ثانيا : في موكب مفاتيح الخير
ثانيا : في موكب مفاتيح الخير
مفاتيح الخير - بدر عبدالحميد هميسه
في فوائد أبي الفرج مسعود بن الحسن بن القاسـم الثقفـي عـن الحسن " أن قوماً أتوا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فقالوا: " يا أمير المؤمنين، إن لنا إماماً شاباً إذا صلى لا يقوم من المحراب حتى يتغنى بقصيدته "، قال عمر: " فامضوا بنا إليه، إنا إن دعوناه يظن بنـا أنـا
تجسسنا، نريد قبح أمره، فقام عمر رضي الله عنه والقوم معه حتـى إن قرعوا بابه عليه، قال: " يا أمير المؤمنين، ما الذي جاء بـك؟ إن كنت جئتني في حاجتي فقد كان الواجب علـي أن أتـي، وإن تكـن الحاجة لك، فأحقّ من عظمنا خليفة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسـلم "، قال: " بلغني عنك أمر ساءني "، قال: " فإني أعيـذك بـالله يـا أميـر المؤمنين ما الذي بلغك عني؟ "، قال: " بلغني عنك أنـك تتغنـي بـين يديك "، قال: " نعم، قال يا أمير المؤمنين، [إنما عظة] أعظ بها نفسي، قال له عمر: " قل "، قال: " إني أخاف الشُّنعة أن أفعل بين يديك "، قـال له: " قل فإن كان حسناً قلت معك، وإن كان قبيحاً نهيتك عنه. " قـال: فأطرق الفتى ثم أنشأ يقول: وَفُؤَادِي كُلَّمَا نَبَّهْتُهُ عَادَ فِي اللَّذَّاتِ يَبْغِي تَعَبِي لا أَرَاهُ الدَّهْرَ إِلا لاهِيًا فِي تَمَادِيهِ فَقَدْ بَرِحَ بِي يَا قَرِينَ السُّوءِ مَا هَذَا الصِّبَا فَنَى الْعُمْرَ كَذَا بِاللَّعِبِ وَشَبَابٌ بَانَ مِنِّي فَمَضَى قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ مِنْهُ إِرْبِي مَا أُرْجِيَ بَعْدُه إِلَّا الْفَنِيُّ ضَيَّقَ الشَّيْبَ عَلَيَّ مَا لِي وَيْحَ نَفْسِي لا أَرَاهَا أَبَدًا فِي جَمِيلٍ لا وَلا فِي أَدَبٍ نَفْسِي لا كُنْتِ وَلا كَانَ الْهَوَى رَاقِبِي اللَّهَ وَخَافِي وَارْهَبِي فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَالَ: " هَكَذَا يَنْبَغِي كُلُّ مَنْ نَكْرَهُ ". قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنَا أَيْضًا أَقُولُ: " نَفْسُ لا كُنْتِ وَلا كَانَ الْهَوَى رَاقِبِي الْمَوْلَى وَخَافِي وَارْهَبِي ".