فوائد من مدارج السالكين
فوائد من مدارج السالكين 1
لما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه، مريداً لسلوك طريق موافقُه فيها في غاية القلة والعزة، والنفوس مجبولة على وحشة التفرد، وعلى الإنس بالرفيق، نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق وأنهم هم (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً)، ليزول عن الطالب للهداية وسلوط الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه، فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له، فإنهم هـم الأقلـون قدراً، وإن كانـوا الأكثرين عدداً
فوائد من مدارج السالكين 1
عقبات الشيطان:العقبة الأولى: عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه، وبصفات كماله. فإن نجا منها ببصيرة الهداية طلبه على: العقبة الثانية: وهي عقبة البدعة. فإن قطع هذه العقبة، وخلص منها بنور السنة. العقبة الثالثة: وهي عقبة الكبائر. فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله، أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه على: العقبة الرابعة: وهي عقبة الصغائر. العقبة الخامسة: وهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها، فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التزود لمعاده. فإن نجا من هذه العقبة طلبه العدو على: العقبة السادسة: وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فأمره بها، وحسنها في عينه، وأراه ما فيها من الفضل والربح، ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم كسباً وربحاً، لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب، طمع في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية. ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.
فوائد من مدارج السالكين 1
في دعائه صلى الله عليه وسلم (والخير كله بيديك، والشر ليس إليك) لا يلتفت إلى تفسير من فسره بقوله (والشر لا يُتقرب به إليك، أو لا يصعد إليك) فإن المعنى أجل من ذلك، وأكبر وأعظم قدراً، فإن أسماؤه كلها حسنى، وأوصافه كلها كمال، وأقواله كلها صدق وعدل: يستحيل دخول الشر في أسمائه وأصافه، أو أفعاله أو أقواله
فوائد من مدارج السالكين 1
الواجب على الإنسان إذا أعطاه الله ما أعطاه بلا سؤال ان: تسأله أن يجعله عوناً لك على طاعته، وبلاغاً إلى مرضاته، ولا يجعله قاطعاً لك عنه، ولا مبعداً عن مرضاته، فلا تظن أن عطاءه كل ما أعطى لكرامة عبده عليه، ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه، ولكن عطاؤه ومنعه ابتلاء وامتحان يمتحن بهما عباده.
فوائد من مدارج السالكين 1
كل قوة ظاهرة وباطنة صحبها تنفيذ لمرضاته وأوامره فهي منّة وإلا فهي حجة. كل حال صحبه تأثير في نصرة دينه والدعوة إليه فهو منّة منه، وإلا فهو حجة. وكل مال اقترن به إنفاق في سبيل الله وطاعته، لا لطلب الجزاء ولا للشكور، فهو منّة من الله عليه، وإلا فهو حجة. وكل فراغ اقترن به اشتغال بما يريد الرب من عبده فهو منه عليه، وإلا فهو حجة. وكل قبول في الناس، وتعظيم ومحبة له، اتصل به خضوع للرب، وذل وانكسار، ومعرفة بعيب النفس والعمل، وبذل النصيحة للخلق فهو منّة، وإلا فهو حجة. فليتأمل العبد هذا الموضع العظيم الخطر، ويميز بين مواقع المنن والمحن.
فوائد من مدارج السالكين 1
لا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوهِ، وإغاظته له، وقد أشار سبحانه إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه. قال تعالى (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً). سمى المهاجر الذي يهاجر إلى عبادة الله مراغماً يرام به عدو الله وعدوه، والله يحب من وليه مراغمة عدوه وإغاظته، كما قال تعالى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
فوائد من مدارج السالكين 1
من تعبد الله بمراغمة عدوه، فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه، وموالاته ومعاداته لعدوه، يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حمِد التبختر بين الصفين، والخيلاء والتبختر عند صدقة السر، حيث لا يراه إلا الله، لما في ذلك من إرغام العدو، وبذل محبوبه من نفسه وماله لله عز وجل. وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس، ومن ذاق طعمه ولذته بكى على أيامه الأول
فوائد من مدارج السالكين 2
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول:كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها: أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره لا كسب له فيها ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر،وأما صبره عن المعصية:فصبر اختيار ورضا ومحاربة للنفس