فوائد من كتاب الزهد الجزء الثالث
حكمــــــة
عن يعقوب عن أبيه أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده وكان يلزمه الصلوات فأبطأ يوما عن الصلاة فقال ما حبسك قال كانت مرجلتي تسكن شعري فقال بلغ من تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة وكتب بذلك إلى والده فبعث عبد العزيز رسولا إليه فما كلمه حتى حلق شعره.
حكمــــــة
عن جسر القصاب قال: كنت أحلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز فمررت براع وفي غنمه نحو من ثلاثين ذئباً، فحسبتها كلاباً ولم أكن رأيت الذئاب قبل ذلك، فقلت: يا راعي ما ترجو بهذه الكلاب كلها؟ فقال: يا بني إنها ليست كلاباً، إنما هي ذئاب. فقلت: سبحان الله ذئب في غنم لا تضرها؟ فقال: يا بني إذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس. وكان ذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز.
حكمــــــة
عن الفرات بن السائب، أن عمر بن عبد العزيز قال لامرأته فاطمة بنت عبد الملك - وكان عندها جوهر أمر لها أبوها به لم ير مثله: أختاري إما أن تردي حليك إلى بيت المال، وإما تأذني لي في فراقك، فإني أكره أن أكون أنا وانت وهو في بيت واحد، قالت: لا بل أختارك يا أمير المؤمنين عليه وعلى أضعافه لو كان لي، قال: فأمر به فحمل حتى وضع في بيت مال المسلمين، فلما هلك عمر واستخلف يزيد قال لفاطمة: إن شئت يردونه عليك قالت: فإني لا أشاؤه، طبت عنه نفساً في حياة عمر وأرجع فيه بعد موته؟ لا والله أبداً. فلما رأى ذلك قسمه بين أهله وولده.
حكمــــــة
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار،، قال: قال عمر لرجل: أوصيك بتقوى الله فإنها ذخيرة الفائزين، وحرز المؤمنين، وإياك والدنيا أن تفتنك فإنها قد فعلت ذلك بمن كان قبلك، إنها تغر المطمئنين إليها، وتفجع الواثق بها، وتسلم الحريص عليها، ولا تبقى لمن استبقاها، ولا يدفع التلف عنها من حواها، لها مناظر بهجة. ما قدمت منها أمامك لم يسبقك، وما أخرت منها خلفك لم يلحقك.
حكمــــــة
عن سفيان ابن عيينة يقول: قال بعض الفقهاء: كان يقال العلماء ثلاثة عالم بالله، وعالم بالله وبأمر الله، وعالم بأمر الله، وأما العالم بأمر الله، فهو الذي يعلم السنة ولا يخاف الله، وأما العالم بالله فهو الذي يخاف الله ولا يعلم السنة، وأما العالم بالله وبأمر الله، فهو الذي يعلم السنة ويخاف الله. فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السموات.
حكمــــــة
عن الفضيل بن عياض قال: قيل: يا ابن آدم اجعل الدنيا داراً تبلغك لأثقالك، واجعل نزولك فيها استراحة لا تحبسك كالهارب من عدوه، والمتسرع إلى أهله في طريق مخوف لا يجد مسالماً يقدم فيه من الراحة، متبذلا في سفره ليستبقى صالح ما عنده لإقامته، فإن عجزت أن تكون كذلك في العمل فليكن ذلك هو الأمل، وإياك أن تكون لصاً من لصوص تلك الطريق ممن: (يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) [الأنعام:
حكمــــــة
عن الفضيل بن عياض قال: لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من كل الدنيا، وقيل للفضيل: ما الزهد في الدنيا؟ قال: القنع وهو الغنى، وقيل: ما الورع؟ قال: اجتناب المحارم. وسئل ما العبادة؟ قال: أداء الفرائض. وسئل عن التواضع قال: أن تخضع للحق، وقال: أشد الورع في اللسان، وقال: التعبير كله باللسان لا بالعمل. وقال: جعل الخير كله في بيت وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا. وقال: قال الله عز وجل: إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني.
حكمــــــة
عن الفضيل بن عياض قال: من خاف الله تعالى لم يضره شيء ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد. وسألله عبد الله بن مالك، فقال: يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه؟ فقال له: أخبرني من أطاع الله عز وجل هل تضره معصية أحد؟ قال: لا، قال: فمن عصى الله سبحانه وتعالى هل تنفعه طاعة أحد؟ قال: لا، قال: فهو الخلاص إن أردت الخلاص.
حكمــــــة
عن الفضيل بن عياض قال: لا يترك الشيطان الإنسان حتى يحتال له بكل وجه، فيستخرج منه ما يخبر به من عمله، لعله يكون كثير الطواف فيقول: ما كان أجلي الطواف الليلة، أو يكون صائما فيقول ما أثقل السحور أو ما أشد العطش، فإن استطعت أن لا تكون محدثاً ولا متكلماً ولا قارئاً، وإن كنت بليغاً، قالوا: ما أبلغه وأحسن حديثه وأحسن صوته، فيعجبك ذلك فتنتفخ، وإن لم تكن بليغا ولا حسن الصوت قالوا ليس يحسن يحدث وليس صوته بحسن أحزنك وشق عليك، فتكون مرائيا، وإذا جلست فتكلمت ولم تبال من ذمك ومن مدحك من الله فتكلم.