فائدة
فائدة
من كتاب لا تحزن
الكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار ، ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر، ولا يعتل بنوم، ولا يعتريه كلل السهر، وهو المعلم الذي إن افتقرت إليه لم يخفرك، وإن قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة، وإن عزلته لم يدع طاعتك، وإن هبت ريح أعاديك لم ينقلب عليك، ومتى كنت معه متعلقا بسبب أو معتصما بأدنى حبل كان لك فيه غنى من غيره، ولم تضرك معه وحشة الوحدة إلى جليس السوء، ولو لم يكن من فضله عليك وإحسانه إليك إلا منعه لك من الجلوس على بابك، والنظر إلى المارة بك. مع ما في ذلك من التعرض للحقوق التي تلزم، ومن فضول النظر، ومن عادة الخوض فيما لا يعنيك، ومن ملابسة صغار الناس، وحضور ألفاظهم الساقطة، ومعانيهم الفاسدة، وأخلاقهم الرديئة، وجهالاتهم المذمومة. لكان في ذلك السلامة ثم الغنيمة، وإحراز الأصل مع استفادة الفرع، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه يشغلك عن سخف المنى، وعن اعتياد الراحة وعن اللعب، وكل ما أشبه اللعب، لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة وأعظم المنة.