فوائد من سير السلف الجزء الثالث
حكمــــــة
قال وهب لعطاء الخراساني: ويحك تحمل علمك إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا، أتأتي من يغلق عليك بابه، ويظهر الفقر ويواري عنك غناه، وتدع من يفتح لك بابه ويقول: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]. ويحك ارض بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولا ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا، ويحك إن كان يغنيك ما يكفيك، فإن أدنى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يكفيك، إنما بطنك بحر من البحور وواد من الأودية لا يملأه شيء إلا التراب.
حكمــــــة
قال وهب بن منبه: كان لسليمان بن داود عليه السلام ألف بيت أعلاه قوارير، وأسفله حديد، فركب الريح يوما فمر بحراث، فنظر إليه الحراث، فقال: لقد أوتي آل داود ملكا عظيما، فحملت الريح كلامه فألقته في أذن سليمان، قال: فنزل حتى أتى الحراث، فقال: إني سمعت قولك، إنما مشيت إليك لئلا تتمنى مالا تقدر عليه، لتسبيحة واحدة يقبلها الله منك خير مما أوتي آل داود، فقال الحراث: أذهب الله همك كما أذهبت همي.
حكمــــــة
قال إبراهيم بن أدهم لرجل في الطواف: " اعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات أوله: تغلق باب النعمة، وتفتح باب الشدة، والثاني: تغلق باب العز، وتفتح باب الذل، والثالث تغلق باب الراحة، وتفتح باب الجهد، والرابع تغلق باب النوم، وتفتح باب السهر، والخامس: تغلق باب الغنى، وتفتح باب الفقر، والسادس: تغلق باب الأمل، وتفتح باب الاستعداد للموت ".
حكمــــــة
قال إسماعيل بن عبيد الله: لما حضر أبي الوفاة جمع بنيه، وقال: يا بني عليكم بتقوى الله، وعليكم بالقرآن فتعاهدوه، وعليكم بالصدق حتى لو قتل أحدكم قتيلا ثم سئل عنه أقر به، والله ما كذبت كذبة منذ قرأت القرآن، يا بني عليكم بسلامة الصدور لعامة المسلمين، فوالله لقد رأيتني وإني لأخرج من بابي وما ألقى مسلما إلا والذي في نفسي له كالذي في نفسي لنفسي، أفترون أني أحب لنفسي إلا خيرا.
حكمــــــة
قال جعفر بن سليمان: كنا نأتي فرقد السبخي ونحن شببة فيعلمنا فيقول: إن من ورائكم زمانا شديدا، شدوا الأزر على أنصاف البطون، وصغروا اللقم، وشدوا المضغ، ومصوا الماء، فإذا أكل أحدكم فلا يحلن إزاره فتتسع أمعاؤه وإذا جلس ليأكل فليقعد على إليته وليلزقن فخذيه ببطنه، وإذا فرغ فلا يقعد وليجئ وليذهب واختفوا فإن من ورائكم زمانا شديدا.
حكمــــــة
قال يوسف بن أسباط: قال لي سفيان الثوري وأنا وهو في المسجد: ا يوسف، ناولني المطهرة أتوضأ، فناولتها فأخذها بيمينه ووضع يساره على خده، ونمت واستيقظت وقد طلع الفجر، فنظرت إليه فإذا المطهرة في يده على حالها، فقلت يا أبا عبد الله قد طلع الفجر، قال: لم أزل منذ ناولتني المطهرة أتفكر في الآخرة إلى هذه الساعة.
حكمــــــة
قال الفريابي: كان سفيان الثوري يصلي ثم يلتفت إلى الشباب فقال: إذا لم تصلوا اليوم فمتى، وقيل لسفيان: لو دعوت بدعوات، قال: ترك الذنوب هو الدعاء، وكان ربما يأخذ في التفكر فينظر إليه الناظر فيقول: مجنون، وكان في جيبه رقعة ينظر فيها كثيرا فوقعت منه فنظروا فيها فإذا فيها مكتوب: سفيان اذكر وقوفك بين يدي الله.
حكمــــــة
قال إسحاق: كان سليمان الخواص أتى بيروت فدخل عليه سعيد بن عبد العزيز، وقال: مالي أراك في الظلمة؟ قال: ظلمة القبر أشد، قال: مالي أراك ليس لك رفيق؟ قال: أخاف أن يكون لي رفيق لا أقدر أن أقوم بحقه، قال له سعيد: خذ هذه الدراهم فأنا لك بها يوم القيامة، قال: يا سعيد إن نفسي لم تجبني إلى هذا الذي أجبتني إليه إلا بعد كد، فأنا أكره أن أعود بها مثل دراهمك هذه، فمن لي بمثلها إذا أنا أصبحت لا حاجة لي فيها.
حكمــــــة
قال المعافى بن عمران: كان أشرط ممن مضى من أهل العلم ينظرون في الحلال النظر السديد، لا يدخلون في بطونهم إلا ما يعرفون من الحلال وإلا اشتكوا التراب، ثم عد بشر بن الحارث، وإبراهيم بن أدهم، وسليمان الخواص، وعلي بن الفضيل، ويمانا أبا معاوية الأسود، ويوسف بن أسباط، ووهب بن الوردي، وداود الطائي، وحذيفة المرغني.
حكمــــــة
ال سفيان الثوري رحمة الله عليه: خرجت حاجا أنا وشيبان الراعي فلما صرنا ببعض الطرق إذا نحن بأسد قد عارضنا، فقلت لشيبان: أما ترى هذا الكلب قد عرض لنا فقال لي: لا تخف يا سفيان، ثم صاح بالأسد فبصبص وضرب بذنبه مثل الكلب، فأخذ شيبان بأذنه فعركها فقلت له: ما هذه الشهرة؟ لي: وأي شهرة ترى يا ثوري، لولا كراهية الشهرة ما حملت زادي إلى مكة إلا على ظهره.