تقديم السعي على الطواف
تقديم السعي على الطواف
السنة تقديم الطواف على السعي، سواء كان في حج أو عمرة؛ تأسيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بل قال جمهور من أهل العلم: إنه لا يجوز تقديم السعي على الطواف، فمَن قدمه أعاد بعد الطواف؛ وحجتهم في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لتأخذوا مناسككم)، وهذا هو الذي ينبغي للمسلم أن يأخذ به، لكن لو سعى قبل أن يطوف جاهلاً أو ناسيًا، صح سعيه - إن شاء الله - ولا يلزمه إعادته بعد الطواف، وقد قال بذلك بعض أهل العلم قديمًا وحديثًا، ولكن بعضهم قيد ذلك بالنسيان دون العمد، وبعضهم أطلق فلم يقيد.
وقد ورد في ذلك حديث أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: " خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجًّا، فكان الناس يأتونه، فمن قال: يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئًا، أو أخرت شيئًا؟ " ، فكان يقول: (لا حرج، لا حرج، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم، فذلك الذي حَرِجَ وهَلَكَ)؛ أخرجه أبو داود (2015) وإسناده صحيح، كما قال الشيخان: الألباني وابن باز - عليهما رحمة الله – (ومعنى " اقترض " ؛ أي: اقتطع، والمراد: نال منه).
وهو عام في سعي العمرة وسعي الحج، لكن طعن بعض الأئمة في لفظة " سعيت قبل أن أطوف " ، فقد قال الحافظ البيهقي في " السنن الكبرى " (5/ 146): " هذا اللفظ " سعيت قبل أن أطوف " غريب، تفرد به جرير عن الشيباني، فإن كان محفوظًا فكأنه سأله عن رجل سعى عقيب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة، فقال: (لا حرج)، والله أعلم " ، وتبعه على ذلك ابنُ القيم في " زاد المعاد " (2/ 259) فقال: " قوله: " سعيت قبل أن أطوف " في هذا الحديث ليس بمحفوظ، والمحفوظ: تقديم الرمي والنحر والحلق بعضها على بعض " .
وعلى هذا فالأحوط ألا يقدِّم السعي، ومَن قدَّمه جاهلاً أو ناسيًا ثم طاف بعده، فلعله أن يجزئه، وإن احتاط لنفسه، وخرج من خلاف العلماء، فسعى ثانية بعد طوافه، فهو أكمل وأحسن؛ لأن الحديث - كما ترى - فيه مقال، والعلم عند الله تعالى.