد الله ! هذا شهر رمضان قد انتصف، فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف، من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف، من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفا من فوقها غرف ؟ ألا إن شهركم قد أخذ في النقص.
فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به ، وقد انصرف فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف، وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف ؟!
حكمــــــة
قالت عائشة رضي الله عنها للنبي ﷺ : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها . قال : (قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) العفو من أسماء الله تعالى، وهو يتجاوز عن سيئات عباده الماحي لأثارهم عنهم ، وهو يحب العفو فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض، فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه .
حكمــــــة
عن ابن عباس - رضي الله عنهما -:
(إذا كان يوم الفطر ؛ هبطت الملائكة إلى الأرض ؛ فيقومون على أفواه السكك ينادون بصوت يسمعه جميع من خلق الله إلا الجن والإنس يقولون : يا أمة محمد ! أخرجوا إلى رب كريم، يعطي الجزيل ، ويغفر الذنب العظيم .
فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله عز وجل لملائكته : يا ملائكتي ما جزاء الأجير إذا عمل عمله ؟
فيقولون : إلهنا وسيدنا أن توفيه أجره ،
فيقول : إني أشهدكم أني قد جعلت ثوابهم من صيامهم وقيامهم رضائي ومغفرتي ، انصرفوا مغفورا لكم).
حكمــــــة
شهر رمضان تكثر فيه أسباب الغفران، فمن أسباب المغفرة فيه :
صيامه وقيامه وقيام ليلة القدر فيه - كما سبق .
ومنها: تفطير الصوام والتخفيف عن المملوك وهما مذكوران في حديث سلمان - رضي الله عنه - المرفوع .
ومنها: الذكر وفي حديث مرفوع: (ذاكر الله في رمضان مغفور له). [ضعفه الألباني]
ومنها: الاستغفار والاستغفار طلب المغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في صيامه وعند فطره،
ولهذا كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا أفطر يقول :
اللهم يا واسع المغفرة ! اغفر لي.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه المرفوع في فضل شهر رمضان: ويغفر فيه إلا لمن أبى قالوا: يا أبا هريرة ومن يأبى ؟ قال: يأبى أن يستغفر الله .
ومنها : استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا، وقد تقدم ذكره .
فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محروما غاية الحرمان .
90 فائدة من كتاب لطائف المعارف - وظائف شهر رمضان المعظم
قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في كتابه:
قولوا كما قال أبوكم آدم: { ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } وقولوا كما قال نوح عليه السلام: {وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} وقولوا كما قال موسى عليه السلام: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.
حكمــــــة
أين حرق المجتهدين في نهاره !
أين قلق المجتهدين في أسحاره !
فكيف حال من خسر في أيامه ولياليه !
ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه ! وقد عظمت فيه مصيبته، وجل عزاؤه،
كم نصح المسكين فما قبل النصح !
كم دعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح !
كم شاهد الواصلين فيه وهو متباعد !
كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد حتى إذا ضاق به الوقت وخاف المقت ندم على التفريط حين لا ينفع الندم ، وطلب الاستدراك في وقت العدم .
حكمــــــة
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : الغيبة تخرق الصيام والاستغفار يرقعه، فمن استطاع منكم أن لا يجيء بصوم مرقع فليفعل .
وعن ابن المنكدر - رحمه الله - معنى ذلك: الصيام جُنَّة من النار ما لم يخرقها، والكلام السيء يخرق هذه الجنة، والاستغفار يرقع ما تخرق منها ،
فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع ، وعمل صالح له شافع ؛