فوائد من كتاب التهجد وقيام الليل 2
عن عبد الله بن إدريس قال ما رأيت الليل على أحد من الناس أخف منه على أبي حيان التيمي صحبناه مرة إلى مكة فكان إذا أظلم الليل فكأنه هذه الزنابير إذا هيجت من عشها .
كان صفوان بن سليم أعطى الله عهدا لا أضع جنبي على فراش حتى ألحق بربي قال فبلغني أن صفوان عاش بعد ذلك أربعين سنة لم يضع جنبه فلما نزل به الموت قيل له رحمك الله ألا تضطجع قال ما وفيت لله بالعهد إذا قال فأسند فما زال كذلك حتى خرجت نفسه قال ويقول أهل المدينة أنه ثقبت جبهته من كثرة السجود .
عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه أن تميما الداري نام ليلة لم يتهجد فيها حتى أصبح فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع .
عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال كنا نغازي مع عطاء الخراساني قال فكان يحيي الليل صلاة فإذا ذهب من الليل ثلثه أو نصفه نادى وهو في فسطاطه يا عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ويا هشام بن الغاز ويا فلان ويا فلان قوموا فتوضؤوا وصلوا فلقيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من مقطعات الحديد وشراب الصديد الوحاء الوحاء ثم يقبل على صلاته .
قال عاصم بلغني أن أبا عثمان كان يصلي بين المغرب والعشاء مائتي ركعة فأتيته فجلست ناحية وهو يصلي فجعلت أعد ثم قلت هذا والله هو الغبن قال فقمت فجعلت أصلي معه و كان أبو عثمان يصلي حتى يغشى عليه .
كان عامر بن عبد الله قد فرض على نفسه في كل يوم وليلة ألف ركعة وكان إذا صلى جلس وقد انتفخت ساقاه من طول القيام فيقول يا نفس لهذا خلقت وبهذا أمرت يوشك أن يذهب العناء قال وكان يتلوى كما يتلوى الحب على المقلى ثم يقول فينادي اللهم إن النار قد منعتني من النوم فاغفر لي .
عن رياح القيسي قال كان عندنا رجل مسلم بات يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة حتى أقعد من رجليه وكان يصلي جالسا ألف ركعة فإذا صلى العصر احتبى فاستقبل القبلة ويقول عجبت للخليقة كيف أنست بسواك بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواك .
كانت معاذة تصلي في كل يوم ستمائة ركعة وتقرأ جزءها من الليل تقوم منه وكانت تقول عجبت لعين تنام وقد عرفت طول الرقاد في ظلمات القبور .
كان ثابت البناني يصلي في كل ليلة ثلاثمائة ركعة فإذا أصبح ضمرت قدماه فيأخذهما بيده فيعصرهما ثم يقول مضى العابدون وقطع بي والهفاة
كان ثابت البناني يقرأ القرآن في كل ليلة ويصوم الدهر وكان يقول ما شيء أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل .
عن هشام قال ما رأيت أحدا قط أصبر على طول القيام والسهر من ثابت صحبناه مرة إلى مكة فكنا إن نزلنا ليلا فهو قائم يصلي حتى يصبح وإلا فمتى شئت أن تراه أو وتحس به مستيقظا ونحن نسير إما باكيا وإما تاليا .
عن حماد بن سلمة قال سمعت ثابتا يقول اللهم إن كنت أعطيت أحدا الصلاة في قبره فأعطنيها . وعن جسر أبي جعفر قال أنا والله الذي لا إله إلا هو رأيته الليلة في منامي يعني ثابتا وعليه ثياب خضر قائما يصلي في قبره .
كان كرز بن وبرة يختم القرآن في اليوم والليلة ثلاث مرات وكان قد حفر حفرتين ثم جعل يملؤها تبنا ثم ألقى عليه كساء فيقوم فيصلي ويجعل قدميه على الحفرتين .
عن حيان العطار قال أقبلت مع كرز بن وبرة من القادسية فكان يقرأ ويصلي على حماره وينزل فيصلي ركعتين ثم ركب فيصلي على حماره ثم يسير هنية ثم ينزل فيصلي ركعتين وقال لي أتحب أن تصبر لي نفسك قلت اصنع ما شئت فما زال يفعل ذلك حتى دخل الكوفة .
كان منصور بن زادان يجيء يوم الجمعة فيختم قبل أن يروح الإمام وكان يروح يصلي الظهر فيقوم فيختم القرآن من الظهر إلى العصر وكان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء .
عن هشام بن حسان قال صليت ذات ليلة إلى جنب منصور بن زادان بواسط فيما بين المغرب والعشاء فقرأ القرآن وبلغ في الثانية إلى النحل .
كان عروة بن الزبير يقرأ ربع القرآن في المصحف ناظرا قال ويقوم به الليل قال فما ترك ذلك إلا ليلة نشر رجله ثم عاود جزأه من الليل المستقبلة .
كان طلق بن حبيب يقول إني لأحب أن أقوم حتى يشتكي ظهري فيقوم فيبتدئ بالقرآن حتى يبلغ الحجر ثم يركع .
عن محمد بن مسعر قال كان أبي لا ينام يقرأ حتى نصف القرآن فإذا فرغ من ورده لف رداءه ثم هجع عليه هجعة حفيفة ثم يثب كالرجل الذي قد ضل منه شيء فهو يطلبه فإنما هو السواك والطهور ثم يستقبل المحراب فكذلك إلى الفجر وكان يجهد على إخفاء ذلك جدا .
عن عبد الكريم بن معاوية قال ذكر لي عن حفصة أنها كانت تقرأ نصف القرآن في كل ليلة وكانت تصوم الدهر وتفطر العيدين وأيام التشريق .
قال داود الطائي ما حسدت أحدا على شيء إلا أن يكون رجل يقوم من الليل فإني أحب أن أرزق قيام الليل .
قالت أم سعيد بن علقمة النخعي وكانت أمة طائية قالت كان بيننا وبين داود الطائي حائط قصير أسمع حسه عامة الليل لا يهدأ قالت وربما سمعته يقول همك عطل على الهموم وحالف بيني وبين السهاد وشوقي إلى النظر إليك أوبق مني الشهوات وحال بيني وبين اللذات فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب قالت وربما ترنم بالآية فأرى أن جميع نعيم الدنيا جمع في ترنمه وكان يكون في الدار وحده وكان لا يصبح فيها أي كان لا يسرج .
كان عروة بن أدية إذا نام الناس بالبصرة خرج فنادى في سككها يا أهل البصرة الصلاة الصلاة ثم يتلو هذه " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون " ( الأعراف :97 )
كان بشر بن سعيد يوقظ أهله بالليل فيقول الصلاة ثم يقول إن السفر لا يقطع إلا بالدلج وإن الدنيا سفر نصب حتى يفضي العبد إلى رحمة الله .
قال معتمر : كان أبي يوقظ كل من في الدار إذا دخل شهر رمضان ويقول قوموا فلعلكم لا تدركوه بعد عامكم هذه .
عن محمد بن طلحة بن مصرف قال كان أبي يأمر نساءه وخدمه وبناته بقيام الليل ويقول صلوا ولو ركعتين في جوف الليل فإن الصلاة في جوف الليل تحط الأوزار وهي أشرف أعمال الصالحين .
عن الهيثم بن جماز قال : كانت لي امرأة لا تنام الليل وكنت لا أصبر معها على السهر فكنت إذا نعست ترش علي الماء في أثقل ما أكون من النوم وتنبهني برجلها وتقول ما تستحي من الله كم هذا الغطيط فوالله إن كنت لأستحي مما تصنع .
قالت امرأة حبيب أبي محمد انتبهت ليلة وهو نائم فأنبهته في السحر وقالت له قم يا رجل سوء فقد ذهب الليل وجاء النهار وبين يديك طريق بعيد وزادنا قليل وقوافل الصالحين قد ساروا قدامنا ونحن قد بقينا
قال تزوج رياح القيسي امرأة فبنى بها فلما أصبح قامت إلى عجينها فقال لو نظرت امرأة تكفيك هذا قالت إنما تزوجت رياحا القيسي لم أرني أني تزوجت جبارا عنيدا فلما كان الليل نام ليختبرها فقامت ربع الليل ثم نادته قم يا رياح فقال أقوم فقامت الربع الآخر ثم نادته فقالت قم يا رياح فقال أقوم ولم يقم فقامت الربع الآخر ثم نادته فقالت قم يا رياح فقال أقوم فقالت مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم ليت شعري من غرني بك يا رياح قال وقامت الربع الباقي .
كان رجل من أهل خراسان متعبدا وكان إذا جاء الليل تحزم ولبس ثيابه وخفيه فيقول له أهله الناس إذا أصبحوا لبسوا ثيابهم وذهبوا إلى أسواقهم وأنت إنما تلبس بالليل فيقول لهم وأنا أيضا أذهب إلى السوق قال فيقوم إلى محرابه .
عن إبراهيم أن هماما كان يقول في سجوده أشفني من النوم باليسير واجعل سهري في طاعتك فكان لا ينام إلا هنية وهو جالس .
كان بلال العبسي يقوم في شهر رمضان فيقرأ بهم الربع من القرآن ثم ينصرف فيقولون قد خففت بنا الليلة .
عن حكيم بن محمد الأخنسي قال بلغني أن داود وسليمان عليهما السلام لم يؤتيا الملك ليتنعما إنما أوتيا الملك ليتعبدا فلم يكن أحد في زمانهما أشد اجتهادا في العبادة منهما ما كان طيبهما إلا الكندر وما كان دهنهما إلا الزيت وكان سليمان إذا جنه الليل غل نفسه ولبس مدرعا من شعر وطول الليل قائما وقاعدا وباكيا وداعيا فإذا أصبح تصفح وجوه الأشراف حتى يجيء إلى المساكين فيقعد معهم ويقول يا رب مسكين مع المساكين .
كان لعمر بن عبد العزيز سفط فيه دراعة من شعر وغل وكان له بيت في جوف بيت يصلي فيه لا يدخل فيه أحد قال فإذا كان آخر الليل فتح ذلك السفط فلبس تلك الدراعة ووضع الغل في عنقه فلا يزال يناجي ربه ويبكي حتى يطلع الفجر ثم يعيده في السفط .
قال عبد العزيز بن أبي رواد : خلقان كريمان من أحسن أخلاق المرء المسلم التهجد والمداومة على السواك .
عن أبي أراكة قال صليت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه صلاة الفجر فلما سلم انفتل عن يمينه ثم مكث كأن عليه كآبة حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح قال وحائط المسجد أقصر مما هو الآن قال ثم قلب يده وقال والله لقد رأيت أصحاب محمد فما أرى اليوم شيئا يشبههم لقد كانوا يصبحون صفرا غبرا بين أعينهم أمثال ركب المعزى قد باتوا سجدا وقياما يتلون كتاب الله يراوحون بين جباههم وأقدامهم فإذا أصبحوا فذكر الله مادوا كما تميد الشجر في يوم ريح وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم والله لكأن القوم باتوا غافلين ثم نهض فما رئي يضحك حتى ضربه ابن ملجم عدو الله الفاسق .
عن ابن عمر قال رأيت كأن آتيا أتاني ينطلق بي إلى النار قال فلقاه ملك فقال لن يراع دعه نعم الرجل لو كان يصلي من الليل قال نافع فكان عبد الله بعد ذلك يطيل الصلاة من الليل .
عن انس بن سيرين قال كان لمحمد بن سيرين سبعة أوراد يقرؤها من الليل فإذا فاته منها شيء قرأه بالنهار في الصلاة .
عن مسعر قال لما قيل لهم " اعملوا آل داود شكرا " ( سبأ : 13 ) لم يأت عليهم ساعة إلا وفيهم مصلي .
عن مجاهد قال لما قيل لها " يا مريم اقنتي لربك " (آل عمران :43 )قال قامت حتى تورمت كعباها .
كان عبد الله بن يزيد لا ينام آخر أهل الدار حتى يقوم فيصلي فكان يصلي حتى تنقع رجلاه في الماء الحار .
عن امرأة مسروق قالت كان تعني مسروق يصلي حتى تورم قدماه فربما جلست خلفه أبكي مما أراه يصنع بنفسه . وكان لمسروق ستر بينه وبين أهله فيقبل على صلاته أو عبادته ويخلي بينهم وبين دنياهم .
قال ضيغم صلى خليفة العبدي حتى انشقت قدماه . عن معاذه العدوية قالت كان صلة بن اشيم يقوم من الليل حتى يفتر فما يجيء إلى فراشه إلا حبوا .
عن العلا بن عبد الكريم قال كنا نأتي مرة الهمذاني فيخرج إلينا فنرى أثر السجود في جبهته وكفيه وركبته وقدميه قال شجاع وحدثني بعض اخوتي أنه كان يصلي في اليوم والليلة ستمائة ركعة .
عن السري بن يحيى يذكرعن يزيد الرقاشي أن صفوان ابن محرز المازني كان إذا قام إلى تهجده من الليل قام معه سكان داره من الجن فصلوا بصلاته واستمعوا لقراءته قال السري فقلت ليزيد وأنى علم ذلك قال كان إذا قام سمع لهم ضجة فاستوحش لذلك فنودي لا ترع يا أبا عبد الله فإنما نحن إخوانك نقوم للتهجد كما تقوم فنصلي بصلاتك قال فكأنه أنس بعد ذلك إلى حركتهم .
عن مهدي بن ميمون قال كان واصل مولى أبي عيينة جارا لنا وكان يسكن في غرفة فكنت أسمع قراءته من الليل وكان لا ينام من الليل إلا يسيرا قال فغاب غيبة إلى مكة فكنت أسمع القراءة من غرفته على نحو من صوته كاني لا أنكر من الصوت شيئا قال وباب الغرفة مغلق قال فلم نلبث أن قدم من سفره فذكرت ذلك له فقال وما أنكرت من ذلك هؤلاء سكان الدار يصلون بصلاتنا ويستمعون لقراءتنا قال قلت أفتراهم قال لا ولكني أحس بهم وأسمع تأمينهم عند الدعاء وربما غلب علي النوم فيوقظوني .
عن خلف بن تميم قال كان فتى من أهل الكوفة يحيي الليل صلاة قال فاستزاره بعض إخوانه ذات ليلة فاستأذن أمه في زيارته فأذنت له قالت العجوز فلما كان من الليل إذا أنا في منامي برجال قد وقفوا علي فقالوا يا أم عرفجة لم أذنت لإمامنا الليلة .
عن محمد بن عبد العزيز بن سلمان العابد قال كان أبي إذا قام من الليل يتهجد سمعت في الدار جلبة شديدة واستقاء للماء كبير قال فنرى أن الجن كانوا يستيقظون لتهجده فيصلون معه .
عن القاسم بن عبد الرحمن في قوله " فإذا فرغت فانصب " ( الشرح : 7 ) قال إذا فرغت من الفريضة فانصب في قيام الليل .
عن فرقد السبخي قال قال داود رب أي الساعات أقوم لك قال فأوحى إليه نصف الليل الأول إذا نام القانتون ولم يقم بعد المتهجدون المستغفرون قال فرقد فعند ذلك ينظر الله إليك برحمته إن شاء .
عن عبد الله بن مسعود قال يعجب الله من خصلتين يعملهما العباد رجل قام من الليل فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة قال فيقول الله انظروا إلى عبدي هذا قام من بين أهل داره رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي ورجل يلقى العدو في الزحف ففر أصحابه وأقام فيقول الله انظروا إلى عبدي فر أصحابه وأقام رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي .
قال عمر الساعة التي تنامون فيها أحب إلي من الساعة التي تقومون فيها قال سفيان كانوا يقومون أول الليل وينامون آخره .
كان رجل من العباد قلما ينام من الليل قال فغلبته عينه ذات ليلة فنام عن جزئه قال فرأى فيما يرى النائم كأن جارية وقفت عليه كان وجهها القمر المستتم قال ومعها رق فيه كتاب فقالت أتقرأ أيها الشيخ قال نعم قالت فاقرأ لي هذا الكتاب قال فأخذته من يدها ففتحته فإذا فيه مكتوب ( أألهتك لذة نوم عن خير عيش ... مع الخيرات في غرف الجنان ) ( تعيش مخلدا لا موت فيها ... وتنعم في الخيام مع الحسان ) ( تيقظ من منامك إن خيرا ... من النوم التهجد بالقرآن ) قال فوالله ما ذكرتها قط إلا ذهب عني النوم .
قال زياد النميري منذ زمن طويل أتاني آت في منامي فقال قم يا زياد إلى عادتك من التهجد وحظك من قيام الليل فوالله خير لك من نومة توهن بدنك وينكسر لها قلبك قال فاستيقظت فزعا قال ثم غلبني والله أيضا النوم فأتاني ذاك أو غيره فقال قم يا زياد فلا خير في الدنيا إلا للعابدين قال فوثبت فزعا .
عن يحيى بن سعيد بن أبي الحسن قال كان أبي سعيد بن أبي الحسن إذا جن عليه الليل قام فتوضأ ثم عمد إلى محرابه فلم يزل قائما فيه يصلي حتى يصبح قال قال إني نمت ذات ليلة عن وقتي الذي كنت أقوم فيه فإذا شاب جميل قد وقف علي فقال قم يا سعيد إلى خير ما أنت قائم إليه قال قلت وما هو رحمك الله قال قم إلى تهجدك فإن فيه رضاء ربك وحظ نفسك وهو شرف المؤمنين عند ملكهم يوم القيامة قال فحدثت به أخي الحسن فقال قد طاف بي هذا الشاب الذي طاف بك قديما فما ذكرته لأحد حتى الآن ولولا أنك ذكرته ما أخبرتك به .
عن ميسرة القيسي أنه كان ذات ليلة قائما يصلي وقد قهورت النجوم فمرت به آية فاستبكى لها فبكى ثم سجد فنام في سجوده فرأى قائلا يقول له ماذا تريد يا ميسرة قال أريد رضى ربي قال عليك حل رضوانه فماذا تريد قال أريد جوارح قوية وهمة مساعدة على طاعة الله قال هما لك فماذا تريد قال أريد ميتة سريعة وميتة طيبة قال وذاك لك فأصبح فقص رؤياه على أهله قال فلم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات مطعونا .
كان ميسرة القيسي إذا قام لصلاة الليل سمع نحيبه الجيران حتى يرون أن ميتا فيهم حتى عرف ذلك بعد أنه كان بكاء ميسرة .
شبع يحيى بن زكريا ليلة شبعة من خبز شعير فنام عن جزئه حتى أصبح فأوحى الله إليه يا يحيى هل وجدت دارا خيرا لك من داري أم جوارا خيرا لك من جواري وعزتي يا يحيى لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعة لذاب جسمك وذهبت نفسك اشتياقا ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع وللبست الحديد بعد المسوح .
عن عبد الرحمن بن شريح قال من قام إلى شيء من الخير لا يريد به إلا الله ثم عرض له من يريد أن يرائيه بذلك أعطاه الله بالأصل ووضع عنه الفرع ومن قام إلى شيء من الخير لا يريد به إلا المراءاة ثم فكر أو بدا له فجعل آخر ذلك لله أعطاه الله الفرع ووضع عنه الأصل .
قال الحسن لقد صحبت أقواما يبيتون لربهم في سواد هذا الليل سجدا وقياما يقومون هذا الليل على أطرافهم تسيل دموعهم على خدودهم فمرة ركعا ومرة سجدا يناجون ربهم في فكاك رقابهم لم يملوا كلال السهر لما قد خالط قلوبهم من حسن الرجاء في يوم المرجع فأصبح القوم بما أصابوا من النصب لله في أبدانهم فرحين وبما يأملون من حسن ثوابه مستبشرين فرحم الله امرءا نافسهم في مثل هذه الأعمال ولم يرض من نفسه لنفسه بالتقصير في أمره واليسير من فعله فإن الدنيا عن أهلها منقطعة والأعمال على أهلها مردودة قال ثم يبكي حتى تبتل لحيته بالدموع .
قيل للحسن ما بال المتهجدين من احسن الناس وجوها قال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره نورا .
كان الحسن يقول : إن لله عبادا هم والجنة كمن رآها فهم فيها متكئون وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذبون قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة وحاجاتهم خفيفة وأنفسهم عفيفة أما الليل فصافي أقدامهم مفترشي جباههم يناجون ربهم في فكاك رقابهم وأما النهار فحكماء علماء أبرار أتقياء قد براهم الخوف فهم أمثال القداح فينظر إليهم الناظر فيقول مرضى وما بهم من مرض ويقول قد خولطوا وقد خالط القوم أمر عظيم .
عن وهب بن منبه قال لن يبرح المتهجدون من عرصة القيامة حتى يؤتوا بنجائب من اللؤلؤ قد نفح فيها الروح فيقال لهم انطلقوا إلى منازلكم من الجنة ركبانا قال فيركبونها فتطير بهم متعالية والناس ينظرون إليهم فيقول بعضهم لبعض من هؤلاء الذين قد من الله عليهم من بيننا قال فلا يزالون كذلك حتى تنتهي بهم إلى مساكنهم وأفنيتهم من الجنة .
قال عبد الله بن غالب الحداني لما برز العدو على ما آسى من الدنيا فوالله ما فيها للبيب جزل والله لولا محبتي بمباشرة السهر بصفحة وجهي وافتراش الجبهة لك يا سيدي والمراوحة بين الأعضاء والكراديس في ظلم الليالي رجاء ثوابك وحلول رضوانك لقد كنت متمنيا لفراق الدنيا وأهلها قال ثم كسر جفن سيفه ثم تقدم فقاتل حتى قال فحمل من المعركة وإن به لرمقا فمات دون العسكر قال فلما دفن أصابوا من قبره رائحة المسك قال فرآه رجل من إخوانه فيما يرى النائم فقال يا أبا فراس ما صنعت قال خير الصنيع قال إلام صرت قال إلى الجنة قال بم قال بحسن اليقين وطول التهجد وظمأ الهواجر قال فما هذه الرائحة الطيبة التي توجد من قبرك قال تلك رائحة التلاوة والظمأ قال قلت أوصني قال بكل خيرا وصيتك قلت أوصني قال اكسب لنفسك خيرا لا تخرج عنك الليالي والأيام عطلا فإني رأيت الأبرار نالوا البر بالبر .
عن محارب بن دثار عن عمه قال مررت بابن مسعود بسحر وهو يقول اللهم دعوتني فأجبتك وأمرتني فأطعتك وهذا سحر فاغفر لي فلما أصبحت غدوت عليه فقلت له فقال إن يعقوب لما قال لبنيه " سوف استغفر لكم " ( يوسف : 98 ) أخرهم إلى السحر .
عن نافع قال كان ابن عمر يكثر الصلاة من الليل وكنت أقوم على الباب فأفهم عامة قراءته فربما ناداني يا نافع هل كان السحر بعد فإن قلت نعم نزع عن القراءة فأخذ في الاستغفار .
عن الحسن " وبالأسحار هم يستغفرون " ( الذاريات : 18 ) قال مدوا الصلاة إلى السحر ثم حبسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار .
عن مالك بن دينار قال: سألت سالم بن عبد الله عن النوم قبل العشاء فانتهرني وقال " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون " ( الذاريات : 17 )قال ما بين المغرب والعشاء يصلون .
عن سفيان قال بلغنا أنه إذا كان من أول الليل نادى مناد ألا ليقم العابدون قال فيقومون فيصلون ما شاء الله ثم ينادي ذلك أو غيره في شطر الليل ألا ليقم القانتون قال فيقومون قال فهم كذلك يصلون إلى السحر فإذا كان السحر نادى مناد أين المستغفرون قال فيستغفر أولئك ويقوم آخرون يسبحون قال يعني يصلون قال فيلحقونهم قال فإذا طلع الفجر وأسفر نادى مناد ألا ليقم الغافلون قال فيقومون من فرشهم كالموتى نشروا من قبورهم قال سفيان فتراه كسلان ضجرا قد بات ليلة جيفة على فراشه وأصبح نهاره يخطب على نفسه لعبا ولهوا قال وترى صاحب الليل منكسر الطرف فرح القلب .
كانت أم خالد بنت خالد بن سعيد ابن العاص تقول لنسائها في الليل احللن عقد الشيطان ليس هذا ساعة نوم .
كان المغيرة بن حكيم الصنعاني إذا أراد أن يقوم للتهجد لبس من احسن ثيابه وتناول من طيب أهله وكان من المتهجدين .
كان تميم الداري إذا قام من الليل دعا بسواكه ودعا بطيب ولبس حلة كان لا يلبسها إلا إذا قام من الليل يتهجد . وكان تميم الداري يلبس في الليلة التي يرجى من رمضان ليلة القدر حلة اشتراها بأربعة آلاف .
عن علقمة عن عبد الله قال من قال في قيام الليل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله كان له مثل أجر أو قال من الأجر كألف ألف حسن .
كان علي بن عبد الله بن عباس يصلي كل يوم ألف سجدة قال ابن أبي حمله وكان آدميا جسيما ودخلت عليه منزله بدمشق فكان مسجده في منزله كبيرا .