فوائد من كتاب الصمت 2
عن موسى بن عقيل : أن الأحنف بن قيس رحمه الله كان يقول : من كثير كلامه وضحكه ومزاحه قلت هيبته ومن أكثر من شيء عرف به .
قال جعفر بن عون : سمعت مسعر بن كدام رحمه الله يقول لا بنه : ( أني نحلتك يا كدام نصحيتي ... فاسمع لقول أب عليك شفيق ) ( أما المزاحة والمراء فدعهما ... خلقان لا أرضاهما لصديق ) ( إني بلوتهما فلم أحمدهما ... لمجاور جارا ولا لرفيق ) ( والجهل يزري بالفتى في قومه ... وعروقه في الناس أي عروق )
عن الأحنف بن قيس قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من مزح استخف به . قال ابن عمر رضي الله عنهما : لا يبلغ رجل حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وهو محق والكذب في المزاح .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : اتقوا الله وإياي والمزاحة فإنها تورث الضغينة وتجر القبيحة تحدثوا بالقرآن وتجالسوا به فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال .
قال سعيد بن العاص لابنه : يا بني لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا تمازح الدني فيجترئ عليك . قال خالد بن صفوان رحمه الله : المزاح سباب النوكى قال وكان يقال : لكل شيء بذر وبذر العداوة المزاح .
عن الليث بن سعد : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : هل تدرون لم سمي المزاح ؟ قالوا : لا قال : لأنه زاح عن الحق .
عن الحسن بن حيي رحمه الله قال : المزاح استدراج من الشيطان واختداع من الهوى . قال الحسين بن عبد الرحمن رحمه الله : كان يقال : المزاح مسلبة للبهاء مقطعة للصداقة .
عن الحسن قال : إن من الخيانة أن تحدث بسر أخيك . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : : ( ولا تفش سرك إلا إليك ... فإن لكل نصيح نصيحا ) ( فإني رأيت غواة الرجا ... ل لا يتركون أديما صحيحا ) .
قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : ما وضعت سري عند أحد أفشاه علي فلمته إنما كنت أضيق به حيث استودعته إياه .
أسر معاوية رضي الله عنه إلى الوليد بن عتبة حديثا فقال لأبيه : يا أبت إن أمير المؤمنين أسر إلي حديثا وما أراه يطوي عنك ما بسطه إلى غيرك ؟ قال : فلا تحدثني به فإن من كتم سره كان الخيار له ومن أفشاه كان الخيار عليه قال : قلت : يا أبت وإن هذا ليدخل بين الرجل وبين أبيه ؟ قال : لا والله يا بني ولكن أحب أن لا تذلل لسانك بأحاديث السر فأتيت معاوية رضي الله عنه فحدثته فقال : يا وليد أعتقك أخي من رق الخطأ .
عن ثابت البناني قال : قال شداد بن أوس لغلامه إيتينا بسفرتنا فنعبث ببعض ما فيها فقال له رجل من أصحابه : ما سمعت منك كلمة منذ صاحبتك أرى أن يكون فيها شيء من هذه ؟ قال : صدقت ما تكلمت بكلمة مذ بايعت رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أزمها وأخطمها إلا هذه وأيم الله لا تذهب مني هكذا فجعل يسبح ويكبر ويحمد الله عز و جل .
عن بكر بن ماعز عن الربيع بن خيثم رضي الله عنه قال : يا بكر بن ماعز : اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك . عن إبراهيم التيمي قال : أخبرني من صحب الربيع بن خيثم عشرين سنة فلم يتكلم بكلام لا يصعد .
عن العوام بن حوشب قال : ما رأيت إبراهيم التيمي رافعا رأسه إلى السماء في الصلاة ولا في غيرها ولا سمعته قط يخوض في شيء من أمر الدنيا .
قال أبو حيان التيمي عن أبيه : قال رأيت ابنة الربيع بن خيثم أتته فقالت : يا أبتاه أذهب ألعب ؟ قال : يا بنيتي : اذهبي قولي خيرا .
عن صدقة ابن عبد ربه قال : لما كبر آدم صلى الله عليه و سلم جعل بنو بنيه يعبثون به فيقول له آباؤهم : ألا تنهاهم فيقول : يا بني إني رأيت مالم تروا وسمعت ما لم تسمعوا رأيت الجنة وسمعت كلام ربي [ وقال لي ] حين أخرجني منها : إن أنت حفظت لسانك أعدتك إليها .
عن الأوزاعي عن يحيى رحمه الله قال : أثنى رجل على رجل فقال له بعض السلف : وما علمك به ؟ قال : رأيته يتحفظ في منطقه .
عن أبي عبيد قال : ما رأيت رجلا قط أشد تحفظا في منطقه من عمر بن عبد العزيز . عن إبراهيم التيمي رحمه الله : قال : المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر فإن كان كلامه له تكلم وإن كان عليه أمسك عنه والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا .
عن أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال : كنا عند عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال رجل لرجل : تحت أبطك فقال عمر رضي الله عنه وما على أحدكم أن يتكلم بأجمل ما يقدر عليه ؟ قالوا : وما ذاك ؟ قال : لو قال : تحت يديك كان أجمل .
عن الحسن قال : كانوا يقولون : لسان الحكيم من وراء قلبه فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه فإن كان له قال وإن كان عليه أمسك وإن الجاهل قلبه على طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه ما جرى على لسانه تكلم به .
قال أبو حازم لبعض أولئك الأمراء : والله لولا تبعة لساني لأشفيت منكم اليوم صدري . قال ميمون بن سياه : ما تكلمت بكلمة منذ عشرين سنة لم أتدبرها قبل أن أتكلم بها إلا ندمت عليها إلا ما كان من ذكر الله .
عن كعب قال : قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه رعة حسنة وقلة وزر وخفة من الذنوب . عن مرزوق الموصلي قال : قال لي خليد بن دعلج : دع من الكلام ما لك منه بد فعسى إن فعلت ذلك تسلم ولا أراك .
عن الصلت بن بسطام التيمي قال : قال لي أبي : الزم عبد الملك بن أبجر فتعلم من توقيه في الكلام فما أعلم بالكوفة أشد تحفظا للسانه منه .
قال أنس بن مالك رضي الله عنه لرجل وبعثه في حاجة : إياك وكل أمر تريد أن تعتذر منه وإذا أردت أن تتكلم بكلام فانظر فيه قبل أن تتكلم به فإن كان لك فتكلم به وإن كان عليك فالصمت عنه خير لك .
عن عبيد الله بن محمد قال : قال لنا صالح المري : اتقوا الله ودعوا من الكلام ما يوتغ دينكم . عن سفيان قال : كان يقال : طول الصمت مفتاح العبادة .
عن يحيى بن بسطام قال : قلت لجار لضغيم : سمعت ابا مالك يذكر من الشعر شيئا ؟ قال : ما سمعته يذكر إلا بيتا واحدا : قلت ما هو ؟ قال : ( قد يخزن الورع التقى لسانه ... حذر الكلام وإنه لمفوه )
عن ارطاة بن المنذر قال : تعلم رجل الصمت أربعين سنة بحصاة يضعها في فيه لا ينزعها إلا عند طعام أو شراب أو نوم .
قال العلاء بن زياد يحدث : أن عمر رضي الله عنه كان في مسير فتغنى فقال : هلا زجرتموني إذا لغوت .
عن مطرف بن الشخير قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما للسانه : ويحك قل خيرا تغنم وإلا فأعلم أنك ستندم قال : فقيل له : أتقول هذا قال : بلغني أن الإنسان ليس هو يوم القيامة أشد منه على لسانه إلا أن يكون قال خيرا فغنم أو سكت فسلم .
قال سعد بن عامر : عرض على عمرو بن عبيد طيلسان فقال : ما ثوب بأجود منه فعيب به خمسين سنة كانوا يقولون : إن عمرا لا يحفظ لسانه .
عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط : سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم بسنة فقال : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عام أول مقامي هذا ثم بكى أبو بكر ثم قال : عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار .
عن مرة الهمداني قال : كان عبد الله رضي الله عنه يقول : عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا ويثبت البر في قلبه فلا يكون للفجور موضع إبرة يستقر فيها .
قال أسعد بن عبيد الله المخزومي : أمرني عبد الملك بن مروان : أن أعلم بنية الصدق كما أعلمهم القرآن . عن علي رضي الله عنه قال : زين الحديث الصدق .
قال أبو مجلز : قال رجل لقومه : عليكم بالصدق فإنه نجاة . عن الحسن بن عبيد الله قال : قلت لإبراهيم : الرجل يواعد الرجل الميعاد ولا يجيء ؟ قال : لينتظر ما بينه وبين أن يدخل وقت الصلاة التي تجيء .
عن أبي حصين : أن رجلا أتى ابن مسعود رضي الله عنه فقال : علمني كلمات نوافع جوامع ؟ فقال : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتزول مع القرآن أين ما زال ومن جاءك بالصدق من صغير أو كبير وإن كان بعيدا بغيضا فاقبله منه ومن أتاك بكذب من صغير أو كبير وإن كان حبيبا قريبا فاردده عليه .
قال أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة : كان يقال : إن ربعي بن حراش رضى الله عنه لم يكذب كذبا قط فأقبل ابناه من خراسان قد تأجلا فجاء العريف إلى الحجاج فقال : أيها الأمير إن الناس يزعمون أن ربعي بن حراش لم يكذب قط وقد قام ابناه من خراسان وهما عاصيان فقال الحجاج : علي به فما جاء قال : أيها الشيخ ! قال ما تشاء ؟ قال : ما فعل ابناك ؟ قال : المستعان الله خلفتهما في البيت قال : لا جرم والله لا أسوؤك فيهما هما لك .
لما حضرت عبد الله بن عمرو الوفاة رضي الله عنه قال : إنه كان خطب إلي ابنتي رجل من قريش وقد كان مني إليه شبيه بالوعد فو الله لا ألقى الله بثلث النفاق اشهدوا أني قد زوجتها إياه .
عن يزيد الرقاشي رحمه الله : إن إسماعيل نبي الله عليه السلام وعد رجلا ميعادا فجلس له إسماعيل عليه السلام اثنين وعشرين يوما مكانه لا يبرح لميعاده ولهى الآخر عن ذلك حتى جاء بعد ذلك .
عن عبد ربه القصاب قال : واعدت محمد بن سيرين رحمه الله أن أشتري له أضاحي فنسيت وعده بشغل ثم ذكرت بعد فأتيته قريبا من نصف النهار وإذا محمد ينتظرني فسلمت عليه ورفع رأسه فقال : أما إنه قد يقبل أهون ذنب منك فقلت : شغلت وعنفني أصحابي في المجيء إليك وقالوا : قد ذهب ولم يقعد إلى الساعة فقال : لو لم تجيء حتى تغرب الشمس ما قمت من مقعدي هذا إلا للصلاة أو حاجة لابد منها .
عن شعبة رحمه الله قال : ما واعدت أيوب موعدا قط إلا قال لي حين يريد أن يفارقني : ليس بيني وبينك موعد فإذا جئت وجدته قد سبقني .
قال أبو عوانة : كان رقبة رحمه الله يعدنا في الحديث ثم يقول : ليس بيني وبينكم موعد نأثم من تركه فيسبقنا إليه .
عن أبي إسحاق قال : كان أصحاب عبد الله رضي الله عنه يقولون : إذا وعد فقال : إن شاء الله فلم يخلف .
قال عوف بن النعمان في الجاهلية الجهلاء : لأن أموت قائما عطشا أحب إلي من أكون مخلافا لموعد .
عن أوسط بن إسماعيل بن أوسط : سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم بسنة قال : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عام أول مقامي هذا ثم بكى ثم قال : إياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار .
عن قيس بن أبي حازم أنه سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول : أيها الناس إياكم والكذب فإنه مجانب الإيمان . قال عمر بن عبد العزيز : ما كذبت كذبة منذ شددت علي إزاري .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما كان من خلق أشد عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يطلع على على الرجل من أصحابه على الكذب فما ينحل من صدره حتى يعلم أنه قد أحدث لله منها توبة .
عن علي رضي الله عنه قال : أعظم الخطايا عند الله : اللسان الكذوب وشر الندامة : ندامة يوم القيامة . عن الحسن رضي الله عنه قال : يعد من النفاق : اختلاف القول والعمل واختلاف السر والعلانية والمدخل والمخرج واصل النفاق والذي بني عليه النفاق : الكذب.
قال إياس بن معاوية رحمه الله : إن الكذب عندي من يكذب فيما لا يضره ولا ينفعه فأما رجل كذب كذبة يرد عن نفسه بها بلية أويجر إلى نفسه بها معروفا فليس عندي بكذاب .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أحبكم إلينا مالم نركم أحسنكم اسما فإذا رايناكم فأحبكم إلينا أحسنكم خلقا فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة .
عن هزيل بن شرحبيل رحمة الله قال : قال موسى عليه السلام : رب أي عبادك خير عملا ؟ قال : من لا يكذب لسانه ولا يفجر قلبه ولا يزني فرجه .
عن أبى مروان البزاز قال : جاءنا سالم يطلب ثوبا سباعيا فنشرت عليه ثوبا سباعيا فذرعه فإذا هو أقل من سباعي فقال أليس قلت : سباعي ؟ قلت : كذلك نسميها قال : كذلك يكون الكذب .
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في خطبته : ليس فيما دون الصدق من الحديث خير من يكذب يفجر ومن يفجر يهلك .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تجد المؤمن كذابا . عن سعد رضي الله عنه قال : كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب .
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إن المبارز لله تعالى بالمعصية كمن حلف بإسمه كاذبا وإن الكذبة لتفطر الصائم . عن إبراهيم رحمه الله : قال : كانوا يقولون : إن الكذب يفطر الصائم .
بعث طاغية الروم إلى معاوية يعرض عليه الجزية ؟ فقال له الرومي : يا معاوية لا تماكرني فإنك لا تجد مكرا إلا ومعه كذب .
قال مطرف بن طريف : ما أحب أني كذبت وأن لي الدنيا وما فيها قال سفيان : تفسيره : ما أحب أني ذهبت أتعرض لغضب الله ثم لا أدري يتوب علي أو لا يتوب .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا خير فيما دون الصدق من الحديث من يكذب يفجر ومن يفجر يهلك قد أفلح من حفظ من ثلاث : الطمع والهوى والغضب.
قال مالك بن دينار رحمه الله : قرأت في بعض الكتب : ما من خطيب يخطب إلاعرضت خطبته على عمله فإن كان صادقا صدق وإن كان كاذبا قرضت شفتاه بمقراضين من نار كلما قرضتا نبتتا .
عن ميمون بن مهران قال وعنده رجل من قراء أهل الشام : إن الكذب في بعض المواطن خير من الصدق ! ! فقال الشامي : لا الصدق في كل موطن خير قال : أرأيت لو رأيت رجلا يسعى وآخر يتبعه بالسيف فدخل دارا فانتهى إليك فقال : رأيت الرجل ؟ ما كنت قائلا ؟ قال : كنت أقول : لا قال : فهو ذاك .
عن أبي الدهقان قال : صحب الأحنف ابن قيس رحمه الله رجل فقال : الا تميل فنحملك ونفعل ؟ قال : لعلك من العراضين ؟ قال : وما العراضون ؟ قال : الذين يحبون أن يحمدوا ولا يفعلوا قال : يا ابا بحر ما عرضت عليك حتى قال : يا ابن أخي إذا عرض لك الحق فاقصد له واله عما سوى ذلك .
عن عيسى بن كثير الاسدي الرقي قال : مشيت مع ميمون بن مهران حتى أتى باب داره ومعه ابنه عمرو فلما أردت أن انصرف قال له عمرو : يا أبت ألا تعرض عليه العشاء ؟ قال : ليس ذلك من نيتي .
عن ابن عون قال : اعتذر رجل عند إبراهيم فقال : قد عذرناك غير معتذر إن الاعتذار يخالطه الكذب . عن مطرف قال : المعاذر مفاجر .
عن الليث بن سعد قال : كانت ترمص عينا سعيد بن المسيب حتى يبلغ الرمص خارج عينيه وصف يحيى بيده إلى المحاجر فيقال له : لو مسحت هذا الرمص فيقول : فأين قولي للطبيب وهو يقول لي : لا تمس عينك فأقول : لا أفعل .
قال سمرة بن جندب : لأن أقول : لا أحب إلي من أن أقول : نعم ثم لا أفعل . قال مالك بن دينار رحمه الله : الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما صاحبه .
قال الشعبي يتمثل : ( أنت الفتى كل الفتى ... إن كنت تصدق ما تقول ) ( لا خير في كذب الجواد ... وحبذا صدق البخيل )
قال يزيد بن ميسرة : الكذب يسقي باب كل شر كما يسقي الماء أصول الشجر . عن الحسن قال : الكذب جماع النفاق .
ن مجاهد رحمه الله في قوله تعالى : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } قال : رجلان خرجا على ملإ قعود فقالا : والله لئن رزقنا الله من فضله لنصدقن فلما رزقهم بخلوا به .
عن عبد الرحمن بن يزيد قال : قال عبد الله رضي الله عنه : اعتبروا المنافق بثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر ثم قرأ { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } الآية [ سورة التوبة : 75 ] .
عن سعيد عن قتادة رضي الله عنه في قوله عز و جل : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين } قال : ذكر لنا أن رجلا من الأنصار أتى على مجلس للأنصار فقال : لئن أتاه الله مالا ليؤتين كل ذي حق حقه فآتاه الله مالا فصنع ما فيه ما يسمعون { لئن آتانا من فضله } إلى قوله : { وبما كانوا يكذبون } .
قال أبو الأحوص يحدث : أن عبد الله رضي الله عنه كان يقول : إن محمدا صلى الله عليه و سلم كان يقول : ألا أنبئكم بالعضه : وهي النميمة القالة بين الناس و إن شر الروايا روايا الكذب وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ولا يعد أحدكم صبيا ولا ينجز له .
عن شقيق بن سلمة قال : قال أخي عبد الرحمن بن سلمة : ماكذبت منذ أسلمت إلا أن الرجل ليدعوني إلى طعامه فأقول : ما أشتهيه فعسى أن يكتب .
قال الأحنف بن قيس ما كذبت منذ أسلمت إلا مرة واحدة فإن عمر سألني عن ثوب : بكم أخذته ؟ فأسقطت ثلثي الثمن .
قال إسماعيل بن عبد الله المخزومي : أمرني عبد الملك بن مروان أن أجنب بنيه الكذب وإن كان فيه يعني : القتل .
عن الماجشون قال : كلم عمر بن عبد العزيز الوليد في شيء فقال له : كذبت فقال له عمر : ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين صاحبه .
عن داود العطار قال : أقفل : قتيبة بن مسلم بكر بن ماعز من خراسان فصحبه رجل فقال له : يا بكر كذبت قط ؟ فسكت عنه ثم قال : يا بكر كذبت قط ؟ فسكت عنه ثم قال : يا بكر : كذبت قط ؟ فسكت عنه حتى انتهى إلى حمام عمر أو حمام أعين فقال : يا بكر كذبت قط ؟ فقال : إنك قد أكثرت علي وإني لم أكذب قط إلا كذبة واحدة فإن قتيبة أخذنا بالسلاح فاستعرت رمحا فلما مررت به قال : يا بكر هذا السلاح لك ؟ قلت : نعم وكان الرمح ليس لي .
عن جواب التيمي قال : جاءت أخت الربيع بن خيثم عائدة إلى بني له فانكبت عليه فقالت : كيف أنت يا بني ؟ فجلس ربيع فقال : ارضعتيه ؟ قالت : لا قال : ما عليك لو قلت : يا ابن أخي فصدقت ؟ !
عن محارب بن دثار : أن امرأة قالت لشتير بن شكل : يا بني قال : كذبت لم تلدني . عن مسروق : أنه رخص في الكذب في إصلاح بين الناس ؟ فقال : ما كانوا يرخصون في الكذب في جد ولا هزل . قال ابن عون : فغزوت فخطبنا معاوية بن هشام فقال : اللهم انصرنا على عمورية وهو يريد غيرها فلما قدمت ذكرت ذلك لمحمد فقال : أما هذا فلا بأس به .
عن ميمون بن أبي شبيب قال : قعدت أكتب كتابا فمررت بحرف إن أن أنا كتبته زينت الكتاب وكنت قد كذبت فعزمت على تركه فناداني مناد من جانب البيت : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } [ سورة إبراهيم : 27 ] فقال : وتهيأت للجمعة في زمن الحجاج فجعلت أقول : أذهب لا أذهب فناداني مناد من جانب البيت : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } [ سورة الجمعة : 9 ] قال : فذهبت .
عن عون بن عبد الله قال : كساني أبي حلة فخرجت فيها فقال لي أصحابي : كساك هذه الأمير ؟ فأحببت أن يروا أن الأمير كسانيها فقلت : جزى الله الأمير خيرا كسا الله الأمير من كسوة الجنة فذكرت ذلك لأبي فقال : يا بني لا تكذب ولا تشبه بالكذب .
قالت أم سهل بن علي له يوما : يا بني رد نصف هذا الباب فجاء بخيط فجعل يقدر ! ! . عن الحسن قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : إياك والكذب فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يقلاه صاحبه .
عن الشعبي قال : ما أدري أيهما أبعد غورا في النار الكذب أو البخل . عن الشعبي قال : من كذب فهو منافق .
عن أبي الأحوص عن عبدالله رضي الله عنه أنه قال : ألا إن شر الروايا روايا الكذب ألا وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ولا أن يعد الرجل ولده شيئا ولا ينجزه ألا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ألا وإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإنه يقال للصادق : صدق وبر ويقال للكاذب : كذب وفجر ألا وإن محمدا صلى الله عليه و سلم حدثنا : إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا .
عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه قال : والذي نفسي بيده ما أحل الله الكذب في جد ولا هزل قط ولا أن يعد الرجل صبيه لا ينجزه له اقرءوا إن شئتم { اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } [ سورة التوبة : 119 ] .
قال الأعمش : لقد أدركت قوما لو لم يتركوا الكذب إلا حياء لتركوه . قال ابن السماك : ما أراني أوجر على تركي الكذب لأني إنما أدعه أنفقه .
قال ابن المبارك : أول عقوبة الكاذب من كذبه أن يرد عليه صدقه . قال ابو بكر بن عياش رحمه الله : إذا كذبني الرجل كذبة لم أقبل منه بعدها .
عن رافع بن أشرس قال : قلت لخالد بن صبيح : أرأيت من يكذب الكذبة هل يسمى فاسقا ؟ قال : نعم وحدثني عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كل الخلال يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب .
عن مسروق رحمه الله قال : ليس شيء أعظم عند الله من الكذب . قال لقمان عليه السلام لابنه : يا بني من ساء خلقه عذب نفسه ومن كذب ذهب جماله .
قال عبد الله بن أبي زكريا الدمشقي : عالجت الصمت عما لا يعنيني عشرين سنة قل أن أقدر منه على ما أريد قال : وكان لا يدع يغتاب في مجلسه أحد يقول : إن ذكرتم الله أعناكم وإن ذكرتم الناس تركناكم .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أربع لا يصبن إلا بعجب : الصمت وهو أول العبادة والتواضع وذكر الله وقلة الشيء .
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنه كان يقول : من لم ير ان كلامه من عمله وأن خلقه من دينه هلك وهو لا يشعر .
قال وهيب بن الورد رحمه الله : من عد كلامه من عمله قل كلامه . عن الحسن قال : ماعقل دينه من لم يحفظ لسانه .
عن عبد الملك بن شريح قال : لو أن عبدا اختار لنفسه ما اختار شيئا أفضل من الصمت . عن عياض بن عبد الله الفهري قال : إن الرجل ليطغى في كلامه كما يطغى في ماله
قال محمد بن عجلان : إنما الكلام أربعة : أن تذكر الله وأن تقرأ القرآن وتسأل عن علم فتخبر به أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك .
قال ربيط بن إسرائيل : زين المرأة الحياء وزين الحكيم الصمت . عن عبد الله بن حبيب رحمه الله : أن داود النبي عليه السلام قال : رب الكلام قد ندمت عليه ولم أندم على صمت قط .
عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال : خصلتان إذا رأيتهما في الرجل فاعلم أن ما وراءهما خير منهما : إن كان حابسا للسانه يحافظ على صلاته .
عن عبد الله بن أبي زكريا قال : عالجت السكوت عشرين سنة فلما بلغت منه ما أردت . واذا كان في مجلس فخاض جلساؤه في غير ذكر الله فكأنه ساه وإذا اخذوا في ذكر الله كان أشد القوم استماعا إليه .
كان عبد الله بن أبي زكريا : لا يكاد أن يتكلم حتى يسأل وكان من أبش الناس وأكثرهم تبسما . عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله قال : إذا تلكم الحدث عندنا في الحلقة أيسنا من خيره .
عن أبي سلمة الصنعاني رحمه الله أن كعبا كان يقول : قلة المنطق حكم عظيم معنى فعليكم بالصمت فإنه رعة حسنة وقلة وزر وخفة من الذنوب .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان أبغض الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الألد الخصم .
عن مطرف بن الشخير قال : من صفا عمله صفا لسانه ومن خلط خلط له . عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ما لعن الأرض أحد إلا قالت : لعن ؤالله أعصانا الله عزوجل .
عن عبد الله بن أبي زكريا قال : سمعته يقول : عالجت الصمت عشرين سنة فلم أقدر منه على ما أريد وكان لا يدع يغتاب في مجلسه أحدا يقول : إن ذكرتم الله أعناكم وإن ذكرتم الناس تركناكم .
عن ابن شوذب قال : دخل رجل على عمر بن عبد العزيز : فجعل يشكو إليه رجلا ظلمه ويقع فيه فقال له عمر : إنك أن تلقى الله ومظلمتك كما هي خير لك من أن تلقاه وقد انتقصتها .
عن مخلد قال بعض أصحابنا : ذكرت يوما عند الحسن بن ذكوان رجلا بشيء فقال : مه لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك .
جاء رجل إلى أبان بن أبي عياش فقال : إن فلانا يقع فيك قال : أقرئه السلام وأعلمه أنه قد هيجني على الاستغفار .
كان عمر بن عبد العزيز يتحفظ في منطقه لا يتكلم بشيء من الخنا فخرج به خراج في إبطه فقالوا : أي شيء عسى أن يقول الآن ؟ قالوا : يا أبا حفص أين خرج منك هذا الخراج ؟ قال : في باطن يدي .
عن مخلد قال : كان رجل من بني إسرائيل كثير الصمت فبعث إليه ملكهم فسأله فلم يكلمه فبعث به معهم إلى الصيد فقال : لعله يرى شيئا فيتكلم فخرجوا به فرأوا صيدأ فصاح فسرحوا عليه ظربان فأخذه فقال الرجل السكوت : لكل شيء جيد حتى للطير ! ! .
قال المقداد الأسود رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا رأينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب .
مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه والجارود معه فسمع قائلا يقول : هذا سيد ربيعة فعلاه بالدرة فقال : أما إنك قد سمعتها ! ! .
عن عطاء السليمي قال سمعت جعفر بن زيد العبدي يذكر أن رجلا مر بمجلس فأثنى عليه خيرا فلما جاوزهم قال : اللهم إن هؤلاء لم يعرفوني وأنت تعرفني .
عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : أثنى رجل على رجل من المصلين في وجهه فقال : اللهم إن عبدك تقرب إلي بمقتك وأنا أشهدك على مقته
عن خالد بن معدان قال : من مدح إماما أو أحدا بما ليس فيه على رؤوس الأشهاد بعثه الله يوم القيامة يتعثر بلسانه .
عن الحسن قال : من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله . عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : المدح ذبح ! ! .
سمع عمر بن الخطاب رضي الله رجلا يثني على رجل فقال : أسافرت معه ؟ قال : لا قال : أخالطته ؟ قال : لا قال : والله الذي لا آله غيره ما تعرفه .
قال سفيان بن عينية رحمه الله : ليس يضر المدح من عرف نفسه . قال وهب بن منبه رحمه الله : إذا مدحك الرجل بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك .
عن الحسن : أن رجلا أثنى على عمر رضي الله عنه فقال : تهلكني وتهلك نفسك . عن ابي البختري قال : أثنى رجل على علي رضي الله عنه في وجهه وقع كان بلغه أن يقع فيه فقال له علي : أنا دون ما قلت وفوق ما في نفسك.
قال علي رضي الله عنه : وار شخصك لا تذكر واصمت تسلم . عن عنبس بن عقبة عن عبد الله رضي الله عنه قال : والذي لا آله غيره ما على الأرض شيء أفقر إلى طول سجن من لسان .
عن ميمون بن مهران قال : جاء رجل إلى سلمان رضي الله عنه فقال : يا أبا عبد الله أوصني ؟ قال : لا تكلم ؟ ! ! قال : ما يستطيع من عاش في النار أن لا يتكلم قال : فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت قال : زدني ؟ قال : لا تغضب قال : أمرتني ألا أغضب وأنه ليغشاني ما لا أملك ؟ قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك قال : زدني ؟ قال : لا تلابس الناس قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم قال : فإن لابستهم فاصدق الحديث وأد الأمانة .