وجوب الحج والمبادرة به
وجوب الحج والمبادرة به
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان) أخرجه البخاري ومسلم.
* * *
الحديث دليل على وجوب الحج وأنه ركن من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً، قال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران/97].
ومن فضل الله تعالى ورحمته وتيسيره أن الحج فَرْضٌ مرةً في العمر، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الحج مرةً، فمن زاد فهو تطوع) أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي، وإسناده صحيح (2).
يجب على المسلم المبادرة بالحج إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له من الموانع.
وقد ورد عن ابن عباس عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يَعْرِضُ له) أخرجه أحمد.
وقد وردت عدة أحاديث مفادها وجوب المبادرة والسعي لأداء فريضة الحج، ولا يخلوا شيء منها من مقال في سنده، لكنها مع تعددها واختلاف طرقها تدل على وجوب الحج على الفور، وتعتضد بآيات من كتاب الله تعالى، لقوله جل وعلا: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ [آل عمران/133]، وقوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ[البقرة/148].
فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يبادر إلى أداء هذا الركن العظيم متى استطاع إلى ذلك سبيلاً، وعلى المستطيع من الآباء والأولياء العمل على حَجِّ من تحت ولايتهم من الأبناء والبنات وغيرهم، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته) متفق عليه.
ويتأكد ذلك في حق البنت قبل زواجها، لأن حجها قبل أن تتزوج سهل وميسور، بخلاف ما إذا تزوجت فقد يعتريها الحمل والإرضاع والتربية، ونحو ذلك من العوارض الطارئة.
وليس للزوج أن يمنع زوجته من حجة الإسلام، لأنها واجبة بأصل الشرع، وينبغي للزوج إن كان قادراً أن يكون عوناً لزوجته على أداء فريضتها، ولا سيما من كان حديث عهد بالزواج، فيسهل مهمتها، إما بسفره معها، أو بالإذن لأحد إخوانها أو غيرهم من محارمها بالحج بها، وعليه أن يَخْلُفَها في حفظ الأولاد والعناية بالمنزل، فهو بذلك مأجور.
اللهم أيقظنا من نوم الغفلة، ونبِّهنا لاغتنام أوقات المهلة، ووفقنا لمصالحنا، واعصمنا من ذنوبنا وقبائحنا، واستعمل في طاعتك جميع جوارحنا، واجعلنا هداةً مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، وصلّى الله وسلم على نبينا محمد …