1. فوائد من كتاب أسعـد امـرأة في العـالـم
حكمــــــة
السبيكة الأولى: امرأة تحدَّت الجبروت: تأملي كيف جعل هذه المرأة (آسية، رضى الله عنها مثلا حيًا للمؤمنين والمؤمنات، وكيف جعلها رمزًا وعلمًا ظاهرًا لكل من أراد أن يهتدي وأن يستنَّ بسنة الله في الحياة، وما أعقل السبيكة الأولى: امرأة تحدَّت الجبروت هذه المرأة وما أرشدها ؛ حيث إﻧﻬا طلبت جوار الرب الكريم، فقدمت الجار قبل الدار، وخرجت من طاعة اﻟﻤﺠرم الطاغية الكافر فرعون ورفضت العيش في قصره ومع خدمه وحشمه ومع زُخرفه، وطلبت دارًا أبقى وأحسن وأجمل في جوار رب العالمين، في جناتٍ وﻧﻬر، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر، إﻧﻬا امرأة عظيمة ؛ حيث إنَّ همتها وصدقها أوصلاها إلى أن جاهرت زوجها الطاغية بكلمة الحق والإيمان، فعُذبت في ذات الله، وانتهى ﺑﻬا المطاف إلى جوار جعلها قدوًة وأسوًة لكل مؤمنٍ ومؤمنةٍ إلى قيام الساعة. وامتدحها في كتابه رب العالمين، وأثنى على عملها، وذمَّ زوجها المنحرف عن منهج الله في الأرض.
حكمــــــة
السبيكة الثانية:عندكِ ثروةٌ هائلةٌ من النِّعَم: أختاه إنّ مع العسر يسراً، وإن بعد الدمعة بسمةً، وإن بعد الليل نهاراً، سوف تنقشع سحبُ الهم، وسوف ينجلي ليلُ الغم، وسوف يزول الخطبُ، وينتهي الكربُ بإذن الله، واعلمي أنك مأجورة، فإن كنت أمَّاً فإن أبناءك سوف يكونون مَدداً للإسلام، وعوناً للدين، وأنصاراً للملة، متى قمتِ بتربيتهم تربية صالحة، وسوف يدعون لك في السجود، وفي السحر، إنها نعمةٌ عظيمة أن تكوني أُمَّاً رحيمةً رؤومة، ويكفيك شرفاً وفخراً أن أم محمد صلى الله عليه وسلم امرأةٌ أهدت البشرية الإمام العظيم، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
إنَّ في وسعك أن تكوني داعيةً إلى منهج الله في بنات جنسك، بالكلمة الطيبة، بالموعظة الحسنة، بالحكمة، والمجادلة بالتي هي أحسن، بالحوار، بالهداية، بالسيرة العطرة، بالمنهج الجليل النبيل، فإن المرأة تفعل بسيرتها وعلمها الصالح مالا تفعله الخُطَبُ والمحاضراتُ والدروسُ، وكم من امرأةٍ سكنت في حيٍّ من الأحياء، فنُقل عنها الدينُ والحشمةُ والحجابُ والخلقُ الحسن، والرحمةُ بالجيران، والطاعةُ للزوج، فصارت سيرتُها العطرة محاضرةً تُتلى، ووعظاً يُنقل في المجالس، وصارت أسوةً لبنات جنسها.
حكمــــــة
السبيكة الثالثة:عندكِ ثروةٌ هائلةٌ من النِّعَم: كل ما أصابكِ في ذات الله فهو مُكّفرٌ بإذن الواحد الأحد، وأبشري بما ورد في الحديث: (إذا أطاعت المرأة ربها، وصلَّت خمسها، وحفظت عرضها، دخلت جنة ربها)، فهي أمور ميسرة على من يسَّرها الله عليه، فقومي بهذه الأعمال الجليلة، لتلقي ربَّاً رحيماً، يُسعدك في الدنيا والآخرة، قفي مع الشرع حيث وقف، واستنِّي بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فأنت مسلمة، وهذا شرفٌ عظيم، وفخرٌ جسيم، فغيركِ ولدت في بلاد الكفر، إما نصرانيةً، أو يهوديةً، أو شيوعيةً، أو غير ذلك من الملل والنحل المخالفة لدين الإسلام، أما أنتِ فإن الله اختاركِ مسلمةً، وجعلكِ من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ومن المتبعين المقتدين بعائشة وخديجة وفاطمة رضي الله عنهن جميعاً، فهنيئاً لك أنك تصلِّين الخمس، وتصومين الشهر، وتحجِّين البيت، وتتحجَّبين الحجاب الشرعي، هنيئاً لكِ أنكِ رضيتِ بالله ربَّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً.
حكمــــــة
السبيكة الرابعة:لا تستوي مؤمنةٌ وكافرةٌ: إنَّ بإمكانك أن تسعدي إذا نظرْتِ في ظاهرة واحدة ؛ وهي واقع المرأة المسلمة في بلاد الإسلام، وواقع المرأة الكافرة في بلاد الكفر، فالمسلمة في بلاد الإسلام، مؤمنة، متصدِّقةٌ، صائمةٌ، قائمةٌ، متحجبةٌ، طائعةٌ لزوجها، خائفةٌ من ربها، متفضلةٌ على جيرانها، رحيمةٌ بأبنائها، فهنيئاً لها الثواب العظيم، والسكينة والرضا، وأما المرأة في بلاد الكفر، فهي امرأةٌ متبرجةٌ،جاهلةٌ، سخيفةٌ، عارضةُ أزياء، سلعةٌ منبوذة، بضاعة رخيصة تُعرض في كل مكان، لا قيمة لها، لا عِرض ولا شرفَ ولا ديانة، فقارني بين الظاهرتين والصورتين ؛ لتجدي أنك الأسعد والأرفع والأعلى، والحمد لله: " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ".
حكمــــــة
السبيكة الخامسة:الكسلُ صديقُ الفشلِ: أوصيك بمزاولة العمل، وعدم الركون للفتور والكسل والاستسلام للفراغ، بل قومي وأصلحي من بيتك أو مكتبتك، أو أدي وظيفتك، أو صلِّي، أو اقرئي في كتاب الله، أو في كتابٍ نافع، أو استمعي إلى شريطٍ مفيد، أو اجلسي مع جاراتك وصديقاتك وتحدثي معهن فيما يقربكن من الله عز وجل، حينها تجدين السعادة والانشراح والفرح – بإذن الله – وإياك.. إياك أن تستسلمي للفراغ أو البطالة ؛ فإن هذا يورثك هموماً وغموماً ووساوس وشكوكاً وكدراً لا يزيله إلا العمل. وعليك بالاعتناء بمظهرك، من جمالٍ في الهيئة، ومن طيبٍ داخل البيت، ومن ترتيبٍ في مجلسك، ومن حسن خُلُقٍ تلقين به زوجك، وأبناءك، وإخوانك، وأقرباءك، وصديقاتك، ومن بسمةٍ راضيةٍ، ومن انشراحٍ في الصدر.
حكمــــــة
أحذرك من المعاصي فإنها سبب الحزن، خاصةً المعاصي التي تكثر عند النساء ؛ من النظر المحرم، أو التبرج، أو الخلوة بالأجنبي، أو اللعن والشتم والغيبة، أو كفران حقِّ الزوج وعدم الاعتراف بجميلة، فإن هذه ذنوبٌ تكثر عند النساء إلا من رحم الله، فاحذري من غضب الباري – جل في علاه -، واتقي الله عز وجل فإن تقواه كفيلةٌ بإسعادك وإرضاء ضميرك:
حكمــــــة
السبيكة السادسة:أنتِ بما عندكِ فوق ملايين النساء: تفكري في العالم بأسره، أما يوجد في المستشفيات أسرَّةٌ بيضاءُ يرقد عليها آلافٌ من البشر أصابهم المرض من سنوات، واجتاحتهم الحوادث من أعوام؟، أما في السجون آلاف من الناس وراء الحديد، كُدِّرت عليهم حياتُهم وذهبت لذتهم؟ أما في دُوْر العناية والمستشفيات أناسٌ ذهبت عقولُهم وفقدوا رشدهم فصاروا مجانين؟، أليس هناك فقراء يسكنون في الخيام الممزقة وفي الأكواخ لا يجدون كسرة خبز؟، أليس هناك نساءٌ أصيبت الواحدة منهنَّ فمات جميع أبنائها في حادث واحد؟، أو امرأةٌ ذهب بصرُها أو سمعُها، أو بُترت يدُها أو رجلُها، أو ذهب عقلُها، أو أصيبت بمرضٍ عُضالٍ من سرطانٍ ونحوه، وأنتِ سليمةٌ، معافاةٌ، في خيرٍ، وسكينةٍ، وأمنٍ، ورضىً؟، فاحمدي الله على نعمه.
حكمــــــة
لا تصرفي أوقاتك فيما لا يرضي الله عز وجل؛ من الجلوس طويلاً أمام القنوات الفضائية، وما فيها من رُخْصٍ، وزيفٍ، وبضاعةٍ مزجاةٍ، ومادةٍ تافهة، تورث القلب الأسقام والأحزان، وتعطِّل الجسم عن أداء وظيفته، ولكن خذي النافع المفيد، مثل محاضرةٍ، أو ندوةٍ، أو برنامجٍ طبيِّ نافع، أو أخبارٍ تهم المسلم والمسلمة، أو نحو ذلك، واجتنبي هذه التفاهاتِ التي تُعرض، وهذا المجون الذي يُصدَّر، فإنها تسقط الحياء والحشمة والدين.
حكمــــــة
السبيكة السابعة:ابني لكِ قصراً في الجنة: انظري كم مرَّ من أجيال؟ هل ذهبوا بأموالهم؟ هل ذهبوا بقصورهم؟ هل ذهبوا بمناصبهم؟ هل دُفنوا بذهبهم وفضتهم؟ هل انتقلوا إلى الآخرة بسياراتهم وطائراتهم؟ لا....!، جُرِّدوا حتى من الثياب، والأغطية، وأدخلوا بأكفانهم في القبر، ثم سُئل الواحد منهم: مَنْ ربُّك؟ مَنْ نبيًّك؟ وما دينُك؟، فتهيئي لذلك اليوم، ولا تحزني ولا تأسفي على شيءٍ من متاع الدنيا، فإنه زائل رخيص، ولا يبقى إلا العمل الصالح، قال سبحانه وتعالى: " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
حكمــــــة
السبيكة الثامنة:لا تمزقي قلبك بيديكِ: اجتنبي كلَّ ما يقتل الوقت، من مطالعةٍ لمجلاتٍ خليعة، وصورٍ عارية، وأفكارٍ بائسة، أو كتبٍ إلحادية، أو رواياتٍ ساقطةٍ في عالم الأخلاق، ولكن عليك بالنافع المفيد، كالمجلات الإسلامية، والكتب النافعة، والدوريات البنََّاءة، والمقالات التي تنفع العبد في الدنيا والآخرة، فإنَّ بعض الكتب والمقالات تورث في النفس شكّاً، وفي الضمير شبهةً وانحرافاً، وهذه من آثار الثقافة المنحرفة المنحلة التي وفدت علينا من العالم الكافر، والتي اجتاحت بلاد الإسلام.
حكمــــــة
اعلمي أن الله عز وجل عنده مفاتح الغيب، وهو الذي يفرِّج الهمِّ والغمَّ فألحِّي عليه بالدعاء، وكرِّري هذا الدعاء دائماً وأبداً: (اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من البخل والجبن، وأعوذ بك من غَلَبة الدين وقهر الرجال)، فإذا كررتِ هذا الحديث كثيراً، وتأملتِ معانيه، فرَّج الله عنكِ كَرْبَكِ وهمَّكِ وغمَّكِ بإذن الله.
حكمــــــة
السبيكة التاسعة: أنتِ تتعاملين مع ربِّ كريمٍ جواد: استبشري خيراً، فإن الله قد أعدَّ لكِ ثواباً عظيماً، وهو القائل – سبحانه وتعالى -: " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى "، فالله – سبحانه – وعد النساء كما وعد الرجال، وأثنى على النساء كما أثنى على الرجال ؛ فقال: " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ... " الآية، فدل على أنكِ شقيقةُ الرجل وقرينتُه، وأنَّ أجرك محفوظ عند الله، فلكِ من أفعال الخير في البيت والمجتمع ما يوصلك إلى رضوان الله عز وجل، فاضربي أحسن الأمثلة، وكوني نبراساً لأبناء أمتك، ومثلاً سامياً لهم.
حكمــــــة
السبيكة العاشرة: أنتِ الرابحةُ على كلِّ حالٍ: عليك بالاحتساب، فإنْ وقع عليك همٌّ أو غمٌّ أو حزنٌ فاعلمي أنه كفارة للذنوب، وإن فقدْتِ أحد أبنائك فاعلمي أنه شافعٌ عند الواحد الأحد، وإن أصابتك عاهةٌ أو مرضٌ في الجسم فاعلمي أنه بأجره عند الله، وأنه محفوظ لك عند الواحد الأحد، الجوع بأجره، والمرض بثوابه، والفقر بجزائه عند الله عز وجل، فلن يضيع عند الواحد الأحد شيء، والله عز وجل يحفظ هذا، كما يحفظ الوديعة لصاحبها حتى يؤديها في الآخرة.
حكمــــــة
العقد الأول:عدِّدي مواهبَ الله عليكِ: إذا أصبحت فتذكري أن الصباح قد أطلَّ على آلاف البائسات وأنت منعمة، وعلى آلاف الجائعات وأنت شبعانة، وعلى آلاف المأسورات وأنت حرةٌ طليقة، وعلى آلاف المصابات والثكلى وأنت سعيدةٌ سالمة، كم من دمعةٍ على خد امرأة، وكم من لوعة في قلب أم، وكم من صراخٍ في حنجرة طفلة، وأنت باسمةٌ راضية، فاحمدي الله على لطفه وحفظه وكرمه. اجلسي جلسة مصارحة مع نفسك، واستخدمي الأرقام والإحصائيات: كم عندك من الأشياء والأموال والنعم والمسرات والمبهجات ؛ جمالٌ ومالٌ وعيالٌ وظلالٌ وسكنٌ ووطنٌ ومِنَن، ضياءٌ وهواءٌ وماءٌ وغذاءٌ ودواءٌ، فافرحي، واسعدي، واستأنسي.
حكمــــــة
العقد الثاني: قليلٌ يسعدكِ ولا كثيرٌ يشقيكِ: عمرك المحسوب هو عمر السرور والفرح والرضا والسكينة والقناعة، أما الجشع والطمع والهلع فليس من عمرك أصلاً ؛ فهو ضد صحتك وعافيتك وجمالك، فحافظي على الرضى عن الله، والقناعة بالمقسوم، والإيمان بالقدر، والتفاؤل بالمستقبل، وكوني كالفراشة خفيفة الظل، بهيجة المنظر، قليلة التعلق بالأشياء، تطير من زهرةٍ إلى زهرةٍ، ومن تلٍّ إلى تلٍّ، ومن روضةٍ إلى روضةٍ، أو كوني كالنحلة، تأكل طيِّباً وتضع طيِّباً، وإذا سقطت على عود لم تكسه، تمسُّ الرحيق ولا تلسع، وتضع العسل ولا تلدغ، تطير بالمحبة، وتقع بالمودة، لها طنينٌ بالبشري، وأنينٌ بالرضوان، كأنها من ملكوت السماوات هبطت، ومن عالم الخلود وقعت.
حكمــــــة
العقد الثالث: انظري إلى السَّحابِ ولا تنظري إلى التراب: كوني صاحبة همةٍ عالية، أرجوك في الصعود دائماً، أرجوك بالاستمرار أبداً، احذري الهبوط والسقوط، واعلمي أن الحياة دقائق وثواني، وكوني كالنملة في الجدِّ والمثابرة والصبر، حاولي دائماً، توبي فإن عدت إلى الذنب فعودي إلى التوبة، احفظي القرآن فإن نسيت فعودي إلى حفظه مرةً ثانيةً وثالثةً.... وعاشرة، المهم أن لا تشعري بالفشل والإحباط ؛ لأن التاريخ لا يعرف الكلمة الأخيرة، والعقل لا يعترف بالنهاية المرة، بل هناك محاولة وتصحيح. إن العمر كالجسم يمكن أن تُجرى له عمليةٌ جراحيةُ تجميلية، إن العمر كالبناء يمكن أن يُرمَّم، وأن يُشاد من جديد، وأن يُجَمَّل بالطلاء والدهان، فإياكِ ومدرسة الفشل والإخفاق، وأزيلي من ذهنك توقعات المرض، والكوارث، والمصائب، والمحن، والله يقول: " وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ".
حكمــــــة
العقد الرابع: كوخٌ بإيمانٍ ولا قصرٌ مع طغيانٍ: إن امرأةً مسلمةً تعيش في كوخ، تعبد ربها، وتصلي خمسها، وتصوم شهرها، أسعد من امرأة تعيش في قصر شاهق بين العُبْدان والقيان والعيدان والكيزان، وإن مؤمنةً في بيت من شعر، على خبز الشعير، وعلى ماء الجرة، معها مصحفها ومسبحتها، أسعدُ عيشاً من امرأة تعيش في برج عاجي، وفي غرف مخملية، وهي لا تعرف ربها، ولا تذكر مولاها، ولا تتبع رسولها. أجل افهمي معنى السعادة ؛ فليس هو المعنى الضيق المحرف الذي يتوهمه كثير من الناس، فيظنونه في الدولار والدينار والدرهم والريال، والمفروشات، والملبوسات، والمطعومات، والمشروبات، والمركوبات، كلا وألف كلا !... السعادة رضا قلبٍ، راحةُ ضميرٍ، قرارُ نفسٍ، فرحةُ روحٍ، انشراحُ بالٍ، صلاحُ حالٍ، استقامة خُلُقٍ، تهذيبُ سلوكٍ، مع قناعةٍ وكفاف.
حكمــــــة
العقد الخامس: وزِّعي الأوقات على الواجبات: جرِّبي حظك مع كتابٍ نافع، أو شريط مفيدٍ، قراءةً واستماعاً، أنصتي لتلاوةٍ عطرةٍ من كتاب الله، علَّ آيةٍ واحدة تهزُّ كيانَكِ، وتنفُذُ إلى أعماقكِ، وتخاطب وجدانك، فيكون معها الهداية والنور، ويذهب معها اليأس، والشك، والشبهة، والقنوط، طالعي في دواوين السنة، واقرأي كلام الحبيب في(رياض الصالحين) ؛ لتجدي الدواء الناجع، والعلم النافع، الذي يُحصِّنك من الزلل، ويحفظك من الخلل، ويشافيك من العلل ؛ فدواؤك في الوحي كتاباً وسنةً، وراحتك في الإيمان، وقرة عينك في الصلاة، وسلامة قلبك في الرضا، وهدوء بالك في القناعة، وجمال وجهك في البسمة، وصيانة عرضك في الحجاب، وطمأنينة خاطرك في الذكر.
حكمــــــة
العقد السادس: سعادتُنا غيرُ سعادتهم: من قال لك: إن الموسيقى اللاهية، والأغنية الهابطة، والمسلسل الهدام، والمسرحية العابثة، والمجلة الخليعة، والفلم المشبوه، تورث السعادة والسرور؟ كذب من قال ذلك !.. إن هذه الوسائل مفاتيح الشقاء، وطرق الكآبة، وأبواب الهموم والغموم والأحزان، باعترافاتٍ موثقةٍ ممن مارسها وعرفها ثم تاب منها، فاهربي من هذه الحياة التعيسة البئيسة، حياةِ العابثين اللاغين المنحرفين عن صراط الله المستقيم، وتعالى إلى تلاوةٍ خاشعة، وقراءة نافعة، وموعظةٍ دامعة، وخطبةٍ ساطعة، وصدقةٍ رابحة، وتوبةٍ صادقة، تعالي إلى جلساتٍ روحانية، وأذكارٍ ربانية، علَّ الله أن يتوب عليك، فيملأ قلبك سكينة وأمناً وطمأنينةً.
حكمــــــة
العقد السابع: اركبي سفينة النجاةِ: لقد طالعتُ عشرات القصص للفنانين والفنانات، واللاهين واللاهيات، واللاغين واللاغيات، والعابثين والعابثات، الأحياء منهم والأموات، فقلت: وا أسفاه، أين المسلمون والمسلمات، والمؤمنون والمؤمنات، والصادقون والصادقات، والصائمون والصائمات، والعابدون والعابدات، والخاشعون والخاشعات؟!، هل يتسع العمر المحدود القصير كي يضيع بهذه الطريقة من العبثية والهامشية ويصرف في سوق الإهمال والمعصية؟، هل لكِ عمر آخر غير هذا العمر؟ هل عندكِ أيام غير هذه الأيام؟، هل لديكِ العهد الوثيق من الله أنكِ لن تموتي؟.. كلا والله، بل الأوهام والظنون الكاذبة، والأماني الفاشلة، فحاسبي النفس إذن، وجددي المسيرة وحثي الخطا، والحقي بالقافلة، واركبي سفينة النجاة.
حكمــــــة
العقد الثامن: مفتاحُ السعادة سجدةٌ: أولُ صفحات السعادة في دفتر اليوم، وأول بطاقات المعايدة في سجل النهار صلاةُ الفجر، فابدئي بصلاة الفجر يومكِ، وافتتحي بصلاة الفجر نهاركِ، حينها تكونين في ذمة الله، في عهد الله، في حفظ الله، في رعاية الله، في أمان الله، وسوف يحفظكِ من كل مكروه، ويرشدكِ إلى كل خير، ويدلكِ على فضيلة، ويمنعكِ من كل رذيلة، لا بارك الله في يوم لم يبدأ بصلاة الفجر، لا حيَّا الله نهاراً ليس فيه صلاة فجر، إنها أول علامات القبول، وعنوان كتاب الفلاح، ولافتة النصر والعز والتمكين والنجاح. فهنيئاً لكل من صلَّى الفجر، طوبى لكل من صلَّى الفجر، قرة عين لمن حافظ على صلاة الفجر، وبؤساً وتعاسةً وخيـبةً لمن أهمل صلاة الفجر !
حكمــــــة
العقد التاسع: عجوزٌ تصنعُ الرموز: كوني كالعجوز عند الحجاج يوم وثقت بربها، يوم سجن الحجَّاجُ ابنها، وحلف بالله للعجوز أن يقتله، فقالت في ثقة وحزم وشجاعة وإقدام: (لو لم تقتله مات) !، كوني كالعجوز الفارسية في توكلها على الله يوم غابت عن كوخ دجاجها ونظرت إلى السماء وقالت: اللهم أحفظ كوخ دجاجي فإنك خير الحافظين !، وكوني في صمود أسماء بنت أبي بكر وقد رأت ابنها عبد الله بن الزبير مقتولاً مصلوباً فقالت كلمتها المشهورة:أما آن لهذا الفارس أن يترجَّل؟!.. وكوني كالخنساء قدمت أربعة في سبيل الله، فلما قُتِلوا قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم شهداء في سبيله.. انظري لهؤلاء النسوة وتاريخهنَّ المجيد وسيرتهن الحافلة.
حكمــــــة
العقد العاشر: حتى تكوني أبهى إنسانةٍ في الكون: أنت بجمالكِ أبهى من الشمس، وبأخلاقكِ أزكى من المسك، وبتواضعك أرفع من البدر، وبحنانك أهنأ من الغيث، فحافظي على الجمال بالإيمان، وعلى الرضا بالقناعة، وعلى العفاف بالحجاب، واعلمي أن حُليَّك ليس الذهب والفضة ولا الألماس، بل ركعتان في السحر، وظمأ الهواجر صياماً لله، وصدقةٌ خفيةٌ لا يدري بها إلا الله، ودمعةٌ حارة تغسل الخطيئة، وسجدةٌ طويلةٌ على بساط العبودية، وحياءٌ من الله عند نوازع الشر وداعي الشيطان، فالبسي لباس التقوى فإنك أجملُ امرأةٍ في العالم، ولو كانت ثيابك ممزقة، وارتدي عباءة الحشمة فإنك أبهى إنسانة في الكون ولو كنت حافية القدمين، وإياك وحياة الفاجرات الكافرات الساحرات العاهرات السافرات، فإنهن وقود نار جهنم " لا يَصْلاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ".
حكمــــــة
العسجدة الأولى: يا سامية المقام: أيتها المسلمة الصادقة، أيتها المؤمنة المنيبة، كوني كالنخلة بعيدةً عن الشر، رفيعةً عن الأذى، تُرمى بالحجارة فتسقط تمراً، دائمة الخضرة صيفاً وشتاءً، كثيرةَ المنافع، كوني سامية المقام عن سفاسف الأمور، مصونة الجناب عن كل ما يخدع الحياء، كلامُكِ ذكرٌ، ونظركِ عبرة ؛ وصمتُكِ فكر، حينها تجدين السعادة والراحة، فيُنشر لك القبول في الأرض، وينهمر عليكِ الثناء الحسن والدعاء الصادق من الخَلْق، ويُذهِبُ الله عنكِ سحاب الضنْكِ، وشبح الخوف، وأكوام الكدر، نامي على زجل دعاء المؤمنين لكِ، واستيقظي على نشيد الثناء عليكِ، حينها تعلمين أن السعادة ليست في الرصيد، وإنما في طاعة الحميد، وليست في لبس الجديد، ولا في خدمة العبيد، وإنما في طاعة المجيد.
حكمــــــة
العسجدة الثانية: اقبلي النعمة ووظِّفيها: وظفي نعم الله مع شكره وطاعته، وانعمي بالماء شرباً ووضوءاً وغسلاً، وتدثري بالشمس دفئاً ونوراً، واغتسلي بضوء القمر حُسْناً ومتعةً، واقطفي من الثمار، وعُبِّي من الأنهار، وانظري في البحار، وسيري في القفار، واشكري العزيز الغفار، الملك القهار، استفيدي من هذا العطاء المبارك الذي منَّ الله به عليكِ، وإياكِ والتنكر لنعم الله: " يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا "، إياكِ والجحود، وقبل أن تنظري في شوك الورد، انظري في جماله، وقبل أن تشتكي حرارة الشمس تمتعي بضيائها، وقبل أن تتذمري من سواد الليل تذكري هدوءه وسكينته، لماذا هذه النظرة التشاؤمية السوداوية للأشياء؟، لماذا تغيير النعم عن مسارها؟: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً... " فخذي هذه النعم واقبليها بقبولٍ حسنٍ، واحمدي الله عليها.
حكمــــــة
العسجدة الثالثة: مع الاستغفار الرزقُ المدرار: قالت امرأة: مات زوجي وأنا في الثلاثين من عمري وعندي منه خمسة أبناء وبنات، فأظلمت الدنيا في عيني وبكيت حتى خفت على بصري، وندبت حظي، ويئست، وطوقني الهم، وغشيني الغم، فأبنائي صغار، وليس لنا دخل يكفينا، وكنت أصرف باقتصاد من بقايا مال قليل تركه لنا أبونا، وبينما أنا في غرفتي فتحت المذياع على إذاعة القرآن الكريم وإذا بشيخٍ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً)، فأكثرت بعدها من الاستغفار، وأمرت أبنائي بذلك، وما مرَّ بنا والله ستة أشهر حتى جاء تخطيط مشروع على أملاك لنا قديمة، فعُوِّضت فيها بملايين، وصار ابني الأول على طلاب منطقته، وحفظ القرآن كاملاً، وصار محلَّ عنايةِ الناس ورعايتهم، وامتلأ بيتنا خيراً، وصرنا في عيشة هنية، وأصلح الله لي كل أبنائي وبناتي، وذهب عني الهمُّ والحزنُ والغمُّ، وصرت أسعد امرأة.
حكمــــــة
العسجدة الرابعة: الدعاء يرفع البلاء: لي صديق عابد صالح أصيبت زوجته بمرض السرطان ولها منه ثلاثة أبناء، فضاقت به الدنيا بما رحبت، وأظلمت الأرض في عينه، فأرشده أحد العلماء إلى قيام الليل والدعاء في السحر مع الاستغفار والقراءة في ماء زمزم لزوجته، فاستمر على هذا الحال، وفتح الله عليه في الدعاء، وأخذت زوجته تغسل جسمها بماء زمزم مع القراءة عليه، وكان يجلس معها من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ومن صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، يستغفرون الله ويدعونه، فكشف الله ما بها وشافاها وعافاها وأبدلها جلداً حسناً وشعراً جميلاً، وقد تعلقت بالاستغفار وصلاة الليل، فسبحان المشافي المعافي لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه. فيا أختاه إذا مرضتِ ففري إلى الله، وأكثري من الاستغفار والدعاء والتوبة، وأبشري بما يسرك، فإن الله يستجيب الدعاء ويكشف الكرب ويُذهب السوء: " أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ".
حكمــــــة
العسجدة الخامسة: احذري اليأس والإحباط: سُجِن شابٌ ليس لوالدته إلا هو، فذهب النوم عنها وأخذ الهم منها كل مأخذ، وبكت حتى ملَّ منها البكاء، ثم أرشدها الله إلى قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فكررت هذه الكلمة العظيمة التي هي كنز من كنوز الجنة، وما هي إلا أيام – بعدما يئست من خروج ابنها – وإذا به يطرق الباب فامتلأت سروراً وغبطةً وبهجةً وفرحاً، وهذا جزاء من تعليق بربه وأكثر من دعائه وفوَّض الأمر إليه، فعليك بلا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كلمة عظيمة، فيها سرُّ السعادة والفلاح، فأكثري منها، وطاردي بها فلول الهمِّ، وكتائب الحزنِ، وأشباح الاكتئاب، وأبشري بسرور من الله وفرج قريب، وإياك أن ينقطع بكِ حبلُ الرجاء، أو تصابي بالإحباط، فإنه ما من شدةٍ إلا ولها رخاء، وما من عسرٍ إلا وبعده يسر، سُنَّةٌ ماضية، وقضيةٌ مفروغٌ منها، فالله الله في حسن الظن بالله، والتوكل عليه، وطلب ما عنده، وانتظار الفرج منه.
حكمــــــة
العسجدة السادسة: بيتُكِ مملكةُ العزِّ والحبِّ: أيتها العزيزة الغالية: الزمي بيتك إلا من أمرٍِ مهم، فإن بيتك سرُّ سعادتك: " وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ " ؛ ففي بيتك تجدين طعم السعادة، وتحافظين على ناموس شرفكِ ووقاركِ وحشمتكِ، فإن المرأة الهامشية هي التي تُكثر من الخروج إلى الأسواق من غير ضرورة، فهمها متابعة الموضات، ومراقبة الأزياء، ودخول المحلات التجارية، والسؤال عن كل جديد وغريب، ليس لها همٌّ ديني، ولا رسالةٌ دعوية، ولا هِمَّةٌ في المعرفة والعلم والثقافة، بل هي مسرفةٌ مبذِّرة، همها المأكول والملبوس، فحذارِ حذارِ من هجران البيت ؛ لأنه منزل السرور، ومحل الأمن والراحة، وكهف الأنس، وكعبة السلامة من الناس، فاجعلي من بيتك جامعةً للمحبة، ومنطلقاً للعطاء الطيب المبارك.
حكمــــــة
العسجدة السابعة: ليس عندكِ وقتٌ للثرثرة !: اتركي الجدل والدخول في نقاش عقيم حول أمور محتملة ؛ لأن ذلك يضيَّق الصدر ويكدِّر الخاطر، ولا تحاولي إقناع الناس دائماً في مسائل تقبل وجهات النظر، بل اطرحي رأيك بهدوءٍ وبدون صخب ولا إلحاح ولا تشنج، وابتعدي عن كثرة الردود والانتقادات ؛ لأنها تفقدك راحة البال، وتنقل عنك صورةً غير لائقة، فقولي كلمتك اللينة المحببة في رفق وهدوء، حينها تملكين القلوب وتعمرين الأرواح، كما إن مما يورث الهمَّ والحزن اغتيابُ الناس وهمزُهم ولمزُهم وتنقُّصهم، وهذا يُذهب الأجر ويجمع عليكِ الإثم، ويفقدكِ الاطمئنان، فاشتغلي بإصلاح عيوبكِ عن عيوب الناس، فإن الله لم يخلقنا كاملين معصومين، بل عندنا جميعاً ذنوبٌ وعيوبٌ، فطوبى لمن أشغله عيبه عن عيوب الناس.
حكمــــــة
العسجدة الثامنة: كوني مشرقة النفسِ يحيِّكِ الكون: انظري للحياة نظر المحب المتفائل، فالحياة هدية من الله للإنسان، فاقبلي هدية الواحد الأحد، وخذيها بفرحٍ وسرور، اقبلي الصباح بإشراقه وبسمته الرائعة، اقبلي الليل بوقاره وصمته، اقبلي النهار بسنائه وضيائه، عُبَّي الماء النمير حامدةً شاكرة، استنشقي الهواء فرحةً مسرورةً، شُمِّي الزهْرَ مسبِّحةً، تفكَّري في الكون معتبرةً، استثمري العطاء المبارك في الأرض، في باقة الزهر، في طلعة الورد، في هَبَّة النسيم، في نفحة الروض، في حرارة الشمس، في ضياء القمر، حوِّلي هذه العطاءات والنعم إلي رصيدٍ من العون على طاعة الله، والشكر له على نعمه، والحمد له على تفضُّله وامتنانه، إياكِ أن يحاصركِ كابوسُ الهموم وجحافلُ الغموم عن رؤية هذا النعيم، فتكوني جاحدةً جامدةً، بل اعلمي أن الخالق الرازق – جلَّ في علاه – ما خلق هذه النعم إلا ليستعان بها على طاعته، وهو القائل: " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً "
حكمــــــة
العسجدة التاسعة: ما تمت السعادةُ لأحد وما كمُلَ الخيرُ لإنسان: إنك تخطئين كثيراً إذا توهمت أن الحياة لابد أن تكون لصالحك مائةً بالمائة، فهذا لن يتحقق إلا في الجنة، أما في الدنيا فإن الأمر نسبي ؛ فلن يتم كل ما تريدين، بل سوف يقع شيء من البلاء والمرض والمصيبة والامتحان، فكوني شاكرةً في السراء، صابرةً في الضراء، ولا تعيشي في عالم المثاليات بحيث تريدين صحة بلا سقم، وغنىً بلا فقر، وسعادةً بلا منغِّصات، وزوجاً بلا سلبيات، وصديقةً بلا عيوب، فهذا لن يحصل أصلاً، وطِّني نفسك على غضِّ الطرف عن السلبيات والأخطاء والملاحظات، وانظري إلى الإيجابيات والمحاسن، وعليكِ بحسن الظن والتماس العذر والاعتماد على الله فقط، أما الناس فليسوا أهلاً للاعتماد عليهم وتفويض الأمر إليهم: " إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ".
حكمــــــة
العسجدة العاشرة: ادخلي بستان المعرفة: إن من أسباب سعادتك تفقُّهكِ في دينكِ، فإن تعلُّم الدين يشرح الصدر، ويُرضي الربَّ، وكما قال عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، فاقرأي كتب العلم الميسرة النافعة التي تزيدكِ علماً وفهماً للدين كرياض الصالحين، وفقه السنة، وفقه الدليل، والتفاسير الميسرة، والرسائل المفيدة، واعلمي أن أفضل أعمالك هو معرفة مراد الله عز وجل في كتابه، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، فأكثري من تدبر القرآن ومدارسته مع أخواتك، وحفظ ما تيسر منه، والاستماع إليه، والعمل به ؛ لأن الجهل بالشريعة ظُلْمةٌ في القلب، وضيقٌ في الصدر، فلتكن عندك مكتبةٌ – ولو كانت صغيرة – فيها كتب قيمة نافعة، وأشرطة مفيدة، وحذارِ من ضياع الوقت في سماع الأغنيات، ومشاهدة المسلسلات، فإنَّ كل ثانية من عمرك محسوبة عليك فاستثمري الوقت في مرضاة الله عز وجل.
حكمــــــة
اللؤلؤة الأولى: تذكري الدموع المسفوحة والقلوب المجروحة: قال أحد الأدباء: إن كنتِ تعلمين أنكِ أخذت على الدهر عهداً أن يكون لكِ كما تريدين في جميع شؤونك وأطوارك وألا يعطيك إلا ما تحبين وتشتهين، فجدير بكِ أن تطلقي لنفسك في سبيل الحزن عنانها كلما فاتك مأرب واستعصى عليك مطلب، وأن كنتِ تعلمين أخلاق الأيام في أخذها وردها، وعطائها ومنعها، وأنها لا تنام عن منحة تمنحها حتى تكرَّ عليها راجعة فتستردها، وأن هذه سنتها وتلك خلتها في جميع أبناء آدم، سواء في ذلك ساكن القصور وساكن الأكواخ، ومن يطأ بنعله هام الجوزاء ومن ينام على بساط الغبراء، فخفضي من حزنك، وكفكفي من دمعك، فما أنت بأول إنسانة أصابها سهم الزمان، وما مصابك بأول بدعة طريفة في جريدة المصائب والأحزان.
حكمــــــة
اللؤلؤة الثانية: هؤلاء ليسوا في سعادة !: لا تنظري لأهل الترف وأهل البذخ والإسراف في الحياة، فإنَّ واقعهم يُرثى له ولا يفرح به، فإنَّ أناساً كان همهم الإسراف على أنفسهم وملذاتهم وشهواتهم، واستفراغ الجهد في طلب المتعة، ومطاردة اللذة، سواءً كانت حلالاً أو حراماً، وهؤلاء ليسوا في سعادة، إنما هم في ضَنْكٍ وفي همٍّ وهم غمٍّ، لأنَّ كلَّ من انحرف عن منهج الله، وكلَّ من ارتكب معاصي الله، فلن يجد السعادة أبداً، فلا تظني أن أهل الترف والبذخ والإسراف في نعيم وفي سرور، لا.!، إنَّ بعض الفقيرات الساكنات في بيوت الأكواخ والطين أسعدُ حالاً من أولئك الذين ينامون على ريش النعام، وعلى الديباج والحرير، وفي القصور المخملية ؛ لأنَّ الفقيرة المؤمنة العابدة الزاهدة أسعدُ حالاً من المنحرفةِ الصادةِ عن منهج الله.
حكمــــــة
اللؤلؤة الثالثة: الطريق إلى الله أحسن الطرق: ما السعادة؟ هل السعادة في المال؟ أم في الجاه والنسب؟ إجابات متعددة... ولكن دعينا ننظر إلى سعادة هذه المرأة: اختلف رجل مع زوجته... فقال: لأشقينكِ، فقالت الزوجة في هدوء: لا تستطيع، فقال لها: كيف ذلك؟ قالت: لو كانت السعادة في مال لحرمتني منه، أو في حلي لمنعتها عني، ولكن لا شيء تمتلكه أنت ولا الناس، إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه إلا ربي. هذه هي السعادة الحقيقية.. سعادة الإيمان، ولا يشعر بهذه السعادة إلا من تغلغل حبُّ الله في قلبه.. ونفسه.. وفكره، فالذي يملك السعادة –حقيقة- هو الواحد الأحد. إن الطريق الوحيد لكسب السعادة إنما هو في التعرف على الدين الصحيح الذي بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكمــــــة
اللؤلؤة الرابعة: إذا ضاقت الدروبُ فعليكِ بعلاَّم الغيوبِ: قال ابن الجوزي: (ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل حيلة، وبكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص.. فعرضتْ لي هذه الآية:]وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً[، فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدتُ المخرج...). قلتُ: التقوى عند العقلاء هي سبب كل خير، فما وقع عقاب إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة، فالكدر والحزن والنكد إنما هو جزاءٌ على أفعالٍ قمتِ بها، من تقصير في الصلاة، أو غيبةٍ لمسلمة، أو تهاونٍ في حجاب، أو ارتكابِ محرَّم.