7. حياة السلف بين القول والعمل
حكمــــــة
قيام الليل: قال ابن أبي الدنيا رحمه الله: قرأت في كتاب أبي جعفر الآدمي يخطه قال: كنت باليمن فإذا رجل معه ابنٌ له شاب، فقال: إنَّ هذا أبي وهو من خير الآباء، وقد يصنع شيئًا أخاف عليه منه، قلت: وأي شيء يصنع؟ قال: لي بقر تأتيني مساءً فأحلبها، ثم أتي أبي وهو في الصلاة فأحب أن يكون عيالي يشربون فضله، ولا أزال قائمًا عليه والإناء في يدي، وهو مقبل على صلاته، فعسى أن لا ينفتل ويقبل عليَّ حتى يطلع الفجر، قلت للشيخ: ما تقول؟ قال: صدق، وأثنى على ابنه، وقال لي: أخبرك بعذري، إذا دخلت في الصلاة، فاستفتحت القرآن ذهب بي مذاهب، وشغلني حتى ما أذكره حتى أصبح، قال سلامة: فذكرت أمرهما لعبد الله بن مرزوق فقال: هذان يُدفع بهما عن أهل اليمن، قال: وذكرت أمرهما لابن عيينة فقال: هذان يُدفع بهما عن أهل الدنيا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/222].
حكمــــــة
قيام الليل: عن أزهر بن مغيث بن ثابت الثعلبي رحمه الله، حدثنا أبي وكان من القوامين لله في سواد هذا الليل المظلم، قال: رأيت في منامي امرأة لا تشبه نساء أهل الدنيا فقلت: من أنت؟ قالت: حوراء أمة الله، قال: قلت: زوِّجيني نفسك، قالت: اخطبني إلى سيدي وأمهرني، قال: قلت: وما مهرك؟ قالت: طول التهجد. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/296].
حكمــــــة
قيام الليل: عن هرم بن حيان رحمه الله قال: قمت من الليل فقرأت ثلاثًا من الحواميم، ثم غلبت فنمت، فإذا أنا في منامي بجوارٍ أربع قد وقفن علي مزينات، فقلن: يا هرم بن حيان ما كنت خليقا أن تفرق بيننا وبين أخواتنا قلت: ومن أنتن؟ قلن: نحن الأربع البواقي من الحواميم اللواتي لم تقرأنا، قال: فاستيقظت فزعًا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/298].
حكمــــــة
قيام الليل: عن وهب بن منبه رحمه الله قال: لن يبرح المتهجدون من عرصة القيامة حتى يؤتوا بنجائب من اللؤلؤ قد نفخ فيها الروح فيقال لهم: انطلقوا إلى منازلكم من الجنة ركبانًا، قال: فيركبونها فتطير بهم متعالية، والناس ينظرون إليهم، يقول بعض لبعض: من هؤلاء الذين قد منَّ الله عليهم من بيننا؟ قال: فلا يزالون كذلك حتى ينتهي بهم إلى مساكنهم وأفنيتهم من الجنة. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/305].
حكمــــــة
قيام الليل: عن سفيان، قال: كان محمد بن جحادة رحمه الله من العابدين وكان يقال: إنه لا ينام من الليل إلا أيسره قال: فرأت امرأة من جيرانه كأن حُللاً فرقت على أهل مسجدهم، فلما انتهى الذي يفرقها إلى محمد بن جحادة دعا بسفطٍ مختوم فأخرج منه حلة خضراء قالت: فلم يقم لها بصري فكساه إياه وقال: هذه لك بطول السهر، قالت تلك المرأة: فوالله لقد كنت أراه بعد ذلك فأتخايلها عليها، يعني الحلة. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/306].
حكمــــــة
الحج والعمرة: عن عمار بن عمرو البجلي، قال: خرجنا مع محمد بن النضر الحارثي رحمه الله إلى مكة، فما كنا نستيقظ ساعة من الليل إلا وهو على بعيره قاعد يقرأ، قال: فكنا نرى أنه لم ينم حتى دخل مكة، قال: وكان إذا نزل فإنما هو في خدمة أصحابه، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن نحن نكفيك هذا، فيأتي عليهم ويقول: أتبخسون علي بالثواب؟!. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/274].
حكمــــــة
عن حماد بن سلمة قال: ما أتينا سليمان التيمي رحمه الله في ساعة يطاع الله - عزَّ وجلَّ - فيها إلا وجدناه مطيعًا، إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليًا، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوضئًا، أو عائدًا مريضًا، أو مشيعًا لجنازة، أو قاعدًا في المسجد. قال: فكنا نرى أنه لا يحسن يعصي الله - عزَّ وجلَّ. [الحلية (تهذيبه) 1 / 440].
حكمــــــة
عن المعلى بن زياد القُرْدُوسي قال: قلت للحسن البصري رحمه الله: رجلان تفرغ أحدهما للعبادة والآخر يسعى على عياله أيهما أفضل؟ قال: الذي تفرغ للعبادة أفضل. [الزهد للإمام أحمد / 461]. هذا إذا كان السعي في طلب فضول العيش وما زاد عن الحاجة. أما إذا كان في تحصيل لقمة العيش وسد جوعهم وبقاء حياتهم: فقد أجمع أهل العلم من السلف الصالح ومن بعدهم على وجوب السعي في طلب الرزق.
حكمــــــة
القصد في العبادة، وذم الغلو والتنطع: قال ابن القيم رحمه الله: السلف يذكرون هذين الأصلين كثيراً - وهما الاقتصاد في الأعمال والاعتصام بالسنة- فإن الشيطان يشمُّ قلب العبد ويختبره: فإذا رأى فيه داعية للبدعة وإعراضاً عن كمال الانقياد للسنة: أخرجه عن الاعتصام به. وإن رأى فيه حرصا على السنة وشدة طلب لها: أمره بالاجتهاد والجور على النفس، ومجاوزة حد الاقتصاد فيها قائلا له: إن هذا خير وطاعة، فلا تفتر مع أهل الفتور، ولا تنم مع أهل النوم. ا.هـ بتصرف. مدارج السالكين 2/342
حكمــــــة
القصد في العبادة، وذم الغلو والتنطع: عن يحيى بن أَكْثَم قال: صَحِبْتُ وكيعًا رحمه الله في الحَضَرِ والسَّفَرِ، وكان يَصومُ الدَّهْرَ، ويَخْتِمُ القرآن كُلَّ ليلة. قال الذهبي رحمه الله: هذه عبادةٌ يخضعُ لها. ولكنَّها من مثلِ إمامٍ من الأئمةِ الأثَرية مفضُولةٌ، قد صحَّ نهيُه - عليه السلام - عن صَومِ الدَّهر، وصحَّ أنَّه نهى أن يُقرأ القرآنُ في أقلَّ من ثلاث، والدِّين يُسرٌ، ومتابعةُ السُّنَّة أولى، فرضي الله عن وكيع رحمه الله، وأين مثلُ وكيع؟! ومعَ هذا فكان مُلازِمًا لشُربِ نبيذِ الكوفة الذي يُسِكرُ الإكثارُ منه فكان مُتأولاً في شُربه، ولو تركه تورُّعًا، لكان أولى به، فإنَّ مَنْ تَوقَّى الشُّبهات، فقد استبرأَ لدينِهِ وعِرْضِه، وقد صحَّ النهيُ والتحريمُ للنَّبيذِ المذكور. وليس هذا موضعَ هذه الأمور، وكل أحدٍ يُؤْخَذُ من قوله ويُتركُ، فلا قُدوةَ في خطأ العالِم، نَعَم، ولا يُوَبَّخُ بما فعله باجتهاد، نسأل الله له المُسَامحة. [السير (تهذيبه) 2/809].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس فرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلُطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون. وينبغي لحامل القرآن: أن يكون باكيًا محزونًا حليمًا حكيمًا سِكّيتًا، ولا ينبغي لحامل القرآن: أن يكون جافيًا، ولا غافلاً، ولا سخّابًا، ولا صيّاحًا، ولا حديدًا. (رواه الإمام أحمد). [صفة الصفوة 1/188].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن:عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: إن هذا القرآن مأدبة الله، فمن استطاع أن يتعلم منه شيئًا فليفعل، فإن أصفر البيوت من الخير الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء كخراب البيت الذي لا عامر له، وإن الشيطان يخرج من البيت الذي تسمع فيه سورة البقرة. [الحلية (تهذيبه) 1/ 119].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن عبيد بن أبي الجعد، عن رجل من أشجع. قال: سمع الناس بالمدائن أن سلمان الفارسي رضى الله عنه في المسجد، فأتوه فجعلوا يثوبون إليه، حتى اجتمع إليه نحو من ألف، قال فقام فجعل يقول: اجلسوا اجلسوا، فلما جلسوا فتح سورة يوسف يقرؤها، فجعلوا يتصدعون ويذهبون حتى بقي في نحو من مائة. فغضب وقال: الزخرف من القول أردتم؟ ثم قرأت عليكم كتاب الله فذهبتم! [الحلية (تهذيبه) 1 / 163].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن مسروق، قال: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري رضي الله عنه، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو كاد أن يصبح يقرأ بآية يركع بها ويسجد ويبكي: " أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ " [العنكبوت: 4]. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/256، 257].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: كان هارون بن رئاب الأسدي رحمه الله يقوم من الليل للتهجد فربما ردد هذه الآية " فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " [الأنعام: 27]، ويبكي فهو كذلك حتى يذهب ليل طويل، وكان إذا قام للتهجد قام مسرورًا. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/257].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن الحسن رحمه الله قال: قرَّاءُ القرآن ثلاثة: فرجل اتخذه بضاعة ينقله من مصر إلى مصر، يطلب به ما عند الناس. وقوم قرؤوا القرآن فحفظوا حروفه، وضيعوا حدوده، استدرجوا به الولاة، واستطالوا به على أهل بلادهم، فتجد أكثر هذا الضرب في حملة القرآن لا أكثرهم الله. ورجل قرأ القرآن فبكى بما يعلم من دواء القرآن، فوضعه على داء قلبه، فسهر لله وهملت عيناه، تسربلوا الحزن، وارْتَدَوا بالخشوع، وكدُّوا في محاريبهم، فبهم يسقي الله الغيث، وينزل النصر، ويرفع البلاء، والله لهذا الضرب في حملة القرآن أقل من الكبريت الأحمر. [موسوعة ابن أبي الدنيا 3/290].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن عبد الله بن إسماعيل قال: حدثني رجل من قيس يكنى أبا عبد الله، قال: بينا أنا ذات ليلة عند الحسن رحمه الله فقام من الليل يصلي، فلم يزل يردد هذه الآية حتى أسحر: " وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا " [إبراهيم: 34]، فلما أصبح قلنا: يا أبا سعيد لم تكن تجاوز هذه الآية سائر الليلة قال: إن فيها معتبرًا، ما أن نرفع طرفًا ولا نرد إلا وقع علينا نعمة، وما لا نعلم من نعم الله أكثر. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/257].
حكمــــــة
حال السلف مع القرآن: عن عامر بن عبد قيس رحمه الله قال: ما أبالي ما فاتني من الدنيا بعد آيات في كتاب الله قوله: " وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ". [هود: 6]. وقوله: " مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ " [فاطر: 2]. [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/279].