فوائد من كتاب الرقائق الجزء الثالث
قال حاتم الأصم: من خلا قلبه من ذكر أربعة أخطار فهو مغتر لا يأمن الشقاء: الأول: خطر يوم الميثاق حين قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي، فلا يعلم أي الفريقين كان. الثاني: حين خلق في ظلمات ثلاث، فنادى الملك بالشقاوة والسعادة، ولا يدري أمن الأشقياء هو أم من السعداء؟ الثالث: ذكر هول المطالع، فلا يدري أيبشر برضا الله أم بسخطه؟ الرابع: يوم يصدر الناس أشتاتاً، فلا يدري أي الطريقين يسلك به؟.
قال الحسن رحمه الله: (ابن آدم .. إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك) فينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل، وإن كان حلمه يسع الذنوب، وإن شاء أخذ وأخذ باليسير، فالحذر الحذر.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: (الذي يضر صاحبه هو ما لم يحصل منه توبة، فأما ما حصل منه توبة فقد يكون صاحبه بعد التوبة أفضل منه قبل الخطيئة).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالقلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يتلذذ، ولا يسر، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه، والإنابة إليه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فإن القلب إذا ذاق طعم عبادة الله، والإخلاص له لم يكن عنده شيء قَطُّ أحلى من ذلك، ولا ألذّ، ولا أمتع، ولا أطيب.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فالمؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشاً، وأنعمهم بالاً، وأشرحهم صدراً، وأسرهم قلباً، وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الآجلة
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: فكيف بالمحبة التي هي حياة القلوب، وغذاء الأرواح، وليس للقلب لذة، ولا نعيم، ولا فلاح، ولا حياة إلا بها. وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورَها، والأذن إذا فقدت سمعها، والأنف إذا فقد شمه، واللسان إذا فقد نطقه؟! بل فساد القلب إذا خلا من محبة فاطره وبارئه وإلهه الحقِّ أعظم من فساد البدن إذا خلا من الروح.
قال ابن عقيل رحمه الله: ما تصفو الأعمال والأحوال إلا بتقصير الآمال، فإن كل من عدّ ساعته التي هو فيها كمرض الموت، حسنت أعماله، فصار عمره كله صافيا.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: من تَفَكَّر في عواقب الدنيا أخذ الحذر، ومن أيقن بطول الطريق تأهب للسفر
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: أيها المذنب قف بالباب إذا نام الناس، وابسط لسان الاعتذار، ونكس الرأس، وامدد بعد السؤال ولا بأس، وقل ليس عندي سوى الفقر والإفلاس
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن أعظم الأشياء ضرراً على العبد بطالته وفراغه؛ فإن النفس لا تقعد فارغة، بل إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره ولابد
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: من قارب الفتنة بعدت عنه السلامة، ومن ادعى الصبر وكل إلى نفسه، وربَّ نظرةٍ لم تناظِر وأحق الأشياء بالضبط والقهر اللسان والعين؛ فإياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى مع مقاربة الفتنة؛ فإن الهوى مكايد، وكم من شجاع في الحرب اغتيل، فأتاه ما لم يحتسب.
قال شجاع الكرماني رحمه الله تعالى: من عَمَرَ ظاهرَه باتباع السُّنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغضَّ بصره عن المحارم، وكفَّ نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال_لم تخطىء فراسته.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: لو ميز العاقل بين قضاء وطره لحظةً، وانقضاء باقي العمر بالحسرة على قضاء ذلك الوطر لما قرب منه، ولو أعطي الدنيا، غير أن سكرة الهوى تحول بين الفكر وذلك
قال ابن حبان رحمه الله تعالى: فالواجب على العاقل لزوم الحياء؛ لأنه أصل العقل، وبذر الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر
قال ابن القيم رحمه الله: المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها؛ فمتى أخّرها عصى بالتأخر، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: يا بطَّال إلى كم تُؤخر التوبة وما أنت في التأخير معذور؟ إلى متى يقال عنك: مفتون مغرور؟ يا مسكين! قد انقضت أشهر الخير وأنت تعد الشهور، أترى مقبول أنت أم مطرود؟ أترى مواصل أنت أم مهجور؟ أترى تركبُ النُّجبَ غداً أم أنت على وجهك مجرور؟ أترى من أهل الجحيم أنت أم من أرباب القصور
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه، ومما لا يعلم؛ فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه.
قال مالك بن دينار: رأيت عتبة الغلام وهو في يوم شديد الحر، وهو يرشح عرقاً، فقلت له: ما الذي أوقفك في هذا الموضع؟ فقال: يا سيدي! هذا موضع عصيت الله فيه، وأنشد يقول: أتفرح بالذنوب وبالمعاصي ... وتنسى يوم يؤخذ بالنواصي وتأتي الذنب عمداً لا تبالي ... ورب العالمين عليك حاصي
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في شأن المتمادين في الذنوب اتكالاً على رحمة الله: وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء واتكل عليها، وتعلق بكلتا يديه، وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته، ونصوص الرجاء.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: فكل ظالم معاقبٌ في العاجل على ظلمه قبل الآجل، وكذلك كل مذنبٍ ذنباً، وهو معنى قوله تعالى: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) [النساء: 123] وربما رأى العاصي سلامة بدنه؛ فظن أن لا عقوبة، وغفلتُه عما عوقب به عقوبة.
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى: فما قدّر من المصائب يجب الاستسلام له؛ فإنه من تمام الرضا بالله ربَّاً، وأما الذنوب فليس لأحد أن يذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب؛ فيتوب من المعائب، ويصبر على المصائب
عن علي قال: لا يزال العبد في مهل من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه؛ فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ.
قال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهي؛ لأن آدم نهي عن أكل الشجرة فأكل منها، فتاب عليه، وإبليس أمر أن يسجد لآدم فلم يسجد، فلم يتب عليه
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: الصبر على أداء الطاعات أكمل من الصبر على اجتناب المحرمات، وأفضل؛ فإن مصلحة فعل الطاعة أحب إلى الشارع من مصلحة ترك المعصية، ومفسدة عدم الطاعة أبغضُ إليه وأكره من مفسدة وجود المعصية
قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: بقدر ما يصغر عندك الذنب يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: ما من عبد أطلق نفسه في شيء ينافي التقوى وإن قلَّ إلا وجد عقوبته عاجلة أو آجلة.
قال الغزالي رحمه الله تعالى: واعلم أنه لا يذنب العبد ذنباً إلا ويَسْوَدُّ وجه قلبه، فإن كان سعيداً أُظهر السواد على ظاهره؛ لينزجر، وإن كان شقياً أخفي عنه؛ حتى ينهمك، ويستوجب النار
قال أبو الدرداء رحمه الله تعالى: إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر.
ال طلق بن حبيب: إذا وقعت الفتنة فأطفئوها بالتقوى، قالوا: و ما التقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نورٍ من الله، تخاف عقاب الله
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ((تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً))
قال رجل ليونس بن عُبَيد أوصني قال: ((أوصيك بتقوى الله والإحسان فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون))
قال عمر بن عبد العزيز: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله: ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا، فهو خير إلى خير.
قال معاذ بن جبل: ينادى يوم القيامة: أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب منهم ولا يستتر، قالوا له: من المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا لله بالعبادة.
كان بعض السلف يقول: لو أعلم أن الله تقبّل مني سجدة واحدة لتمنّيت الموت لأن الله يقول {إنما يتقبل الله من المتقين}.
يقول محمد بن المنكدر: إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد و لده وقريته التي هو فيها والدويرات التي حولها فما يزالون في حفظ الله وستره .. ،
قال ابن المسيب: يا بني إني لأزيد في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفَظ فيك وتلا الآية {وكان أبوهما صالحا}،طبعاً هو يصلي لله، وابن المسيب أفقه من أن يرجو على عمله فقط ثواباً دنيوياً ولكنه يرجو تبعاً للثواب الأخروي أمراً في الدنيا والله تعالى كريم يعطي أموراً في الدنيا والآخرة على العبادات.
قال الحسن:"إن أهل العقل لم يزالوا يعودون بالذكر على الفكر، وبالفكر على الذكر حتى استنطقوا قلوبهم فنطقت بالحكمة"
قال ابن عباس: "التفكر في الخير يدعو إلى العمل به والندم على الشر يدعو إلى تركه. وإذا كان هم العبد وهواه في الله عز وجل جعل الله صمته تفكراً وكلامه حمداً".
كان داود الطائي رحمه الله على سطح في ليلة قمراء فتفكر في ملكوت السموات والأرض وهو ينظر إلى السماء ويبكي حتى وقع في دار جار له، فوثب صاحب الدار من فراشه وبيده سيف ظن أنه لصّ، فلما نظر إلى داود رجع ووضع السيف وقال من ذا الذي طرحك من السطح، قال: ما شعرت بذلك.
عن سفيان الثوري قال: بصر العينين من الدنيا، وبصر القلب من الآخرة، وإن الرجل ليبصر بعينه فلا ينتفع ببصره وإذا أبصر بالقلب انتفع.
عن شقيق بن إبراهيم قال: المؤمن مشغول بخصلتين، والمنافق مشغول بخصلتين، المؤمن بالعبر والتفكر، والمنافق مشغول بالحرص والأمل.
قال ابن الجوزي رحمه الله: ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصاله معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، بتدبر كلامه.
قال ابن القيم رحمه الله: (فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وحلاوة القرآن)،
قال ابن تيمية رحمه الله: (والمطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به فإن لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من أهل العلم والدين)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: التدبر تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله. وقيل في معناه: هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة.
عن ابن مسعود قال: والذي نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهي النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه، بل على أتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملاً صالحاً)
قال ابن القيم رحمه الله: لا يوصف بالمعرفة إلا من كان عالماً بالله وبالطريق الموصل إلى الله، وبآفاتها وقواطعها، وله حال مع الله تشهد له بالمعرفة. فالعارف هو من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعالة، ثم صدق الله في معاملته، ثم أخلص له في قصده ونيته.
كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود، من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لاتحسبه إلا جزع حائط.
كان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفّر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء. قال: (أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟).
قال الحسن البصري رحمه اللّه: (لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل فقيل له: ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوهاً فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.
عن الفضيل بن عياض قال: الخوف أفضل من الرجاء مادام الرجل صحيحاً، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف ويقول: إذا كان في صحته محسناً عظم رجاؤه عند الموت، وحسن ظنه. إذا كان في صحته مسيئاً ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه.
قال ابن قدامة: ((اعلم بأن الخوف سوط الله يسوق الله به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل لينالوا بهما رتبة القرب من الله عز وجل، والخوف سراج القلوب به يبصر ما فيه من الخير والشر)) ..
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: ((والله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ونصب الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال)).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى والخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط.
قال ابن سعدي رحمه الله تعالى: أمر الله بخشية الله التي هي رأس كل خير فمن لم يخشَ الله لم ينكفّ عن معصته ولم يمتثل أمره.
قال ابن جرير: لا تخافوا أيها المؤمنين المشركين ولا يعظمن عليكم أمرهم ولا ترهبوا جمعهم مع طاعتكم إياي فأطعتموني واتبعتم أمري وإني متكلف لكم بالنصر والظفر ولكن خافوني واتقوني أن تعصوني أن تخالفوا أمري فتهلكوا إن كنتم مؤمنين فالله عز وجل أولى أن يخاف منه من الكفار والمشركين.
قال موسى بن مسعود: " كنا إذا جلسنا إلى سفيان كأن النار قد أحاطت بنا لما نرى من خوفه وجزعه ".
قال يحيى بن معاذ رحمه الله تعالى:" ما من مؤمن يعمل سيئة إلا ويلحقها جنتان: خوف العقاب، ورجاء العفو ".
قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى (قال اللّه تعالى وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين: إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي)
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية العمل مع غاية الخوف، ونحن جمعنا بين التقصير، بل التفريط والأمن.
قال ابن القيم -رحمه الله-: كما يصير العسل مكروهاً عند من يشتهيه إذا علم أن فيه سمّاً، فتحترق الشهوات بالخوف وتتأدب الجوارح و يذل القلب ويستكين ويفارقه الكبر والحقد والحسد ويصير مستوعب الهم لخوفه والنظر في خطر عاقبته فلا يتفرغ لغيرع ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة والظنّة (البخل) بالأنفاس واللحظات ومؤاخذة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات ويكون حاله (الخائف) كم وقع في مخالب سبع ضار لا يدري أيغفل عنه فيفلت أو يهجم عليه فيهلكه ولا شغل له إلا ما وقع فيه، فقوة المراقبة والمحاسبة بحسب قوة الخوف وقوة المعرفة بجلال الله تعالى وصفاته وبعيوب نفسه وما بين يديها من الأخطار والأهوال.
قال ابن قدامة رحمه الله: فضيلة كل شيء بقدر إعانته على طلب السعادة وهي لقاء الله تعالى والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة ((ولمن خاف مقام ربه جنتان)).
قال عون بن عبد الله: كم من مستقبل يوماً لا يستكمله ومنتظر غد لا يبلغه لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره.
قال ابن تيمية -رحمه الله -: كل عاصٍ لله فهو جاهل وكل خائف منه فهو عالم مطيع، الخائف من الله يبادر إلى الخيرات قبل الممات ويغتنم الأيام والساعات ..
قال ابن القيم رحمه الله تعالى مبيّناً الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق: " خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم و الإجلال و الوقار و المهابة و الحياء، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل و الخجل و الحب و الحياء و شهود نعم الله و جناياته هو، فيخشع القلب لا محالة فيتبعه خشوع الجوارح. و أما خشوع النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع
قال الحسن رحمه الله: إياك أن ينظر الله إليك وتنظر إلى غيره .. وتسأل الله الجنة وتعوذ به من النار .. وقلبك ساه لا تدري ما تقول بلسانك.
عن سفيان الثورى قال العالم طبيب الدين والدرهم داء الدين فإذا اجتر الطبيب الداء إلى نفسه فمتى يداوى غيره
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وما بين الناس)).
قال الحسن البصري: ((إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام وذهب وبكى في الخارج)).
قال سفيان: ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي إنها تنقلب علي. إذا أراد أن يجاهد نفسه يجد تقلبات، ولا يدري أهو في إخلاص أم رياء، وهذا طبيعي أن يشعر أنه في صراع لا تسلم له نفسه دائماً فهو يتعرض لهجمات من الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء، وهذا فيه خير، أما من اطمأنت نفسه بحاله فهذه هي المشكلة.