فوائد من كتاب الورع
عن عائشة قالت : إنكم لن تلقوا الله بشيء هو أفضل من قلة الذنوب . عن علي بن زيد قال خطبنا عمر بن عبد العزيز بخناصرة فقال : أرى أفضل العبادة اجتناب المحارم وأداء الفرائض .
قال الحسن : الخير في هذين الأخذ بما أمر الله والنهي عما نهى الله عنه . عن الحسن قال : ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه .
قال رجل لداود : أن أوصني قال لا يراك الله عندما نهاك الله عنه ولا يفقدك عندما أمرك به . عن الحسن : في قوله يؤتي الحكمة من يشاء قال الورع .
قال أبو قرة محمد بن ثابت عن بعض اصحابه قال : من كانت همته في أداء الفرائض لم يكن له في الدنيا لذة . عن خالد بن معدان قال : قيل له أتعرف النية قال ما أعرف النية ولكني أعرف الورع فمن كان ورعا كان تقيا .
عن معاوية بن قرة قال : دخلت على الحسن وهو متكئ على سريره فقلت يا أبا سعيد أي الأعمال أحب الى الله قال الصلاة في جوف الله والناس نيام قلت فأي الصوم أفضل قال في يوم صائف قلت فاي الرقاب أفضل قال أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا قلت فما تقول في الورع قال ذاك رأس الأمر كله .
عن أرطأة قال قال عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم : لو صليتم حتى تصيروا مثل الحنايا وصليتم حتى تكونوا أمثال الاوتاد وجرى من أعينكم الدموع أمثال الأنهار ما أدركتم ما عند الله إلا بورع صادق .
جاء رجل إلى العمري فقال عظني فأخذ حصاة من الأرض فقال زنة هذه من الورع يدخل قلبك خير لك من صلاة أهل الأرض قال زدني قال كما تحب أن يكون الله لك غدا فكن له اليوم .
قال بعض السلف : لترك دانق مما يكره الله أحب الي من خمس مائة حجة . عن الحسن قال : ما في الأرض شيء أحبه للناس من قيام الليل قال فقال أبو إياس فأين الورع قال به به ذلك ملاك الأمر .
عن الضحاك قال : أدركت الناس وهم يتعلمون الورع وهم اليوم يتعلمون الكلام . قال النضر بن محمد : نسك الرجل على قدر ورعه .
قالت امرأة من البصرة : حرام على قلب يدخله حب الدنيا أن يدخله الورع الخفي . قال صالح المري : كان يقال المتورع في الفتن كعبادة النبيين في الرخاء .
قيل لابن المبارك : أي شيء أفضل قال الورع قالوا ما الورع قال حتى تنزع عن مثل هذا وأخذ شيئا من الأرض .
عن خالد بن معدان قال : من لم يكن له حلم يضبط به جهله وورع يحجزه عما حرم الله عليه وحسن صحابة عن يصحبه فلا حاجة لله فيه .
عن إبراهيم بن الأشعث قال : سألت فضيل بن عياض فقلت أي الأعمال أفضل قال ما لا بد منه قلت أداء الفرائض واجتناب المحارم قال نعم أحسنت يا بخاري وهو الورع .
قال ابن إسحاق : ورأيت فضيل في النوم فقلت أوصني قال عليك بالفرائض فلم أر شيئا أفضل منها. عن هشام بن عروة قال : كان أبي يطول في الفريضة ويقول هي رأس المال .
عن معاوية بن قرة قال : تذاكروا عند الحسن أي الأعمال أفضل قال فكأنهم اتفقوا على قيام الليل قال فقلت أنا ترك المحارم قال فانتبه الحسن لها فقال تم الأمر تم الأمر .
عن الحسن قال : أفضل العبادة التفكر والورع . عن يحيى بن أبي كثير قال : يقول الناس فلان الناسك فلان الناسك إنما الناسك الورع .
عن أبي بن كعب قال : ما ترك عبد شيئا لا يتركه إلا لله إلا آتاه الله ما هو خير منه من حيث لا يحتسب ولا تهاون به فأخذه من حيث لا ينبغي له إلا أتاه الله بما هو أشد عليه .
قال عمر بن عبد العزيز : ما تركت من الدنيا شيئا إلا أعقبني الله عز و جل في قلبي ما هو أفضل منه يعني من الزهد وما أنعم الله في ديني أفضل .
قال الحسن : أدركت أقواما يدعون إلى الحلال وهم مجتهدون فيه فيدعونه يقولون نخشى أن يفسدنا حتى يموتوا جهدا . عن الحسن قال : لقيت أقواما كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم عليكم .
عن هشام قال : كنا قعودا ومعنا يونس بن عبيد وذكرنا شيئا فتذاكروا أشد الأعمال فاتفقوا على الورع فجاء حسان بن أبي سنان فقالوا قد جاء أبو عبد الله فجلس فأخبروه بذلك فقال حسان إن للصلاة لمؤنة وان للصيام لمؤنة وان للصدقة لمؤنة وهل الورع الا إذا رابك شيء تركته .
قال قال يونس بن عبيد أعجب شيء سمعت به في الدنيا ثلاث كلمات قول بن سيرين ما حسدت أحدا على شيء قط وقول مورق قد دعوت الله بحاجة منذ أربعين سنة فما قضاها لي فما يئست منها وقول حسان بن أبي سنان ما شيء هو أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه .
عن ميمون بن مهران قال : الذكر ذكران ذكر الله باللسان حسن وأفضل من ذلك أن يذكر الله العبد عند المعصية فيمسك عنها .
قال لقمان الحكيم حقيقة الورع العفاف . عن عبد الكريم الجزري قال : ما خاصم ورع قط يعني في الدين .
قال أبو يزيد الفيض : سألت موسى بن أعين عن قول الله إنما يتقبل الله من المتقين قال تنزهوا عن أشياء من الحلال مخافة أن يقعوا في الحرام فسماهم الله متقين .
عن داود بن هلال قال : كان يقال الذي يقيم به وجهه العبد عند الله التقوى ثم شعبة الورع . عن إبراهيم بن الأشعث قال : سألته يعني الفضيل عن الورع فقال اجتناب المحارم .
عن أبي جعفر المدايني قال : عملك ما وثقت أجره خير من تكلفك ما لا تأمن وزره الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكة .
عن عتبة بن ضمرة بن حبيب عن أبيه قال : لا يعجبكم كثرة صلاة امرئ ولا صيامه ولكن انظروا الى ورعه فإن كان ورعا مع ما رزقه الله من العبادة فهو عبد الله حقا . عن محمد بن المبارك الصوري قال : قلت لراهب ما علامة الورع قال الهرب من مواطن الشبهة .
عن حبان بن موسى قال سمعت عبد الله يقول : حفظ البصر أشد من حفظ اللسان . عن داود الطائي قال : كانوا يكرهون فضول النظر .
عن خالد بن أبي عمران قال : لا تتبعوا النظر النظر فربما نظر العبد النظرة ينغل منها قلبه كما ينغل الأديم في الدباغ ولا ينتفع به .
عن وكيع قال : خرجنا مع سفيان الثوري في يوم عيد فقال إن أول ما نبدأ به في يومنا غض أبصارنا . خرج حسان بن أبي سنان إلى العيد فقيل له لما رجع يا أبا عبد الله ما رأينا عيدا أكثر نساء منه قال ما تلقتني امرأة حتى رجعت.
خرج حسان بن أبي سنان يوم العيد فلما رجع قالت له امرأته كم من امرأة حسنة قد نظرت اليوم إليها فلما أكثرت عليه قال ويحك ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت حتى رجعت إليك .
عن عطارد عن بن عمر قال : من تضييع الأمانة النظر في الحجرات والدور . عن أنس قال : إذا مرت بك امرأة فغمض عينيك حتى تجاوزك .
قال سعيد بن المسيب في خلافة عبد الملك بن مروان : لا تملأوا أعينكم من أئمة الجور وأعوانهم إلا بالإنكار من قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة .
كان سفيان الثوري قاعد بالبصرة فقيل له هذا مساور بن سوار يمر وكان على شرطة محمد بن سليمان فوثب فدخل داره وقال أكره أن أرى من يعصي الله ولا أستطيع أن أغير عليه .
عن يحيى بن يمان قال كنت مع سفيان الثوري فرأى دارا فرفعت رأسي أنظر إليها فقال سفيان : لا تنظر إليها فإنما بنيت لكي ينظر إليها مثلك .
عن إسحاق بن سويد قال سمعت العلاء بن زياد يقول : لا تتبع بصرك حسن ردف المرأة فإن النظر يجعل الشهوة في القلب .
عن محمد بن المنكدر قال : إذا كان يوم القيامة نادى منادي أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن مجالس اللهو ومزامير الشيطان اسكنوهم بياض المسك ثم تقول الملائكة اسمعوهم تمجيدي وتحميدي .
عن عبده بن أبي لبابة قال : في الجنة شجر أثمارها الياقوت والزبرجد واللؤلؤ فيهب الله ريحا فتضطرب فما سمع صوت قط ألذ منه .
عن سعيد بن أبي سعيد الحارثي قال حدثت : أن في الجنة أجاما من قصب من ذهب حملها اللؤلؤ فإذا اشتهى أهل الجنة أن يسمعوا صوتا حسنا بعث الله على تلك الأجام ريحا فتأتيهم بكل صوت يشتهونه .
عن عبيد الله قال : كان القاضي إذا مات في بني إسرائيل جعل في أوج أربعين سنة فإن تغير منه شيء علموا أنه قد جار في حكمه فمات بعض قضاتهم فجعل في أوج عينها القيم يقوم عليه إذا أصابت المكنسة طرف أذنه فانفجرت صديدا فشق ذلك على بني إسرائيل فأوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن عبدي هذا لم يكن به بأس ولكنه استمع يوما في أحد أذنيه من الخصم أكثر مما استمع من الأخر فمن ثم فعلت به هذا .
عن الحسن قال : مر عيسى بن مريم عليه السلام مع أصحابه برائحة منتنة فوضع القوم أيديهم على أنفهم ولم يفعل ذلك عيسى ثم مروا برائحة طيبة فكشفوا أيديهم عن أنفهم ووضع عيسى يده على أنفه فقيل له في ذلك فقال ان الرائحة الطيبة نعمة فخفت أن لا أقوم بشكرها والرائحة المنتنة بلاء فأحببت الصبر على البلاء .
أتي عمر بن عبد العزيز رحمه الله بغنائم مسك فأخذ بأنفه فقالوا يا أمير المؤمنين تأخذ بأنفك لهذا قال إنما ينتفع من هذا بريحه فأكره أن أجد ريحه دون المسلمين .
عن أبي موسى الأشعري قال : لأن يمتلىء منخراي من ريح جيفة أحب الي من أن يمتلئا من ريح امرأة .
قال الحسن بن حي : فتشت الورع فلم أجده في شيء أقل منه في اللسان . قال الفضيل بن عياض : أشد الورع في اللسان .
قال يونس بن عبيد : إنك لتعرف ورع الرجل في كلامه . عن أبي حيان التيمي قال : كان يقال ينبغي للعاقل أن يكون أحفظ للسانه منه لموضع قدمه .
سمع مطرف بن عبد الله رجلا يقول لأخر فقال : دعك إذا ذكرت الله فانظر ماذا تصرف إليه . قال فضيل : كان بعض أصحابنا نحفظ كلامه من الجمعة الى الجمعة .
قال الحسن بن حي : إني لأعرف رجلا يعد كلامه فكانوا يرون أنه هو . عن أرطأة بن المنذر قال : تعلم رجل الصمت أربعين سنة بحصاة يضعها في فيه لا ينتزعها إلا عند طعام أو شراب أو نوم .
عن منصور عن إبراهيم : أن رجلا من العباد كلم امرأة فلم يزل حتى وضع يده على فخذها فذهب فوضع يده في النار نشت .
عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال : إني لأكره أن أمس فرجي بيميني وأنا لأرجو أن أخذ بها كتابي .
عن خالد بن معدان قال : إياكم والخطران فإن الرجل قد تنافق يده من سائر جسده . عن ابن عيينة قال : ما رئي علي بن الحسين قط إذا مشى يقول بيده هكذا كأنه خطر بهما .
عن الحسن بن علي : أنه كان إذا مشى لم تسبق يمينه شماله . عن منصور : أنه كان في الديوان وكان في الديوان دن فيه طين فقال له رجل ناولني طينا أختم به هذا الكتاب قال أعطني كتابك حتى أنظر ما فيه .
عن إسماعيل الأرقط عن رجل : صحبت الثوري إلى مكة قال فمررنا برجل في بعض المنعشيان في يوم شديد الحر عنده حباب يسقي الماء فاستظلنا بظله وشربنا من مائه فسأله سفيان عن أمره فقال إن هؤلاء القوم يجرون علي رزقا لهذا فقام سفيان فتنحى ثم تقيا حتى كادت نفسه تخرج ثم قعد في الشمس وامتنع أن يستظل قال فقلنا للجمال إرحل لا يموت الشيخ فرحلنا .
عن يحيى بن سعيد الأموي قال : زاملت أبا بكر بن عياش إلى مكة فكان من أورع من رأيت أهدي له رطب برني فقيل له بعد هذا من بستان خالد بن سلمة المخزومي المقبوض عنه فأتى إلى خالد بن سلمة واستحل منهم ونظر إلى قيمة الرطب فتصدق بها .
اشتهى وهيب بن الورد لبنا فجاءته به خالته من شاة لآل عيسى بن موسى فسألها عنه فأخبرته فأبى أن يأكله فقالت له كل فأبى فعاودته وقالت إني أرجو أن أكلته أن يغفر الله لك أي باتباع شهوتي فقال ما أحب أني أكلته وأن الله غفر لي قالت لم قال إني أكره أن أنال مغفرته بمعصيته.
قال وهيب : لو قمت مقام هذا السارية ما نفعك حتى تنظر ما تدخل بطنك حلال أم حرام . قال رجل لعيسى بن مريم : أوصني قال انظر خبزك من أين هو .
قال رجل لبشر بن الحارث : أوصني قال أخمل ذكرك وطيب مطعمك . عن عطاء بن مسلم قال : ضاعت نفقة إبراهيم بن أدهم بمكة فمكث يستف الرمل خمسة عشر يوما .
عن أبي الجحاف عن رجل من خثعم قال : دخلت على حسن وحسين وهما يأكلان خبزا وخلا وبقلا فقلت لهما أنتما ابنا أمير المؤمنين وأنتما تأكلان ما أرى وفي الرحبة ما فيها قالا ما أقل علمك بأمير المؤمنين إنما ذاك للمسلمين .
عن أبي صالح الحنفي قال : دخلت على أم كلثوم فقالت إئتوا أبا صالح بطعام فأتوني بمرقة فيها جنوب فقلت أتطعموني هذا وأنتم أمراء قالت كيف لو رأيت أمير المؤمنين عليا وأتي بأترج فأخذ الحسن أو الحسين منها أترجة لصبي لهم فانتزعها من يده وقسمها بين المسلمين .
عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري : أنه خرج إلى عمر فنزل عليه وكانت لعمر ناقة يحلبها فانطلق غلامه ذات يوم فسقاه لبنا فأنكره فقال ويحك من أين هذا اللبن فقال يا أمير المؤمنين إن الناقة انفلت عليها ولدها فشرب لبنها فحلبت لك ناقة من مال الله فقال له عمر ويحك سقيتني نارا ادع لي علي بن أبي طالب فدعاه فقال إن هذا عمد إلى ناقة من مال الله فسقاني لبنها أفتحله لي قال نعم يا أمير المؤمنين هو لك حلال ولحمها وأوشك أن يجيء من لا يرى لنا في هذا المال حق .
عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو قال : أول ما خلق الله من الإنسان فرجه ثم قال هذه أمانتي عندك لا تضعها إلا في حقها فالفرج أمانة والسمع أمانة والبصر أمانة .
قال علي بن أبي طالب : أهلك بن آدم الأجوفان الفرج والبطن . قال سفيان : لو أن رجلا لعب بغلام بين أصبعين من أصابع رجله يريد بذلك الشهوة لكان لواطا .
عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : كان من دعاء النبي داود صلى الله عليه و سلم اللهم يوم تراني أجاوز مجالس الذاكرين إلى مجالس المتكبرين فاكسر رجلي فإنها نعمة من بها علي.
قال عبد الملك بن مروان : ما مشيت بالقرآن إلى خزيه منذ قرأته . عن قتادة قال : كان المؤمن لا ير إلا في ثلاثة مواطن في مسجد يعمره أو بيت يستره أو حاجة لا بأس بها .
عن وهب بن منبه قال في حكمة آل داود : حق على العاقل أن لا ير طاعنا إلا في ثلاث زاد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم .
عن عاصم الأحول قال قال لي فضيل الرقاشي وأنا أسأله : يا هذا لا يشغلك كثرة الناس عن نفسك فإن الأمر يخلص إليك دونهم ولا تقل اذهب ها هنا وها هنا فينقطع عني النهار فإن الأمر محفوظ عليك ولم ير شيئا قط هو أحسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثه لذنب قديم .
عن أحمد بن حاتم الطويل قال بلغني : أن عروة بن الزبير قطعت رجله من الآكلة قال إن مما يطيب نفسي عنك أني لم أنقلك إلى معصية لله قط .
عن شبيل بن عوف قال : ما اغبرت رجلاي في طلب دنيا ولا فتحت رجلا في وجهة منذ علمت أني ولا جلست في مجلس إلا منتظرا لجنازة أو لحاجة لا بد منها .
عن كعب قال : اجتمع ثلاثة عباد من بني إسرائيل فقالوا تعالوا حتى يذكر كل إنسان منا أعظم ذنب عمله فقال أحدهم أما أنا فلا أذكر من ذنب أعظم من أني كنت مع صاحب لي فعرضت لنا شجرة فخرجت عليه ففزع مني فقال الله بيني وبينك وقال أحدهم كانت لي والدة فدعتني من قبل شمالة الريح فأجبتها فلم تسمع فجائتني مغضبة فجعلت ترميني بحجارة فأخذت عصا وجئت لأقعد بين يديها فتضربني لها حتى ترضى ففزعت مني فأصابت وجهها صخرة فشجتها فهذا أعظم ذنب عملته قط .
عن حميد الطويل قال : بينا عيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم يسيح في سفح الجبل إذا هو بجرذ يدخل جحرا له فقال لكل شيء مأوى وابن مريم ليس له مأوى فأوحى الله إليه يا عيسى اصعد الجبل ليخبره خطيئته فصعد الجبل فإذا هو برجل كأنه شن بالي فقال يا عبد الله منذ كم أنت على هذا الجبل قال منذ خمسين سنة لم استظل من حر ولا برد ولا من مطر قال يا عبد الله فما لك من عظم جرمك حتى صرت إلى هذا الجد قال قلت لشيء كان لم يكن فدخلت في علم الله فأخاف أن يعذبني .
كان يحيى بن زكريا لا يأكل شيئا مما في الناس مخافة أن يكون دخله ظلم إنما كان يأكل من نبات الأرض ويلبس من مسوك الطير وأنه لما حضرته الوفاة قال الله عز و جل لملك الموت اذهب إلى تلك الروح التي في ذلك الجسد الذي لم يعمل خطيئة ولم يهم بها فاقبضه .
عن العباس بن سهم : أن امرأة من الصالحات أتاها نعي زوجها وهي تعجن فرفعت يديها من العجين وقالت هذا طعام قد صار لنا فيه شريك .
كان وهيب بن الورد لا يصلي تحت الظلال في المسجد الحرام ويصلي في الصحن في الحر والبرد وكان له دلو صغير يستقي بها من زمزم وكان يقول لو كان لي جناحان لطرت يقول لا أدخل من أبواب المسجد وكان لا يمشي على عقبه منا ويمشي فوق الخيل .
عن علي بن بكار قال : قلت لإبراهيم بن أدهم لم لا تشرب من ماء زمزم قال لو كان لي دلو لشربت .
عن مارة بن زاذان قال قال لي كهمس أبو عبد الله : يا أبا سلمة أذنبت فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة قلت ما هو يا أبا عبد الله قال زارني أخ لي فاشتريت له سمكا مشويا بدانق فلما أكل قمت إلى حائط لجار لي من لبن فأخذت منه قطعة يغسل بها يده فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة
سقط من يد كهمس دينار قال فقام يطلبه قيل ما تطلب يا أبا عبد الله قال دينار سقط مني فأخذوا غربالا فغربلوا التراب فوجدوا دينار فأبى أن يأخذه وقال لعله ليس ديناري .
عن العباس العنبري قال سمعت أبا الوليد يقول : ما سمعت عثمان بن زائدة تكلم بكلمة قط لا يستثني فيها وكان يقول يا أبا الوليد إن حدث أبا الوليد وكان يكلمني نهارا طويلا ثم يقول كلما جري بيني وبينك فهو إن كان كذاك إن شاء الله .
كان زاذان إذا عرض الثوب ناول ثمن الطرفين . جاء مجمع التيمي بشاة يبيعها فقال إني أحسب أو أظن في لبنها ملوحة .
عن سكن الخرشي قال : جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال بعها وابرأ من أنها تقلب المعلف وتنزع الوتد ولا تبرأ بعد ما تبيع بين قبل أن تبيع .
كان عمرو بن قيس إذا باع الثوب يعني المقطوع قال أبرا إليك من العرض في الطول ومن الطول في العرض وما أفسد الحائك والعقد .
عن شجاع بن الوليد قال : رأيت هلال الصيرفي قد اتخذ حبات من حديد ثماني حبات على قدر الدانق .
كتب غلام لحسان بن أبي سنان إليه من الأهواز أن قصب السكر أصابته آقة فاشتر السكر فيما قبلك قال فاشتراه من رجل قلم يأت عليه إلا قليل فإذا فيما اشترى ربح ثلاثين ألفا فأتى صاحب السكر فقال يا هذا إن غلامي كان كتب إلي ولم أعلمك فأقلني فيما اشتريت منك فقال الآخر فقد أعلمتني الآن وطيبته لك قال فرجع فلم يحتمل قلبه قال فأتاه فقال يا هذا إني لم آت هذا الأمر من قبل وجهه فأحب أن يسترد هذا البيع قال فما زال به حتى رد عليه .
عن ابن عون : أنه قال لرجل إني سأحسن إليك فأتاه متاع من موضع فدعا الرجل فقال له ضع عليه صنفا صنفا ما أردت ففعل الرجل فقال له بن عون إن دفعته إليك بما وضعت أتراني أحسنت قال نعم قال هو لك ثم قال لا أدري أبلغت مبلغ الإحسان أم لا .
كان محمد بن واسع يبيع حمارا بسوق بلخ فقال له رجل أترضاه لي قال لو رضيته لم أبعه . قال يحيى بن أبي كثير : لا يحسن ورع امرئ حتى يشفى على طمع يقدر عليه فيتركه لله . ترك محمد بن سيرين أربعين ألفا فيما لا ترون به اليوم بأسا .
عن بن طاوس عن أبيه قال : مثل الإسلام كمثل شجرة فأصلها الشهادة وساقها كذا وكذا وورقها كذا شيء سماه وثمرها الورع لا خير في شجرة لا ثمر لها ولا خير في إنسان لا ورع له .
قال عمر بن الخطاب لجلسائه ما الذي نقيم به وجوهنا عند الله يوم القيامة فقال بعض القوم الصلاة فقال عمر قد يصلي البر والفاجر قالوا الصيام قال عمر قد يصوم البر والفاجر قالوا الصدقة قال عمر قد يتصدق البر والفاجر قالوا الحج قال عمر قد يحج البر والفاجر قال عمر الذي نقيم به وجوهنا عند الله أداء ما افترض علينا وتحريم ما حرم علينا وحسن النية فيما عند الله .
عن أبي بكر الهذلي أن سليمان بن عبد الملك قال لأبي حازم : أي الأعمال أفضل قال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم . عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال : كنا نحدث أن صاحب النار الذي لا يمنعه مخافة الله من شيء خفي له.
عن معاوية بن قرة قال : كان لأبي الدرداء جمل يقال له الدمون فكان إذا استعاره منه رجل قال لا تحمل عليه إلا طاقته فلما كان عند الموت قال يا دمون لا تخاصمني عند ربي فإني لم أكن أحمل عليك إلا ما كنت تطيق .