فوائد من كتاب المنثور
فوائد من كتاب المنثور
قال ابن الجوزى: تبعدون عَنّا ونرسل إليكم مسائل هل من سائل، هل من مستغفر، هل من تائب، وتُذنبون فيأتيكم منّا عذرٌ، لو لم تُذنبوا لأتى اللهُ بقومٍ يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم. تشاغلتُمُ عنّا بصحبة غيرنا... وأظهرتُمُ الهجران ما هكذا كُنا وأقسمتموا أن لا تحولوا عن الهوى... فقد وجلال الله حلتم وما حلنا يقول الله - عَزّ وجلَ -:ْ وعزتي و جلالي لأمهلن على من عصاني يتلذّذ بنعماي، فإِن استحيا مني استحييت منه، وإنْ أعرض عني نظرتُ إليه بالفضل وإن تاب إليّ تبت عليه، وإنْ قال: يا رب! قلتُ: يا عبدي. إخواني ! ينبغي للإنسان أن لا يقف إلاّ بباب مولاه، ولا ينبغي عوضاً سواه، ولا يدعو إلا إيّاه، ولا - يجعل بينه وبينه حجاباً، ويسأله حاجاته القليل والكثير، قال موسى: يا ربّ أسألك القليل والكثير، قال: سلني كل شيءِ حتى ملْحَ عَجينك وعَلَفَ شاتكْ انظر إلى موسى وأدبه (ربِّ أَرِني أَنْظُر إليك) تارة، وتارة رغيفاً (إنّي لما أنزلتَ إليَّ من خيرٍ فقيرُ). إخواني ! انظروا إلى يوسف عليه السلام لمّا قال للساقي: (اذكرني عند ربَّك) يعني عند سيّدك وهو الملك انقطع عنه جبريل عليه السلام وكان قبل هذا يزوره، فأوحى الله إليه يا يوسف اتخذت من دوني وكيلاً، وعزّتي لأطيلنّ حبسك فيُقال إنّه لبث في السجن اثنتي عشرة سنة وهي عدد حروف " اذكرني عند ربك " خمسة قبل ذكره وسبعة بعده فلمّا كان منه ما كان من رؤية الأسباب والوسائط والالتجاء بغير جناب الحق، كانت عقوبته انقطاع جبريل عنه فَعَظُم حزنُ يوسف لذلك واغتم واشتدّ غَمُّه: بِنتُم فأوحشتُمُ الدنيا لِبَيْنِكُمُ... فاليوم لا عوضٌ عنكم ولا بَدَلُ حملتموني على ضعفي لفرقتكم... ما ليس يحمله سَهْل ولا جَبَلُ إذا شممتُ نسيماً من دياركُمُ... عدمتُ عقلي كأنّي شاربٌ ثَمِلُ