1. فوائد من كتاب الفوائد المنثورة من الأقوال المأثورة
قال ابن القيم رحمه الله : وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيق الله له وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم .
يا طالب العلم : انوِ النية في الطلب بأن ترفع الجهل عن نفسك لتعبد الله على بصيرة، وأن ترفع الجهل عن الأمة لتعلمهم دين الله عز وجل.
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى : " إنما الفقيه : الزاهدُ في الدنيا ، الراغبُ في الآخرة ، البصيرُ بدينه ، المداومُ على عبادة ربه ، الورعُ ، الكافُّ عن أعراض المسلمين ، العفيفُ عن أموالهم ، الناصحُ لهم ".
للعلم ست مراتب : أولها حسن السؤال ، الثانية حسن الإنصات والاستماع ، الثالثة حسن الفهم ، الرابعة الحفظ ، الخامسة التعليم ، السادسة وهي ثمرته وهي العمل به ومراعاة حدوده.
إذا جالست فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتَعَلَّم حُسن الاستماع؛ كما تَعَلَّم حُسن القول ، ولا تقطع على أحدٍ حديثه.
ينبغي لطالب العلم أن يكون : كثير الحياء ، قليل الأذى ، كثير الصلاح ، صدوق اللسان ، قليل الكلام ، كثير العمل ، قليل الزلل ، قليل الفضول ، بَراً وصولاً ، صبوراً ، شكوراً ، راضياً ، حليماً ، رفيقاً ، عفيفاً ، شفيقاً ، لا لعاناً ولا سباباً ، ولا نماماً ولا مغتاباً، ولا عجولاً ولا حقوداً، ولا بخيلاً ولا حسوداً، بشاشاً هشاشاً، يحب في الله، ويرضى لله، ويغضب في الله، اللهم أعن ويسر ووفق.
قال أبو حفص لأبي عثمان النيسابوري : إذا جلست للناس فكن واعظا لقلبك ونفسك ، ولا يغرنّك اجتماعهم عليك، فإنهم يراقبون ظاهرك..والله يراقب باطنك.
من لم يصبر على ذل التعلم ، بقي طول عمره في عماية الجهالة ، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الدنيا والآخرة.
عن أبي الدرداء رضى الله عنه قال : من رأى أن الغدو إلى طلب العلم ليس بجهاد، فقد نقص في رأيه وعقله.
روى عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال : يا حملة العلم اعملوا به ، فإنما العالم من علم ثم عمل، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم ، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يقعدون حلقا فيباهى بعضهم بعضا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه ؟؟ أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله عز وجل.
قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى : ومن أدب العالم ترك الدعوى لما لا يحسنه ، وترك الفخر بما يحسنه، إلا أن يضطر إلى ذلك كما اضطر يوسف عليه السلام حين قال (( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )) وذلك إنه لم يكن بحضرته من يعرف حقه فيثني عليه بما هو فيه، ويعطيه بقسطه ورأى أن ذلك المعقد لا يقعده غيره من أهل وقته إلا قصر عما يجب لله من القيام به من حقوقه، فلم يسعه إلا السعي في ظهور الحق بما أمكنه، فإذا كان ذلك فجائز للعالم حينئذ الثناء على نفسه والتنبيه على موضعه فيكون حينئذ يحدث بنعمة ربه عنده على وجه الشكر لها.اهـ
العلم لا يحسن إلا بالأدب، والأدب النافع : حسن السمت . أي حسن الهيئة والمنظر والهدي في الدين.
حكى عن بعض السلف أنه قال : أضعف العلم الرؤية ، يعنى أن يقول رأيت فلانا يعمل كذا ، ولعله فعله ساهيا ، وعن إياس بن معاوية قال : لا تنظر إلى عمل الفقيه، ولكن سله يصدقك .
إن بدت بين أناس مسألة معروفة في العلم أو مفتعله، فلا تكن إلى الجواب سابقا حتى ترى غيرك فيها ناطقا ، فكم رأيت من عجول سابق من غير فهم بالخطأ ناطق، أزرى به ذلك في المجالس عند ذوي الألباب.
قال المزني: لا تعدو المناظرة إحدى ثلاث : إما تثبيت لما في يديه ، أو انتقال من خطأ كان عليه ، أو ارتياب، فلا يقدم من الدين على شك.
الرياء في طلب العلم له علامات فاحذرها؛ فمنها: 1. أن تحب المدح والثناء على الأعمال التي تمارسها في طلب العلم. 2. محبة الظهور أمام الناس لأنك تتميز بطلب العلم. 3. التكبر على الناس وأن ترى نفسك بعين الكمال. 4. كراهية النصيحة والتوجيه.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ( من علامات أهل العلم النافع: أنهم لايرون لأنفسهم حالا ولامقاما، ويكرهون بقلوبهم التزكية والمدح، ولا يتكبرون على أحد ) فضل علم السلف على الخلف صـ54.
من أدوية الرياء التفكر في أن الخلق كلهم لا يقدرون على نفعه بما لم يقضه اللّه له ولا على غيره ما لم يقدره اللّه له.
قال الخطيب البغدادي: ومن الأدب: إذا روى المحدث حديثا فعرض للطالب في خلاله شئ أراد السؤال عنه أن لايسأل عنه في تلك الحال، بل يصبر حتى ينهي الراوي حديثه ثم يسأل عما عرض له.
إياك يا طالب العلم والعجب ورؤية نفسك أنك كذا وكذا والشعور بالفخر بأعمالك وأفعالك ، فإنه أقرب شيء إلى مقت الله ، ودواءه ما ذكره الفقيه السمرقندي رحمه الله حيث قال : " من أراد أن يكسر العجب فعليه بأربعة أشياء : أولها: أن يرى التوفيق من الله تعالى، فإذا رأى التوفيق من الله تعالى، فانه يشتغل بالشكر ولا يعجب بنفسه. الثاني: أن ينظر الى النعماء التي أنعم الله بها عليه فإذا نظر في نعمائه اشتغل بالشكر ولا يعجب بنفسه. الثالث: أن يخاف أن لا يتقبل منه فإذا اشتغل بخوف القبول لا يعجب بنفسه. الرابع : أن ينظر في ذنوبه التي أذنب قبل ذلك فإذا خاف أن ترجح سيئاته على حسناته، فقد قل عجبه وكيف يعجب المرء بعمله، ولايدري ماذا يخرج من كتابه يوم القيامة، وانما يتبين عجبه وسروره بعد قراءة الكتاب ".
احذر ياطالب العلم من ذنوب الخلوات فإنها تؤدي إلى الانتكاسات، واعلم أن طاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات.
ينبغي لطالب العلم أن لا يدع فنا من العلوم المحمودة، ولا نوعا من أنواعها إلا وينظر فيه نظراً يطلع به على مقصده وغايته، ثم إن ساعده العمر طلب التبحر فيه، وإلا اشتغل بالأهم منه واستوفاه، وتطرف من البقية، فإن العلوم متعاونة وبعضها مرتبط ببعض، ويستفيد منه في الحال، الانفكاك عن عداوة ذلك العلم بسبب جهله، فإن الناس أعداء ما جهلوا قال تعالى: ( وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ).
فائدة : إن الإطلاع على سير الأفذاذ، وخصوصا حملة العلم الشرعي، الدَّعاة إليه، الذابين عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يشحذ همم طلبة العلم لسلوك سبيلهم، و السير على منوالهم، و الاقتداء بهم، واقتفاء أثرهم .
قال ابن الجوزي: ( فالله الله عليكم بملاحة سير السلف، ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم، قال: وليكثر من المطالعة فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره ويحرك عزيمته للجد). بتصرف من صيد الخاطر ص440.
أصحاب طالب العلم منه على ثلاث مقامات : إما رجل يتعلم منه خيراً ؛ إن كان أعلم منه ، أو رجل هو مثله في العلم فيذاكره العلم لئلا ينسى ما لا ينبغي أن ينساه ، أو رجل هو دونه فيعلمه، يريد الله عزَّ وجلَّ بتعليمه إياه.
لِيكن حُزنك على علمٍ قد قرع سمعك وثبتت عليك به الحجة ولم تعمل به أولى من حزنك على علمٍ لم تسمعه ، فلعلك لو قُدِّر لك سماعه كانت الحجة عليك أولى.
قال الإمام الشافعي : ما ناظرتُ أحداً ، فأحببتُ أن يُخطئ ، وما في قلبي من علم إلا وَددتُ أنه عند كلِ أحدٍ ولا ينسب إليَّ ، وقال : ما كلمت أحداً قط إلا أحببتُ أن يوفق ويسدد ويُعان ، ويكون عليه رعاية من الله تعالى وحفظ ، وما كلمت أحداً قط وأنا أبالي أن يُبيَّنَ الله الحق على لساني أو على لسانه، وقال أيضاً: ما أوردت الحق والحجة على أحدٍ فقبلها مني إلا هِبتهُ واعتقدتُ محبته ، ولا كابرني أحدٌ على الحق ودافع الحجة إلا سقط من عيني ورفضته.
مَن أُتي من العلم ما لا يبكيه ، فخليقٌ أن لا يكون أُوتي علماً ينفعه ، لأن الله عزَّ وجلَّ نعت العلماء فقال سبحانه وتعالى" إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً ... إلى أن قال سبحانه .. وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) ( سورة الإسراء :107 ـ 109).
اطلب قلبك في ثلاثة مواطن : عند سماع القرآن ، وفي مجالس الذكر ، وفي أوقات الخلوة ، فان لم تجده في هذه المواطن ؛ فسل الله أن يمنَّ عليك بقلبٍ ؛ فانه لا قلب لك.
التسرع وإطلاق العبارات والألفاظ غير اللائقة تجاه أهل العلم من بعض المنسوبين إلى العلم وأهله سببه أنه لم يأخذ العلم عـن المشايخ ولم يتربى عند العلماء .
الأدب سيما العلماء وطلبة العلم إلى قيام الساعة ، واقرءوا ردود أهل العلم فيما بينهم وانظروا إلى الأدب الجم الذي فقده كثير من طلبة العلم في هذا الزمان ، قال الخطيب البغدادي : " والواجب أن يكون طلبة الحديث أكمل الناس أدبا، وأشد الخلق تواضعا، وأعظمهم نزاهة وتدينا، وأقلهم طيشا وغضبا، لدوام قرع أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وآدابه وسيرة السلف الأخيار من أهل بيته وأصحابه ، وطرائق المحدثين ومآثر الماضين فيأخذوا بأجملها وأصنعها ، و ينصرفوا عن أرذلها وأدونها..." الجامع للخطيب1/78.
قال أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري : علم بلا أدب كنار بلا حطب و أدب بلا علم كجسم بلا روح .
قال إبراهيم النخعي ـ تابعي جليل ـ : " لقد تكلمتُ؛ ولو أجد بُداً ما تكلمت ، وإن زماناً أكون فيه فقيه أهل الكوفة، لَزمان سوء".!!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تعاهد نفسك في ثلاث: إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا سكتَّ فاذكر علم الله فيك.
من سوء الأدب في المجالسة: أن تقطع على جليسك حديثه، أو تبدره إلى تمام ما ابتدأ به منه خبراً كان أو شعراً، تُتم له البيت الذي بدأ به، تريه أنك أحفظ له منه، فهذا غاية في سوء المجالسة، بل يجب أن تصغى إليه كأنك لم تسمعه قط إلا منه. وانتظر وقتك في الكلام، وفرصة لا يتحدث فيها غيرك، فلا تحشر نفسك في زمرة المحشورين المدفوعين على الكلام، ولا تقطع سبيل غيرك أو حديث غيرك، فالحشمة والأدب هما في احترام مبادرة الآخرين والسماع لهم وانتظار استيفاء دورهم، وإلا كنت من المتطفلين، وأكبر مقت عند الناس أن تتصرف بما يضيق على الآخرين، وأن تتسابق في حقل التحدث وطلب المصالح.
إياك والتكبر ، فإنَّ من التكبر في التعلم : أن تستنكف عن الاستفادة إلا من المرموقين المشهورين ، وهو عين الحماقة ، فإن العلم سبب النجاة والسعادة ، ومَن يطلب مهرباً من سبع ضارٍ يفترسه، لم يفرق بين أن يرشده إلى الهرب مشهور أو خامل.
افرح بما لا تنطق به من الخطأ، مثل فرحك بما لم تسكت عنه من الصواب ، واشكر الله تعالى على هذا وذاك.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : إضاعة الوقت اشد من الموت ، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : إذا رأيتُ رجلاً من أصحاب الحديث ؛ فكأني رأيت رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إذا رأيت الرجل يُحب أهل الحديث ؛ مثل الألباني وابن باز والعثيمين فإنه على السُنة ، ومن أبغضهم أو طعن بهم؛ فاعلم أنه من أهل الأهواء والبدع.
قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ ـ رحمه الله ـ : " ومن عادة أهل البدع إذا أفلسوا من الحجة وضاقت بهم السبل، تروّحوا بعيـب أهل السنة وذمهم، ومدح أنفسهم ".
يقول الإمام البربهاري: مثل أصحاب البدع مثل العقارب، يدفنون رؤوسهم وأيديهم في التراب، ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكنوا لدغوا ؟؟ وكذلك أهل البدع، هم مختفون بين الناس فإذا تمكنوا بلغوا ما أرادوا، ومن أقواله النافعة: المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة، غلق باب الفائدة.
اعلم يا طالب العلم : إنه لا يعدل أحد عن الطرق الشرعية إلى الطرق البدعية إلا : لجهل أو عجز أو غرض فاسد.
قال ابن مسعود رضى الله عنه : من كان منكم مستنا، فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : إياكم وأصحاب الرأي، فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا.
قال ابن سعدي رحمه الله تعالى : " وينبغي للمتعلم أن يحسن الأدب مع معلمه، ويحمد الله إذ يسر له مَن يعلمه من جهله، ويحيه من موته ويوقظه من سنته، وينتهز الفرصة كل وقت في الأخذ عنه، ويكثر من الدعاء له حاضراً وغائباً " اهـ ، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى " ما صليت صلاةً منذ مات حماد ـ وهو شيخه ـ إلا استغفرت له مع والديَّ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني علماً " وقال يحيى القطان رحمه الله تعالى : " أنا أدعو الله للشافعي حتى في صلاتي " وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : " ما بتُّ منذ ثلاثين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي ، وأستغفر له ".
شكى بعضهم لعارف كثرة خواطر الشيطان فقال : طلق بنته يهجر زيارتك ؛ وهي الدنيا ، تريد أن يقطع رحمه لأجلك ؟؟ قال هو يأتي لمن لا دنيا عنده، قال: إن لم تكن عنده فهو خاطب لها، ومن خطب بنت رجل فتح باب مودته وإن لم يدخل بها !! .
ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده " لا أدري " حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه.
قال أبو الفرج ابن الجوزي عن شيخه أبي البركات : " كنت أقرأ الحديث عليه ، وهو يبكي ، فاستفدت ببكائه، أكثر من استفادتي بروايته".
خذ من اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالاً لقائل، ولا لمزاً للامز، وإذا تلاقى ملبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة ؛ لأنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا كثيراً.
عليك بالتأمل والتدبر عند كل قول وفعل؛ فقد تكون في جزعٍ فتظنه تضرعاً وابتهالاً، وتكون في رياء محض وتحسبه حمداً وشكراً ودعوة للناس إلى الخير؛ فتعد على اللّه المعاصي بالطاعات وتحسب الثواب العظيم في موضع العقوبات فتكون في غرور شنيع، وغفلة قبيحة، مغضبة للجبار موقعة في النار وبئس القرار!
العلم ميت وإحياءه الطلب ، فإذا حييَ بالطلب فهو ضعيف قُوَّتُه الدرس ، فإذا قويَ بالدرس، فهو محتجب ، وإظهاره بالمناظرة ، فإذا ظهر بالمناظرة، فهو عقيم؛ نتاجه العمل.
عن الامام مالك انه بلغه ان لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء.
العلم إذا لم يستعمل ولم يذاكر به، كان كالمسك إذا طال مكثه في الوعاء ذهب ريحه ؛ وكالبئر تُحفر فتجري فيها عين ؛ فإن حصل له طريق حتى ينتشر صار نهراً، وكثر ونفع وعاش به الحيوان، وإن حبس وترك قل نفعه وربما غار، فكذلك العلم إذا لم يذاكر به ولم يبحث عنه.
العاقل المصيب من عمل ثلاثا : مَن ترك الدنيا قبل أن تتركه، وبنى قبره قبل أن يدخله، وأرضى ربه قبل أن يلقاه.
كنّا صاغر قومٍ، ثم نحن اليوم كبارهم، وإنكم صاغر قوم وستكونون كباراً، فتعلموا العلم تسودوا به قومكم ويحتاجوا إليكم.
قال ابن عبد البر:" جماع الخير كله تقوى الله عز وجل، واعتزال شرور الناس، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، ومن طلب العلم لله فالقليل يكفيه، ومن طَلَبَهُ للناس، فحوائج الناس كثيرة، وأزين الحلي على العالم التقوى، وحقيق على من جالس عالما، أن ينظر إليه بعين الإجلال، وينصت له عند المقال، وأن تكون مراجعته له تفهما لا تعنتا، وبقدر إجلال الطالب للعالم، ينتفع بما يفيد من علمه ".
قال أحد السلف : ما من شيء إلا وقد علمت منه إلا أشياء صغاراً ، كنت أستحي أن يُرى مثلي يَسأل عن مثلها ، فبقى جهالتها فيَّ إلى الساعة ؟؟؟
حدّث القوم ما رمقوك بأبصارهم، فإذا رأيت منهم فترة فانزع، فإن من حق الفائدة أن لا تساق إلا إلى مبتغيها، ولا تُعرض إلا على الراغب فيها.
أدب الاستماع : سكون الجوارح، وغضُّ البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل.
ثلاث يُصَفِّين لك ودَّ أخيك : أن تُسلم عليه إذا لقيته، وتُوسع له في المجلس، وتدعوه بأحبِّ أسمائهِ إليه.
قال سعيد بن جبير رحمه الله : ( لا يزال الرجل عالماً ما تعلم، فإذا ترك العلم وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده، فهو أجهل ما يكون ).
قال ابن عيينه رحمه الله تعالى: ( إذا كان نهاري نهار سفيه، وليلي ليل جاهل، فما أصنع بالعلم الذي كتبتُه ؟ ).
إذا رأيت مَن هو أكبر منك فقل : سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني، وإذا رأيت مَن هو أصغر منك فقل : سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خيرٌ مني.
طالب العلم بين الصدق والكذب : لم يكن الكذب يوما من صفات طلبة العلم ، ألم تعلم أن الكذب يورث فقد الثقة من القلوب ، وذهاب العلم ، وعدم التصديق ولو صدقت . قال الأوزاعي – رحمه الله – " تعلم الصدق قبل أن تتعلم العلم " وقال الدارمي – رحمه الله- " ساد إسحاق بن راهويه أهل المشرق والمغرب بصدقه " وقال الإمام مالك " لا يـؤخذ العلم عن أربعة .... ومن يكذب في حديث الناس، وإن كنت لا أتهمه في الحديث.
قال الإمام الزهري (ت125هـ): ( إن للعلم غوائل , فمن غوائله أن يترك العمل به حتى يذهب , ومن غوائله النسيان ومن غوائله الكذب , وهو شر غوائله ).
قال ابن عون: ثلاثة أحبهنَّ لي ولأخواني: هذا القرآن يتدبره الرجل ويتفكر فيه؛ فيوشك أن يقع على علم لم يكن يعلمه، وهذه السُنة يتطلبها ويسأل عنها، ويذر الناس إلا من خير.
الجهل جهلان : جهل العلم ، وجهل العمل . فرُبَّ عالمٍ لا يعمل بعلمه فهو جاهل بل من أجهل الناس، فقد أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن كل من عصى الله فهو جاهل، أو أن كل ما عُصي الله به فهو جهالة.