فوائد من كتاب قصر الامل
فوائد من كتاب قصر الامل
قال صفوان بن هبيرة: قدم علينا عبد الملك بن أيوب النميري واليا من قبل أبي جعفر، فاستحفيناه، فخطبنا يوم الجمعة فقال: « الحمد لله الذي علا في سمائه، وقهر في ملكه، وعدل في حكمه، وسمي الجبار، لجبروته فله الأسماء والأمثال العلا، يعلم السر وأخفى، وهو بالمنظر الأعلى أحمده على توالي مننه، وتظاهر نعمه، وأعوذ بجلاله و... من سطواته ونقمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بوحي منظوم، وأمر معلوم، وختم معزوم، فنطق بالصدق، ودعا إلى الحق، وكان كما قال الله عز وجل رءوفا رحيما، صلى الله عليه وسلم، أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحذركم الدنيا، فلقد صحبها أقوام، فوالله ما بقيت لهم، ولا بقوا عليها بل تخرمتهم الآجال، وأفنتهم المنايا فصارت منازلهم حفرا، وصاروا للقبور سكانا، وللأموات جيرانا، فبادروا الموت قبل أن يحل منكم بحوالئه، ويمكن منكم بمخالبه فيطفئ الأبصار نورها، ويحمل الأجساد إلى قبورها... كفنه، ويفرق بينه وبين سكنه، ويلحق بسيئه وحسنه، ويقل الرد عنه البواكي، وتولى عنه الأكف الحواني، ويصير بمنزلة الغريب الثاوي ولا يمد له في الأجل، ولا يعدد بالعلل، ولا يؤخر للعمل، وقبل اليوم العسير، والشر المستطير ».