الزواجر عن اقتراف الكبائر - 8
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال بعض العلماء: وفي أكلها مائة وعشرون مضرة دينية ودنيوية: منها أنها تورث الفكرة الرديئة، وتجفف الرطوبات الغريزية وتعرض البدن لحدوث الأمراض، وتورث النسيان، وتصدع الرأس وتقطع النسل، وتجفف المني، وتورث موت الفجأة واختلال العقل وفساده، والدق، والسل والاستسقاء، وفساد الفكر، ونسيان الذكر، وإفشاء السر، وإنشاء الشر، وذهاب الحياء، وكثرة المراء، وعدم المروءة ونقض المودة، وكشف العورة، وعدم الغيرة، وإتلاف الكيس، ومجالسة إبليس، وترك الصلوات، والوقوع في المحرمات، والبرص، والجذام، وتوالي الأسقام، والرعشة على الدوام، وثقب الكبد، واحتراق الدم والبخر، ونتن الفم، وفساد الأسنان، وسقوط شعر الأجفان، وصفرة الأسنان، وعشاء العين والفشل وكثرة النوم والكسل، وتجعل الأسد كالعجل، وتعيد العزيز ذليلا والصحيح عليلا والشجاع جبانا والكريم مهانا، إن أكل لا يشبع وإن أعطي لا يقنع، وإن كلم لا يسمع، تجعل الفصيح أبكم والذكي أبلم، وتذهب الفطنة، وتحدث البطنة، وتورث العنة واللعنة والبعد عن الجنة. ومن قبائحها أنها تنسي الشهادتين عند الموت، بل قيل إن هذا أدنى قبائحها.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال محمد بن زكريا إمام وقته في الطب:قال: وقد بلغنا من جمع يفوق حد الحصر أن كثيرا ممن عاناها مات بها فجأة وآخرين اختلت عقولهم وابتلوا بأمراض متعددة من الدق والسل والاستسقاء وأنها تستر العقل وتغمره، ومما أنشد فيها أيضا: يا من غدا أكل الحشيش شعاره وغدا فلاح عواره وخماره أعرضت عن سنن الهدى بزخارف لما اعترضت لما أشيع ضراره العقل ينهى أن تميل إلى الهوى والشرع يأمر أن تبعد داره فمن ارتدى برداء زهرة شهوة فيها بدا للناظرين خساره اقصر وتب عن شربها متعوذا من شرها فهو الطويل عثاره.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال محمد بن زكريا إمام وقته في الطب: الحشيشة تولد أفكارا كثيرة رديئة وتجفف المني لقلة الرطوبة في الأعضاء الرئيسية، أي وإذا قلت رطوبة تلك الأعضاء الرئيسية كانت سببا لحدوث أخطر الأمراض وأقبح العلل، ومما أنشد فيها: قل لمن يأكل الحشيشة جهلا يا خسيسا قد عشت شر معيشة دية العقل بدرة فلماذا يا سفيها قد بعته بحشيشه.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال ابن البيطار وإليه انتهت رئاسة زمنه في معرفة النبات والأعشاب في كتابه الجامع لقوي الأدوية والأغذية: ومن القنب الهندي نوع ثالث يقال له القنب ولم أره بغير مصر، ويزرع في البساتين ويسمى بالحشيشة أيضا وهو يسكر جدا إذا تناول منه الإنسان يسيرا قدر درهم أو درهمين حتى إن من أكثر منه أخرجه إلى حد الرعونة، وقد استعمله قوم فاختلت عقولهم وأدى بهم الحال إلى الجنون وربما قتلت.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
نقل الإمام أبو بكر بن القطب العسقلاني أن الحشيشة حارة في الدرجة الثانية يابسة في الأولى تصدع الرأس، وتظلم البصر، وتعقد البطن، وتجفف المني. فيتعين على كل ذي عقل سليم وطبع مستقيم اجتنابها كغيرها مما سبق لما تشتمل عليه من المضار التي هي مبدأ مداعي الهلاك، وربما نشأ من تجفيف المني وصداع الرأس وغيرهما أعظم المفاسد والمضار.
الْكَبِيرَةُ السَّبْعُونَ : أَكْلُ الْمُسْكِرِ الطَّاهِرِ كَالْحَشِيشَةِ وَالْأَفْيُونِ وَالشَّيْكَرَانِ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْبَنْجُ وَكَالْعَنْبَرِ وَالزَّعْفَرَانِ وَجَوْزَةِ الطِّيبِ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
فهذه كلها مسكرة كما صرح به النووي في بعضها وغيره في باقيها، ومرادهم بالإسكار هنا تغطية العقل لا مع الشدة المطربة لأنها من خصوصيات المسكر المائع.
الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ : التَّسْمِيَةُ بِمَلَكِ الْأَمْلَاكِ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل يسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله }. والشيخان: { إن أخنع - اسم عند الله عز وجل - رجل يسمى ملك الأملاك }، زاد في رواية { لا مالك إلا الله }. قال سفيان: مثل شاهين شاه. وقال أحمد بن حنبل: سألت أبا عمرو عن أخنع فقال أوضع. وقال سفيان بن عيينة: أخنع أبشع أو أقبح أو أكره.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
جعل أصحابنا مما يحرم الذبيحة أن يقول باسم الله واسم محمد أو محمد رسول الله بجر اسم الثاني أو محمد إن عرف النحو فيما يظهر، أو أن يذبح كتابي لكنيسة أو لصليب أو لموسى أو لعيسى، ومسلم للكعبة أو لمحمد صلى الله عليه وسلم أو تقربا لسلطان أو غيره أو للجن، فهذا كله يحرم المذبوح وهو كبيرة على ما مر، بخلاف ما لو قصد الفرح بقدومه أو شكر الله عليه، أو قصد إرضاء ساخط أو التقرب إلى الله ليدفع عنه شر الجن.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
صرح ابن القيم: بأن استحلال حرم المدينة كبيرة. قال غيره أي عند الأئمة الثلاثة خلافا لأبي حنيفة لخبر مسلم: " أن أنسا قيل له أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؟ فقال: بلى حرام لا يختلى أي يقطع خلاها أي كلؤها الرطب من فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".
الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ : الْإِلْحَادُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال الله تعالى: { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } نزلت كما رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس بسند فيه ابن لهيعة في عبد الله بن أنيس { بعث معه صلى الله عليه وسلم مهاجريا وأنصاريا فافتخروا في الأنساب فغضب ابن أنيس، فقتل الأنصاري ثم ارتد وهرب إلى مكة } والإلحاد العدول عن القصد.
الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ : اسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
أخرج الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه { أن رجلا: قال يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: هن تسع: الإشراك بالله، وقتل نفس المؤمن بغير حق، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وعقوق الوالدين المسلمين، وعمل السحر، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا }.
الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ : إحْرَامُ الْحَلِيلَةِ بِتَطَوُّعِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَلِيلِ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهَا
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام }.
الْكَبِيرَةُ الْخَمْسُونَ : قَتْلُ الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَيْدًا مَأْكُولًا وَحْشِيًّا وَإِنْ تَأَنَّسَ بَرِّيًّا أَوْ فِي أَحَدٍ مِنْ أُصُولِهِ مَا هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عد ذلك كبيرة هو قياس ما قدمته بحثا أيضا في صوم المرأة بغير إذن زوجها الحاضر، بل هذا أولى لطول زمنه واحتياجها في الخروج منه إلى سفر ونوع من الهتك.
الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : الْجِمَاعُ وَهُوَ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ مُبَانٍ فِي فَرْجٍ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ مُخْتَارٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي الْعُمْرَةِ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
هذا وإن لم أر فيه شيئا من الوعيد ولم أر من عده كبيرة، إلا أن قياس جعلهم إفساد الصوم كبيرة بجماع أو غيره أن يكون إفساد النسك بالجماع كذلك.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
قال ابن عباس رضي الله عنهما كما مر عنه: ما من أحد لم يحج ولم يؤد زكاة ماله إلا سأل الرجعة عند الموت، فقيل له: إنما يسأل الرجعة الكفار، وقال: وإن ذلك في كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: { وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق }
الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ : تَرْكُ الْحَجِّ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ إلَى الْمَوْتِ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { يقول الله عز وجل: إن عبدا صححت له جسمه، ووسعت عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يغدو علي لمحروم } رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي وقال: قال علي بن المنذر: أخبرني بعض أصحابنا: كان حسن بن حي يعجبه هذا الحديث وبه يأخذ ويحب للرجل الموسر الصحيح أن لا يترك الحج خمس سنين.
الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ تَرْكُ الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ الْمُضَيِّقِ وَإِبْطَالُهُ بِنَحْوِ جِمَاعٍ ، وَالْجِمَاعُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مُعْتَكِفٍ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عدي لهذه الثلاثة كبائر غير بعيد ؛ أما الأولان فقياسا على ما مر في رمضان وغيره بجامع الوجوب والتضييق، وأما الثالث فلما فيه من القبح الشديد المنبئ عن قلة اكتراث مرتكبه بالدين ورقة الديانة، لأن المساجد منزهة عن مثل ذلك، وقد ذكر أن تلطيخها بالقذر كفر، فالجماع فيها ينبغي أن يكون كبيرة لأن فيه من هتك حرمتها ما يقرب من تلطيخها بالقذر.
الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ صَوْمُ الْمَرْأَةِ غَيْرَ مَا وَجَبَ فَوْرًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ بِغَيْرِ رِضَاهُ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
أخرج الشيخان: { لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه }. زاد أحمد بسند حسن: { إلا رمضان }. وفي رواية صحيحة: { لا تصم المرأة وزوجها شاهد يوما من غير شهر رمضان إلا بإذنه }.
الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ تَأْخِيرُ قَضَاءِ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ مِنْ رَمَضَانَ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
عد هذا كبيرة وإن لم أره إلا أنه ظاهر، لما تقرر من أنه إذا تعدى بالإفطار يكون فاسقا فتجب عليه التوبة فورا خروجا من الفسق، ولا تصح التوبة إلا بالقضاء فإذا أخره من غير عذر كان متماديا في الفسق، والتمادي في الفسق فسق.
الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ تَرْكُ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ ، وَالْإِفْطَارُ فِيهِ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
أخرج أبو يعلى بإسناد حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال حماد بن زيد ولا أعلمه إلا وقد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: قال: { عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن ابتني الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة المكتوبة وصوم رمضان }.
حكمــــــة
الزواجر عن اقتراف الكبائر - ابن حجر الهيتمي
حكمة كثرة ما جاء من الوعيد في ترك الصلاة والزكاة دون الصوم أنه لا يتركه كسلا مع القدرة عليه إلا الفذ النادر، بخلاف ترك الصلاة والزكاة فإنه كثير في الناس بل أكثر الناس يتهاونون بالصلاة والزكاة ومع ذلك يثابرون على الصوم، ومن ثم تجد كثيرين يصومون وهم لا يصلون وكثيرين لا يصلون إلا في رمضان دون غيره.