من أقوال السلف في تلقى العلم عن العلماء
من أقوال السلف في تلقى العلم عن العلماء
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: لقيت مشايخ أحوالهم مختلفة، يتفاوتون في مقاديرهم في العلم، وكان أنفعهم لي في صحبته: العامل منهم بعلمه، وإن كان غيره أعلم منه.
لقيت عبدالوهاب الأنماطي فكان على قانون السلف، لم يسمع في مجلسه غيبة، ولا كان يطلب أجراً على سماع الحديث.
وكنتُ إذا قرأتُ عليه أحاديث الرقائق بكى واتصل بكاؤه، فكان – وأنا صغير السن حينئذ – يعمل بكاؤه في قلبي.
ولقيت الشيخ أبا منصور الجواليقي فكان كثير الصمت، شديد التحري فيما يقول، متقناً محققاً، وربما سئل المسألة الظاهرة التي يبادر بجوابها بعض غلمانه فيتوقف فيها حتى يتيقن، وكان كثير الصوم والصمت، فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما. ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول.
ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومزاح، فراحوا عن القلوب، وبدد تفريطهم ما جمعوا من العلم، فقل الانتفاع بهم في حياتهم، ونُسُوا بعد مماتهم، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم.