التأمل في القرآن الكريم :
التأمل في القرآن الكريم :
مدارج السالكين
التأمل في القرآن الكريم :
التأمُّل في القرآن هو تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبُّره وتعقُّله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا تفهُّم ولا تدبُّر، قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبُّر القرآن وإطالة التأمُّل له، وجمع الفكر على معاني آياته، فإنها تُطلِع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما، وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما. وتتُلُّ في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبيت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنياته، وتوطد أركانه، وتُريه صورة الدنيا والآخرة، والجنة والنار في قلبه، وتُحضره بين الأمم، وتُريه أيام الله فيهم، وتُبصِّره مواقع العبر، وتُشهده عدل الله وفضله، وتُعرِّفه ذاته، وأسماءه، وصفاته، وأفعاله، وما يحبُّه، وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول إليه والقدوم عليه، وقواطع الطريق، وآفاتها، وتُعرِّفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصحِّحاتها، وتُعرِّفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم...ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه.
وبالجملة تُعرِّفه الربَّ المدعو إليه وطريق الوصول إليه، وما له من الكرامة إذا قدم عليه.
وتُعرِّفه في مقابل ذلك ثلاثة أخرى: ما يدعو إليه الشيطان، والطريق الموصلة إليه، وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب بعد الوصول إليه.
مدارج السالكين