من أقوال السلف في الصلاة
حكمــــــة
ترك الصلاة من أعظم الذنوب:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنُوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرِّض لعقوبة الله وسَخَطِه وخِزيه في الدنيا والآخرة، وقال: المصلون في الناس قليل، ومقيمو الصلاة منهم أقل القليل؛ كما قال عمر رضي الله عنه: الحاج قليل، والركب كثير.
حكمــــــة
من ضيع الصلاة فهو لغيرها أضيع:
** عن أبي العالية الرياحي قال: كنتُ أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأتفقد صلاته، فإن وجدته يحسنها أقمت عليه، وإن أجده يُضيعها رحلت ولم أسمع منه، وقلت: هو لما سواها أضيع.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر، مع خفة مؤنتها عليه، وعظيم فضلها، فهو لما سواها أضيع.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إذا ضيعوا الصلاة التي عماد الدين، وميزان الإيمان والإخلاص لرب العالمين، التي هي آكد الأعمال، وأفضل الخصال، كانوا لما سواها من دينهم أضيع، وله أرفض
الحرص على صلاة الجماعة
** قال سعيد بن المسيب: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.
** قال يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد القطان أربعين سنة وما رؤى يطلب جماعة قط
** قال يحيى القطان: كان الأعمش محافظاً على الصلاة في جماعة.
** قال القاضي سليمان بن حمزة بن قدامة المقدسي رحمه الله (ت715هـ): لم أصل الفريضة قط منفرداً إلا مرتين، وكأني لم أصلهما قط.
قرة العين في الصلاة
** قال ابن حجر رحمه الله: حديث أنس (وجعلت قرة عيني في الصلاة) ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يودُّ أن لا يفارقه ولا يخرج منه لأن فيه نعيمه وبه تطيب حياته
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا تعود الإنسانُ على إكثار الصلاة صارت قُرَّة عينه، وصار يألفها دائمًا، ولكننا نعنى بالصلاة الصلاة الحقيقية التي تكون صلة بين الإنسان وبين ربه؛ بحيث إذا دخل في صلاته لا يلتفت قلبُهُ إلى شيء من الدنيا، بل يلتفت إلى الله وحده، إن كبَّر استشعر عظمة الله عز وجل وكبرياءه، وإن قرأ القرآن الكريم الفاتحة أو غيرها، استشعر بأنه يتلو كتاب ربِّ العالمين الذي تكلم به لفظًا ومعنًى، وإن ركع استشعر أنه يخضع لله عز وجل، وإن سجد استشعر أنه يُنزِّل أعلى ما في جسده وأشرافه إلى مهبط القدمين وموضع الأقدام، تواضعًا لله عز وجل.
حضور القلب في الصلاة, وإقباله على الله عز وجل
** ذكر لمسلم بن يسار قلة التفاته في صلاته، قال: وما يدريكم أين قلبي؟
** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: ما شغل القلب عن الصلاة، وعن خشوعها، وتمام ما يجب فيها، فواجب تركه، وواجب أن لا يصلي المرء إلا وقلبه متفرغ لصلاته، ليكون متيقظاً فيها مقبلاً عليها. وبالله التوفيق.
** قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: اعلم أرشدك الله لطاعته وأحاطك بحياطته وتولاك في الدنيا والآخرة: أن مقصود الصلاة وروحها ولبها، هو إقبال القلب على الله تعالى فيها فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: جرب تجد، إذا صليت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس بأن قلبك استنار وتلتذ بذلك غاية الالتذاد.
الصلاة نور
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة نور)، فالصلاة نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي حشره، ولهذا تجد أكثر الناس نورًا في الوجوه أكثرهم صلاة، وأخشعهم فيها لله عز وجل.
وكذلك تكون نورًا للإنسان في قلبه تفتح عليه باب المعرفة لله عز وجل، وباب المعرفة في أحكام الله وأفعاله وأسمائه وصفاته. وهي نور في قبر الإنسان؛ لأن الصلاة عمود الإسلام إذا قام العمود قام البناء، وإذا لم يقم العمود فلا بناء.
كذلك نور في حشره يوم القيامة، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم: (أن من حافظ عليها كانت له نورًا ونجاةً وبرهانًا يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا، ولا نجاة يوم القيامة، وحُشر مع فرعون وهامان وقارون وأبُي بن خلف)، فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان عليها، وأن يحرِص عليها، وأن يُكثر منها؛ حتى يكثُر نوره وعلمه وإيمانه.
الصلاة قوت قلوب المؤمنين وغذاؤها
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصلاة قوت قلوب المؤمنين وغذاؤها، بما اشتملت عليه من ذكر الله ومناجاته وقربه، فمن أتم صلاته فقد استوفى غذاء قلبه وروحه، فما دام على ذلك كملت قوته ودامت صحته وعافيته، ومن لم يتم صلاته فلم يستوف قلبه وروحه قوتها وغذاءها، فجاع قلبه وضعف، وربما مرض أو مات لفقد غذائه، كما يمرض الجسد ويسقم إذا لم يكمل تناول غذائه وقوته الملائم له.
انتظار الصلاة بالقلب والبدن
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (انتظار الصلاة بعد الصلاة)، الانتظار يكون بالبدن ويكون بالقلب.
أما البدن فيبقي في مكان صلاته حتى تأتي الصلاة الأخرى، وأما بالقلب فيكون كلما انتهى من صلاة إذا هو ينتظر الصلاة الأخرى متى تأتي؟ ليقف بين يدي ربه؛ لأنه يحب الصلاة، قد جعل الله قرة عينه في الصلاة، وهذا دليل على إيمانه؛، لأن الصلاة إيمان.
حكمــــــة
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها، وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تنعدم رعبته في الشر، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا من أعظم مقاصد الصلاة، وثمراتها. وثم مقصود في الصلاة أعظم من هذا وأكبر، وهو: ما اشتملت عليه من ذكر الله، بالقلب واللسان والبدن، فإن الله تعالى إنما خلق العباد لعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة.
الصلاة بالجسم فقط صلاة ناقصة
قال العلامة العثيمين رحمه الله: يا إخوان، أكثر أوقاتنا نُصلِّي ولا نصلِّي، يصلِّي الإنسانُ وجسمه في مُصلاه في مسجده، لكن قلبه في كل وادٍ يفكر بهاجسٍ، يبيع، ويشتري، ويحرث، ويستأجر، ويؤجِّر، ويرهنُ، ويرتهن، فهذا لم يصلِّ كما ينبغي، ولهذا جاء في الحديث: (إن الرجل لينصرفُ وما كُتب له إلا عُشر صلاته، تُسُعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها خُمُسُها رُبُعُها، ثُلُثُها نصفها)، كلها راحت بسبب الهواجس، والله سبحانه وتعالى يعلم ما في قلوبنا، فإذا لم تُصلِّ قلوبنا قبل أجسامنا، فصلاتنا ناقصة، أسألُ الله أن يعاملني وإياكم بعفوه، وأن يجعلنا ممن يقولُ ويفعل.
حكمــــــة
فضل المحافظة على صلاتي الفجر والعصر
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرؤية في حديث جرير بن عبدالله البجلي أمر عقب ذلك بالمحافظة على الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها،...فمن حافظ على هاتين الصلاتين على مواقتيهما وأدائهما وخشوعهما وحضور القلب فيهما رُجي له أن يكونُ ممن ينظر إلى الله في الجنة في وقتهما
حكمــــــة
قال العلامة السعدي رحمه الله: الخشوع في الصلاة هو: حضور القلب بين يدى الله تعالى، مستحضراً لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته ويقل التفاته، متأدباً بين يدي ربه، مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، من أول صلاته إلى آخرها، فتنتفى بذلك الوساوس والأفكار الرديئة وهذا روح الصلاة، والمقصود منها.
ومن يداوم على الصلاة من غير خشوع، أو على الخشوع من دون محافظة عليها، فإنه مذموم ناقص،....والصلاة....من استحضر فيها قرب ربه، خشع وذل، وأكملها، وبتكميلها يكمل سائر عمله، ويستعين بها على جميع أموره.
من خلَت قلوبهم من محبة الله، فالصلاة كبيرة عليهم
ليس من كانت الصلاة ربيعًا لقلبه، وحياةً له وراحةً، وقرةً لعينه، وجلاءً لحزنه، وذهابًا لهمِّه وغمِّه، ومَفزعًا له يلجأ إليه في نوائبه ونوازله كمن هي سُحت لقلبه، وقيد لجوارحه، وتكليف له، وثِقَلٌ عليه، فهي كبيرة على هذا، وقرة عين وراحة لذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة45، 46]
فإنما كبرت على غير هؤلاء لخلوِّ قلوبهم من محبة الله تعالى وتكبيره وتعظيمه والخشوع له، وقلة رغبتهم فيه، فإن حضور العبد في الصلاة، وخشوعه فيها، وتكميله لها، واستفراغه وسعه في إقامتها وإتمامها على قدر رغبته في الله. وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة، كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك، فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة، وقف هذا بقلبٍ مُخبتٍ له، خاشع له، قريب منه، قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة، فاجتمع همُّه على الله، وقرَّت عينه به، وأحسَّه بقُربه من الله قربًا لا نظير له، ففرَّغ قلبه له، وأقبل عليه بكُليته.
حكمــــــة
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إقامة الصلاة، إقامتها ظاهراً، بإتمام أركانها، وواجباتها، وشروطها، وإقامتها باطناً. بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقوله ويفعله منها.
الصلاة...من أفضل الأعمال. وهي ميزان للإيمان وشرائعه، فبإقامتها على وجهها، تكمل أحوال العبد، وبعدم إقامتها تختل أحواله الدينية.