وجوب البقاء في عرفة حتى الغروب
وجوب البقاء في عرفة حتى الغروب
ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن الوقوف بعرفة إلى ما بعد غروب الشمس فيمن وقف نهارًا - واجبٌ من واجبات الحج، فمَن خرج قبل الغروب فقد ترك واجبًا، وصحَّ حجه، والواجب هو الجمع بين النهار وجزء من الليل؛ لما يلي:
1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف كذلك، وقال: (لتأخذوا مناسككم)، وكونه - صلى الله عليه وسلم - مكث بعرفة إلى ما بعد الغروب ثم دفع، دليلٌ على وجوب ذلك؛ لأن الدفع نهارًا أسهل، ولا سيما في ذلك الزمان، حيث يمشي الناس على الإبل والأقدام، ومع هذا لم يدفع إلا بعد الغروب.
2- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دفع من عرفة قبل أن يصلي المغرب، مع أن وقت المغرب قد دخل، فلو كان الدفع قبل الغروب جائزًا، لدفع وصلى المغرب في مزدلفة في أول وقتها.
وقد ورد في حديث عروة بن المضرِّس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَن شهد صلاتنا هذه - يعني الفجر - ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا؛ فقد تمَّ حجه، وقضى تفثه)؛ أخرجه أبو داود (1950) والنسائي (5/ 263) والترمذي (891) وابن ماجه (3016) وأحمد (26/ 142)، وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح " ، وهذا يَستدل به مَن يرى جواز الانصراف من عرفة قبل الغروب؛ لأن قوله: (أو نهارًا) يفيد أن مَن وقف نهارًا، ودفع قبل الغروب، أنه تم حجه، والتعبير بلفظ التمام ظاهر في جواز ذلك، وأنه لا يُحتاج إلى جبره بالدم، وهذا استدلال واضح، إلا أنه معارض بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه من بعده، فإنهم لم يدفعوا إلا بعد غروب الشمس، فقُيِّد بذلك إطلاق الحديث.