فوائد من كتاب مكارم الاخلاق 3
حكمــــــة
عن عبد الله بن علقمة بن أبي الفغواء الخزاعي عن أبيه قال: بعثني النبي صلى الله عليه و سلم بمال إلى أبي سفيان بن حرب يقسمه في فقراء قريش وهم مشركون يتآلفهم فلما قدمت مكة دفعت المال إلى أبي سفيان فجعل أبو سفيان يقول ما رأيت أبر من هذا ولا أوصل يعني النبي صلى الله عليه و سلم إنا نجاهده ونطلب دمه وهو يبعث إلينا بالصلات يبرنا بها.
حكمــــــة
مر أبو بكر رضي الله عنه ببلال وهو يعذب وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال أبو بكر لأمية بن خلف ألا تتقي الله في هذا المسكين حتى متى قال أنت أفسدته فأنقذه فقال أبو بكر أفعل عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به قال قبلت قال هو لك فأعطاه أبو بكر رضي الله عنه غلامه ذلك وأخذ بلالا فأعتقه ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر من مكة ست رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا وأم عبيس وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية من بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب.
حكمــــــة
قال أبو قحافة لابنه أبي بكر رضي الله عنه يا بني إني أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أنك إذ ما فعلت فعلت أعتقت رجالا جلداء يمنعونك ويقومون دونك قال فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا أبه إنما أريد ما أريد قال فيتحدث ما نزلت هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال لأبيه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى إلى آخر السورة.
حكمــــــة
عن عثمان بن نائل عن أبيه قال: خرجت مع مولاي عثمان في سفرة سافرها في عمرة أو حجة قال وكل القوم بعير زاده بعير رحله إلا ما كان من عثمان فإني كنت على بعير عليه زاده وكان على بعير عليه رحله قال فجاءهم سائل فسألهم ثم قال إني والله ما كنت لأنزل حاجتي هذه بقوم أولى أن يصنعوا بي معروفا منكم فدعاني عثمان فحول الزاد على بعير رحله ووطأ لي خلفه وأردفني واستحمل الله عز و جل ودفع البعير إلى السائل.
حكمــــــة
عن أبي جعفر قال: ما مات علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى بلغت غلته مائة ألف ولقد مات يوم مات وعليه سبعون ألفا دينا فقلت من أين كان عليه هذا الدين قال كان تأتيه حامته من أصهاره ومعارفه ممن لا يرى لهم في الفيء نصيبا فيعطيهم فلما قام الحسن بن علي باع وأخذ من حواشي ماله حتى قضى عنه ثم كان يعتق عنه كل عام خمسين نسمة حتى هلك ثم كان الحسين يعتق عنه خمسين نسمة حتى قتل ثم لم يفعله أحد بعدهما.
حكمــــــة
عن جويرية بن أسماء قال: قطع برجل بالمدينة فقيل له عليك بحكيم بن حزام فأتاه وهو في المسجد فذكر له حاجته فقام معه فانطلق معه إلى أهله فمر بقطعة كساء أو قال خرقة مطروحة في كساحة فأخذها بيده ثم نفضها ثم علقها بيده قال فقال الرجل في نفسه ما أرى عند هذا خيرا فلما دخل داره رأى غلمانا له يعالجون أداة من أداة الإبل فرمى بها إليهم فقال استعينوا بهذه على بعض ما تعالجون ثم أمر له براحلة مقتبة محقبة وأحسبه ذكر زادا.
حكمــــــة
عن شهر بن حوشب: أن رجلا أتى عبد الله بن جعفر فسأله وبين يديه جارية تعاطيه بعض حوائجه فقال عبد الله للسائل خذ بيدها فهي لك فقالت له الجارية أمتني يا سيدي قال ويحك وكيف ذاك قالت وهبتني لرجل بلغت به الحاجة إلى المسألة فقال له عبد الله بن جعفر بعنيها إن شئت فقال له الرجل خذها أصلحك الله بما أحببت قال إنما اشتريتها بمائة دينار فلك مائتا دينار قال فهي لك أصلحك الله قال فأعطاه عبد الله مائتي دينار وقال إذا نفذت فعد إلي قالت له الجارية يا سيدي عظمت مؤنتي عليك فقال عبد الله حرمتك أعظم من مؤنتك.
حكمــــــة
عن سوادة بن أبي الأسود عن أبيه قال: دخل علي الحسن بن علي رضي الله عنه نفر من أهل الكوفة وهو يأكل طعاما فسلموا عليه وقعدوا فقال لهم الحسن الطعام أيسر من أن يقسم عليه الناس فإذا دخلتم على رجل منزله فقرب طعامه فكلوا من طعامه ولا تنتظروا أن يقول لكم هلموا فإنما يوضع الطعام ليؤكل قال فتقدم القوم فأكلوا ثم سألوه حاجتهم فقضاها لهم.
حكمــــــة
قال أبو السائب: أرسلت إلى محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أسأله لقحة لبعض أهلنا فإني لجالس إذا بإبل تدخل ثم إذا بعبد أسود معتم فقلت يا صاحب الإبل ليس هذا طريقك فناولني كتابا فإذا فيه إنك سألت لقحة فجمعت لك ما حضرني فإذا تسع عشرة وراعيها وهي بدن إن رددت منها شيئا قال فبعت منها ثماني عشرة وتأثلت منها مالا.
حكمــــــة
قدم أعرابي المدينة يطلب في أربع ديات حملها فقيل له عليك بالحسن بن علي عليك بعبد الله بن جعفر عليك بسعيد بن العاص عليك بعبد الله بن العباس فدخل المسجد فرأى رجلا يخرج معه جماعة فقال من هذا فقيل سعيد بن العاص قال هذا أحد أصحابي الذين ذكروا لي فمشى معه فأخبره بالذي قدم له ومن ذكر له وأنه أحدهم وهو ساكت عنه لا يجيبه فلما بلغ باب منزله قال لخازنه قل لهذا الأعرابي فليأت بمن يحمل له فقيل له ائت بمن يحمل لك قال عافا الله سعيدا إنما سألناه ورقا ولم نسأله تمرا قال ويحك ائت بمن يحمل لك فأخرج إليه أربعين ألفا فاحتملها الأعرابي فمضى إلى البادية ولم يلق غيره.
حكمــــــة
دخل قوم من بني أسد على عيسى بن علي يتكلمون في حمالات وكان خطيبهم عون بن جابر وكان له لسان جيد فتكلم عون وذكر بني أسد وقرابتهم من قريش فقال له الحسن بن زيد بن الحسن وكان عند عيسى يا بني أسد إنكم لتكلمون كأنكم نزلتم من السماء فأقبل عليه عون بن جابر فقال لو نزل قوم من السماء جودا أو كرما كنا النازلين من السماء نحن بنو خزيمة ونحن بنو برة يعني ابنة مر وهي أم أسد وإن كنت لجديرا أن تكون معنا في حاجتنا فألا إذ لم تفعل تركتنا والأمير قال وجعل عيسى يسر بما يوبخ به الحسن ويكلمه ثم أمر لهم عيسى بالمال الذي طلبوه للحمالات وكان أربعين ألفا.
حكمــــــة
بعث مروان وهو على المدينة ابنه عبد الملك إلى معاوية فدخل عليه فقال إن لنا مالا إلى جنب مالك بموضع كذا وكذا من الحجاز لا يصلح مالنا إلا بمالك ومالك إلا بمالنا فإما تركت لنا مالك فأصلحنا به مالنا وإما تركنا لك مالنا فأصلحت به مالك فقال له بابن مروان إني لا أخدع عن القليل ولا يتعاظمني ترك الكثير وقد تركنا لكم مالنا فأصلحوا به مالكم.
حكمــــــة
قدم على عمر بن عبد العزيز رجل من حضرموت فناداه: (دعوت حران ملهوفا ليأتيكم... فقد أتاك بعيد الدار مظلوم) قال من ظلمك قال الوليد بن سليمان أخذ أرضا لي باليمن فقال اكتبوا له إلى عامل اليمن إن أقام عندك شاهدين ذوي عدل فاردد عليه أرضه ثم قال له إني أراك قد كلفت في وجهك هذا قال كلفت زادا وراحلة فأمر له بثلاثين دينار.
حكمــــــة
عن مجاهد قال جاء رجل إلى الحسن والحسين رضي الله عنهما فسألهما فقالا: إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة حاجة مجحفة أو حمالة مثقلة أو دين فادح وأعطياه ثم أتى بن عمر رضي الله عنه فأعطاه ولم يسأله عن شيء فقال أتيت ابني عمك وهما أصغر سنا منك فسألاني وقالا لي وأنت لم تسألني عن شيء فقال ابنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إنهما كانا يغران بالعلم غرا.
حكمــــــة
عن أبي عبيدة حدثني الحارث بن سليم قال: حججت فمررت بالمدينة فوافقت بها سليمان بن عبد الملك فجاء سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان حتى جلس بين يديه فقال يا أمير المؤمنين أعدني على موسى شهوات هجاني فقام سعيد بن خالد بن عبد الله حتى جلس معه مجلس الخصم فقال إنه لم يهجه ولكنه مدحني فقال سليمان أنشدوني ما قال فأنشدوه فقال ما أسمعه هجاك ثم قال لسعيد بن خالد بن عبد الله ارفع حوائجك فرفع إليه فيها ألف ألف فأمر له بها فاستكثرها القهرمان فجاء يوامر سليمان فقال أردت أن تبخلني أو أستكثرها لفتى من قريش.
حكمــــــة
دخل أعرابي على هشام بن عبد الملك في غمار الناس فشق على هشام حين دخل من غير إذن فقام الأعرابي فقال أصابتنا ثلاثة أعوام فعام أكل الشحم وعام أكل اللحم وعام انتقي العظم وعندكم فضول من أموال فإن كانت لله فأقسموها بين عباد الله وان كانت لعباد الله فبما تحبسها عنهم وإن كانت لكم فتصدقوا إن الله يجزي المتصدقين فقال له هشام ما حاجتك قال ليس لي حاجة فكتب هشام إلى عامله بالمدينة انفق على مقحمي المدينة فرفع منه ألف دينار.
حكمــــــة
حج عتبة بن أبي سفيان سنة إحدى وأربعين فصعد المنبر فحمد الله ثم قال: أيها الناس إنا قد ولينا هذا المقام الذي يضاعف للمحسن فيه الأجر وعلى المسيء الوزر ونحن على طريق ما قصدنا فلا تمدوا الأعناق إلى غيرنا فإنها تقطع دوننا ورب متمني حتفه في أمنيته فاقبلوا العافية منا ما قبلناها منكم وإياكم وقول لو فإنها قد أتعبت من قبلكم ولن تريح من بعدكم نسأل الله أن يعين كلا على كل فاعترضه أعرابي فقال يا أيها الخليفة فقال لست به ولم تبعد قال فيا أخاه قال قد أسمعت فقل قال لعمري أن تحسنوا وقد أسأنا خير من أن تسيئوا وقد أحسنا فإن كان الإحسان منكم فما أحقكم باستتمامه وإن كان منا فما أحقنا بمكافأتكم رجل من بني عامر يلقاكم بالعمومة ويختص إليكم بالخؤولة كثره عيال ووطئه زمان وبه فقر وعنده شكر قال استغفر الله منك وأستعين بالله عليك وقد أمرت لك بغناك فليت اسراعي إليك يقوم بإيطائي عنك.
حكمــــــة
قدم الأخطل الشام على بعض بني أمية فامتدحه فأخبر بعبد الله بن سعيد بن العاص متبديا فيما بين المدينة والشام وكانت جدته أم أمه تغلبية وعبد الله يومئذ غلام فأتاه الأخطل فأنشده قصيدته التي يقول فيها: (فمن يك سائلا ببني سعيد... فعبد الله أكرمهم نصابا) وأمر له بخمسة آلاف درهم وناقة برحلها فقيل له أعطيت أعرابيا نصرانيا ما أعطيته ولم تستمدحه وإنما كان يرضيه اليسير فقال عبد الله علي بالأخطل فجاء فقال إني أعطيتك ولم آمرك بشيء فهي لك في كل سنة فإذا بدا لك فتعال.
حكمــــــة
قال أبو عمر القرشي المكي: خرج قوم من قريش يريدون بعض الخلفاء بالشام فمروا قريبا من أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقالوا لو ملنا إلى أبي بكر فمالوا إليه فحبسهم ثم أرسل إليهم بثوب فيه مال تحمله عدة وقال لو كان عندنا أكثر من هذا أرسلنا به إليكم فلما رأوا ذلك قالوا ما نحتاج إلى الذهاب في وجهنا في هذا ما نكتفي به فارتحلوا فلم يدن منهم أحد من غلمانه وحشمه يعينهم على رحلتهم فلما ودعوه قالوا لقد رأينا من برك وإكرامك وصنيعك ما أعجبنا ولكنا رأينا شيئا أنكرناه عند رحلتنا لم يدن منا أحد من غلمانك وحشمك فيعيننا على رحلتنا حتى تكلفنا نحن ذلك فضحك وقال إنهم لا يعينون أحدا على رحلتهم عنا.