الرمي ليلاً
الرمي ليلاً
رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - جمرة العقبة ضحى يوم النحر، ورمى بعد ذلك في أيام التشريق بعد الزوال، وقال: (لتأخذوا مناسككم).
وقد اتفق العلماء على جواز الرمي إلى غروب الشمس من أيام التشريق، وكذا يمتد رمي جمرة العقبة إلى غروب الشمس من يوم العيد، على القول الراجح.
ووقع الخلاف في جواز الرمي ليلاً عن اليوم الذي غابت شمسه، والراجح جوازه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدد أول وقت الرمي بفعله، ولم يحدد آخره، وقد ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّص للرعاة أن يرموا بالليل؛ أخرجه البزار (782 " مختصر زوائده " ) والبيهقي (5/151)، وحسنه الحافظ في " التلخيص " (2/ 282)، وله شاهد من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أخرجه الطحاوي " شرح معاني الآثار " (2/ 221) والطبري " تهذيب الآثار " (1/ 222).
وجاء في " الموطأ " (1/ 409) عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه: " أن ابنة أخٍ لصفية بنت أبي عبيد نُفِسَتْ بالمزدلفة، فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما عبدالله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا، ولم يَرَ عليهما شيئًا " ؛ وإسناده صحيح.
وفي " مصنف ابن أبي شيبة " (4/ 30) عن عبدالرحمن بن سابط، قال: " كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدمون حجاجًا، فيدعون ظهرهم، فيجيئون فيرمون بالليل " ؛ وإسناده صحيح.
ولأن اليوم وقت للرمي، والليل يتبعه في ذلك، كليلةِ النحر تابعة ليوم عرفة في صحة الوقوف إلى طلوع الفجر.
فمَن يشق عليه الرمي نهارًا كالمرأة، ونِضْوِ الخلقة، وكبيرِ السن؛ فله أن يرمي ليلاً، وكذا من يكون رميه ليلاً أيسرَ له وأكثر طمأنينة، فإنه يرمي بالليل؛ بل إنني أؤكد على من معه نساء ألاَّ يرمي إلا ليلاً، لا سيما في اليوم الحادي عشر؛ لشدة الزحام، أما اليوم الثاني عشر - وهو يوم النفر الأول - فالرمي قبيل الغروب ممكن بلا مشقة، حتى للنساء، ولا سيما مَن أراد أن يتعجل، ليخرج من منى قبل غروب الشمس.