10. فوائد من كتاب بهجة المجالس
حكمــــــة
روى عبد خير عن علي رضى الله عنه قال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك، ويعظم حلمك، وأن تباهي الناس بعبادة ربك، وإن أحسنت حمدت الله عز وجل، وإن أسأت استغفرت، ولا خير في الدنيا إلا لرجلين: رجل أذنب ذنوباً فهو يتدارك ذلك بتوبته، ورجل يسارع في الخيرات ولا يقل عمل مع تقوى الله وكيف يقل ما يتقبل.
حكمــــــة
قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه: الدنيا دار صدقٍ لمن صدقها، ودار نجاةٍ لمن فهم عنها، ودار غنىً لمن تزود منها، مهبط وحي الله، ومصلى ملائكته، ومساجد أنبيائه، ومتاجر أوليائه، ربحوا فيها الرحمة، واكتسبوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها، وقد أذنت ببينها، ونادت بفراقها، فيا أيها الذام لها، بم خدعتك الدنيا؟ أم بماذا استذمت إليك؟ أبمصارع أمهاتك في الثرى؟ أم بمضاجع آبائك للبلى، لقد تطلب علينا الشفاء، واستوصف الأطباء حين لا يغني عنه دواؤه، ولا ينفعه بكاؤه.
حكمــــــة
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، في خطبة له: أيها الناس! إنما الدنيا أجل محترم، وأمل منتقص، وبلاغ إلى دارٍ غيرها، وسير إلى الموت ليس فيه تعريج، فرحم الله من فكر في أمره، ونصح لنفسه، وراقب ربه، واستقال ذنبه. أيها الناس! قد علمتم أن أباكم أخرج من الجنة بذنبٍ واحد، وأن ربكم وعد على التوبة خيراً، فليكن أحدكم من ذنبه على وجل، ومن ربه على أمل.
حكمــــــة
لما قدم سعد بن أي وقاص القادسية أميراً عليها من عند عمر بن الخطاب أتته حرقة بنت النعمان بن المنذر في خدمها ووصائفها، فلما وقفن بين يديه قال: أيكن حرقة بنت النعمان؟ قالت: هأناذه، فما أردت بتكرارك الاستفهام، إن الدنيا دار زوال لا تدوم لأهلها على حال، تنتقل بهم انتقال الظلال، وتعقبهم حالاً بعد حال، إنا كنا ملوك هذا المصر قبلك، يجبي إلينا خراجة ويطيعنا أهله مدة من الدهر، فلما أدبر عنا الأمر صاح بنا صائح الأيام، فصدع شملنا، وشتت ملأنا، وكذلك الدهر يا سعد، فلا تغتر بحال الدنيا، فإنها زائلة عنك كما زالت إليك. ثم سألته حوائجها فقضاها، فدعت: لا أزال الله عنك نعمة أتمها عليك.
حكمــــــة
قال عبد الله بن الأرقم لعمر بن الخطاب: قد اجتمع عندي في بيت المال حلي كثير ومناطق من أموال فارس أفلا تقسمه؟ قال: بلى، فأتني به، فنقلته إليه في القفاف، فلما نظر إليه رأى شيئاً عجباً، فقال: اللهم إنا لا نستطيع إلا أن نحب ما حببت إلينا، ثم تلا هذه الآية: " زين للناس حب الشهوات من النساء ". الآية. ثم قال: اللهم قني شره، وارزقني أن أنفقه في حقه.
حكمــــــة
وجد مكتوباً في حجر: ابن آدم! لو رأيت يسير ما بقى من أجلك؛ لزهدت في طول ما ترجوه من أملك، وإنما يلقاك ندمك، لو قد زلت بك قدمك، وأسلمك أهلك وحشمك، وانصرف عنك القريب وودعك الحبيب، ثم صرت تدعى فلا تجيب، فلا أنت في عملك بزائد، ولا إلى أهلك بعائد؛ فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة، وقبل الحسرة والندامة.
حكمــــــة
قال الحسن بن أبي الحسن، وقد نظر إلى الناس يلعبون ويضحكون في يوم العيد: إن الله قد جعل شهر رمضان مضمار الخلق، يستبقون فيه لطاعته إلى مرضاته، فالعجب من الضاحك واللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه، ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب أو ترجيل شعر.
حكمــــــة
سئل محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن الرجل المسلم تموت له أم نصرانية كيف يعزى فيها؟ فقال: تقول: الحمد الله على ما قضى، قد كنا نحب أن تموت على الإسلام ويسرك الله بذلك. وسئل أيضاً عن الجار النصراني يموت وله ولي من النصارى، كيف نعزيه؟ قال: تقول: إن الله كتب الموت على خلقه، والموت حتم على الخلق كلهم.
حكمــــــة
في خبر: أن معاوية لما حضرته الوفاة احتوشه أهله، فجعلوا يقبلوا به. فقال: إنكم لتقبلون حولاً قلبا إن نجا من النار. ثم قال: لا يدفع ريب المنية الحيل. وفي خبر آخر: أنه لما احتضر معاوية، رفع يديه؛ وهو يجود بنفسه، وقال متمثلا: هو الموت لا منجى من الموت والذي أحاذر بعد الموت أدهى وأفـظـع ثم قال: اللهم أقل العثرة، واعف عن الزلة، وجد بحلمك على من لا يرجو غيرك، ولا يثق إلا بك، فإنك واسع الرحمة، نعفو بقدرة، وما وراءك مذهب لذي خطيئة موبقة، يا أرحم الراحمين.
حكمــــــة
قال معمر المتكلم صاحب المعاني: حضرت الوفاة رجلاً كان معي في الحبس، وكان داؤه البطن، فقلت له: كيف تجدك؟ قال: أجد تحرري أكثر من تبردي، وأجد روحي قد خرج من نصفي الأسفل، وكأن السماء قد دنت مني فلو شئت أن ألمسها بيدي لفعلت، ومهما شككت في شيءٍ فلا تشك أن الموت برد ويبس، وأن الحياة رطوبة وحرارة.