فوائد من كتاب العقوبات
حكمــــــة
عن جبير بن نفير، قال: « لما افتتح المسلمون قبرس وفرق بين أهلها، فقعد بعضهم يبكي إلى بعض، وبكى أبو الدرداء، فقلت: ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأذل الشرك وأهله؟ قال: دعنا منك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا تركوا أمره بينا هم أمة قاهرة قادرة إذ تركوا أمر الله عز وجل فصاروا إلى ما ترى »
حكمــــــة
عن أنس بن مالك، أنه دخل على عائشة ورجل معه، فقال لها الرجل: يا أم المؤمنين، حدثينا عن الزلزلة، فقالت: « إذا استباحوا الزنا، وشربوا الخمر، وضربوا بالمغاني، وغار الله عز وجل في سمائه فقال للأرض: تزلزلي بهم. فإن تابوا ونزعوا، وإلا هدمها عليهم. قال: قلت: يا أم المؤمنين، أعذاب لهم؟ قالت: بل موعظة ورحمة وبركة للمؤمنين، ونكال وعذاب وسخط (1) على الكافرين ». قال أنس: ما سمعت حديثا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أشد فرحا مني بهذا الحديث.
حكمــــــة
عن جعفر بن برقان، قال: « كتب إلينا عمر بن عبد العزيز: » أما بعد، فإن هذا الرجف شيء يعاقب الله تعالى به العباد، وقد كتبت إلى الأمصار أن يخرجوا يوم كذا من شهر كذا، فمن كان عنده شيء فليصدق، قال الله عز وجل: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، وقولوا كما قال أبوكم آدم: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، وقولوا كما قال نوح عليه السلام: وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين، وقولوا كما قال يونس عليه السلام: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين «
حكمــــــة
عن أبي الرقاد قال: خرجت مع مولاي، فانتهينا إلى حذيفة وهو يقول: « إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصير بها منافقا، وإني لأسمعها اليوم في المقعد الواحد أربع مرات، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضن على الخير، أو ليسحتنكم الله تعالى جميعا بعذاب، أو ليؤمرن عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم »
حكمــــــة
عن إبراهيم قال: « أوحي إلى نبي من الأنبياء، أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية، ولا أهل بيت، ولا رجل، يكونون لله عز وجل على طاعة فيتحولون منها إلى معصية، إلا تحول الله عز وجل لهم مما يحبون إلى ما يكرهون، وليس من أهل قرية، ولا أهل بيت، ولا رجل، يكونون لله عز وجل على معصية فيتحولون منها إلى طاعة، إلا تحول الله عز وجل لهم مما يكرهون إلى ما يحبون، وقل لقومك يعملوا ولا يتكلوا ؛ فإنه ليس من خلقي... للحساب إلا حق عليه العذاب »
حكمــــــة
قال عمرو بن قيس الملائي: « أوحى الله عز وجل إلى نبي من الأنبياء: إن قومك استخفوا بحقي وانتهكوا معاصي، فقل للمحسن منهم فلا يتكلم على إحسانه، لا أقاص عبدا إلى الحساب، فأقيم عليه عدلي، إلا كان لي عليه الفضل، إن شئت عذبته وإن شئت رحمته. وقل للمسيء فلا يلقي بيده، فإنه لن يكثر علي ذنب أن أغفره إذا تاب منه صاحبه كما ينبغي، إنه ليس مني من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، إنما هو أنا وخلقي، فمن كان يؤمن بي فليدعني، ومن كان يؤمن بغيري فليدع غيري، إنما أنا وخلقي، وخلقي كله لي »
حكمــــــة
قال مالك بن دينار: يا حملة القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن، كما أن الغيث ربيع الأرض، فقد ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحش، فتكون فيه الحبة، فلا يمنعها نتن موضعها أن تهتز وتخضر. فيا حملة القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ أين أصحاب سوره؟ أين أصحاب سوره؟ بين مما عملتم فيها
حكمــــــة
كان لعمر بن عبد العزيز أخوان في الله عبدان: أحدهما زياد، والآخر سالم. فدخل عليه زياد وعنده امرأته فاطمة بنت عبد الملك، فأرادت أن تقوم، فقال: إنما هو زياد عمك، ثم نظر إليه فقال: زياد في دراعة من صوف، لم يل من أمر المسلمين شيئا، ثم ألقى ثوبه على وجهه فبكى، فقال لامرأته: ما هذا؟ قالت: هذا عمله منذ استخلف، قال: ودخل عليه سالم فقال: يا سالم، إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: إن تكن تخاف فلا تأس، ولتكن عبدا خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، وأباحه الجنة، عصى الله معصية واحدة فأخرجه بها من الجنة.
حكمــــــة
عن يحيى بن يعلى، قال: « قال هود عليه السلام لقومه حين أظهروا عبادة الأوثان: يا قوم، إني بعثني الله إليكم، ورعية فيكم، فالقوه بطاعته وأطيعوه... معاني المطيع لله يأخذ لنفسه من نفسه بطاعة الله الرضا، وإن العاصي لله يأخذ لنفسه بنفسه بمعصية الله السخط، وإنكم من أهل الأرض، والأرض تحتاج إلى السماء، والسماء تستغني بما فيها، فأطيعوه تستطيبوا حياتكم، وتأمنوا ما بعدها، وإن الأرض العريضة تضيق عن البعوضة بسخط الله عز وجل »
حكمــــــة
قال ابن عباس، في قوله عز وجل: « فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا: غيم فيه مطر، قال هود عليه السلام: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، فلما أن رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم تطير بين السماء والأرض مثل الريش، دخلوا بيوتهم، وأغلقوا أبوابهم، فجاءت الريح ففتحت أبوابهم، ومالت بالرمل، فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين ثم أمر الريح فسكنت عنهم الرمل، وأمرها فطرحتهم في البحر، فهو قوله تعالى: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم »
حكمــــــة
عن الشعبي، قال: « كانت الريح تمر بالمرأة في هودجها فتحملها، وبالإبل والغنم لهم فتحملها، وبالقوم منهم فتحملهم، فتطير بهم بين السماء والأرض، فتضرب بعضهم ببعض. وتمر بالعادي الواحد بين القوم، فتحمله من بينهم والناس ينظرون، لا تصيب إلا عاديا. يقول الله تعالى: وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية يعني باردة. في يوم نحس: يعني: مشؤوم »
حكمــــــة
عن ابن عباس، قال: أخذتهم الصيحة والصيحة: صاعقة، وكل عذاب الله فهو صاعقة، فاحترقوا جميعا، فأصبحوا في ديارهم جاثمين: قد صاروا رمادا، فهمدوا جثوما لا يتحركون، فشبههم بالرماد حتى صاروا رمادا. يقول الله تعالى: فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا يقول: بنعمة منا، وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها: يقول: لم يعمروا فيها.
حكمــــــة
عن ابن عباس، قال: « أغلق لوط على ضيفه الباب، قال: فجاءوا فكسروا الباب ودخلوا، فطمس جبريل عليه السلام أعينهم، فذهبت أبصارهم، فقالوا: يا لوط، جئتنا بالسحرة، وتوعدوه، فأوجس منهم خيفة قال: يذهب هؤلاء ويذروني، قال له جبريل: لا تخف ؛ إنا رسل ربك إن موعدهم الصبح، قال لوط: الساعة، قال جبريل: أليس الصبح بقريب؟ قال: الساعة. فرفعت حتى سمع أهل السماء نبح الكلاب، ثم أقلبت ورموا بالحجارة »
حكمــــــة
عن السدي « أن جبريل، فتق الأرض بجناحه، ثم حملها ومن فيها بجناحه، حتى أصعد بهم إلى السماء، فسمع أهل سماء الدنيا أصوات ديوكهم، وأصوات كلابهم، ثم قلبها، فجعل أعلاها أسفلها، وأسفلها أعلاها، فهوت، فذلك قوله: والمؤتفكة أهوى يقول: حين أهوى بها جبريل من السماء إلى الأرض، وتتبعوا فرموا بالحجارة من كان بينهم من شدادهم، كان الرجل منهم يكون في البلد من البلدان، فيأتيه الحجر حتى يقتله من بينهم، فذلك قوله تعالى: وأمطرنا عليها حجارة من سجيل. قال ابن عباس: سنك وكل، يقول: حجر وطين. منضود، قال: مختمة، وما هي من الظالمين ببعيد قال: من ظالمي العرب إن لم يؤمنوا بكلام محمد عليه السلام. قال: والتفتت امرأة لوط فأصابها حجر فقتلها »
حكمــــــة
« يذكر الناس ما تيب على ولد يعقوب، ولا يدرون ما لقوا وما مر بهم. مكث يعقوب عليه السلام يدعو عشرين سنة وولده خلفه قيام يدعون، حتى علموا دعوات، فدعا بهن يعقوب: يا رجاء المؤمنين لا تقطع رجائي، ويا غياث المستغيثين أغثني، ويا مانع المؤمنين امنعني، ويا حبيب التوابين تب علينا. فدعا بهن يعقوب في السحر فتيب عليهم »
حكمــــــة
عن السدي، قال: « أصحاب الأيكة، والأيكة: غيضة بعث الله عز وجل إليهم شعيبا، فكذبوه. فأخذهم عذاب يوم الظلة قال: فتح الله عز وجل عليهم بابا من أبواب جهنم، فغشيهم من حره ما لم يطيقوه، فتغوثوا بالماء... عليه، فبينا هم كذلك، إذ رفعت لهم سحابة فيها ريح باردة طيبة، فلما وجدوا بردها وطيبها تنادوا: عليكم بالظلة. فأتوها يتغوثون فيها، وخرجوا من كل شيء كانوا فيه، فلما تكاملوا تحتها أطبقت عليهم بالعذاب، فذلك قوله تعالى: فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم »