فصل:
فصل:
اتفق العلماء على أنه يُستحبّ للعاطس أن يقولَ عقب عطاسه: الحمد للّه، فلو قال: الحمد للّه ربّ العالمين كان أحسن، ولو قال: الحمد للّه على كل حال كان أفضل.
روينا في سنن أبي داود وغيره، بإسناد صحيح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: " إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ، وَلْيَقُلْ أخُوهُ أوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّه، وَيَقُولُ هُوَ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ " .
وروينا في كتاب الترمذي، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ أن رجلاً عَطَسَ إلى جنبه فقال: الحمدُ للّه والسَّلام على رسول اللّه، فقال ابن عمر: وأنا أقول: الحمدُ للّه والسلامُ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وليس هكذا علّمنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، علّمنا أن نقول: " الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ " .
قلت: ويُستحبّ لكل مَن سمعه أن يقول لَه: يرحمك اللّه، أو يرحمكم اللّه، أو رحمكم اللّه، ويُستحبّ للعاطس بعد ذلك أن يقول: يهديكم اللّه ويُصلح بالكم، أو يغفر اللّه لنا ولكم
وروينا في موطأ مالك، عنه، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما؛ أنه قال: إذا عَطَسَ أحدُكم فقيل له: يرحمُك اللّه، يقول: يرحمنا اللّه وإياكم، ويغفرُ اللّه لنا ولكم.
وكل هذا سنّة ليس فيه شيء واجب، قال أصحابنا: والتشميتُ وهو قوله يرحمك اللّه سنّة على الكفاية لو قاله بعضُ الحاضرين أجزأ عنهم، ولكن الأفضل أن يقوله كلُّ واحد منهم؛ لظاهر قوله صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي قدّمناه " كانَ حَقّاً على كُلّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يَقُوْلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ " هذا الذي ذكرناه من استحباب التشميت هو مذهبنا: واختلف أصحابُ مالك في وجوبه، فقال القاضي عبد الوهاب: هو سنّة، ويُجزىء تشميتُ واحد من الجماعة كمذهبنا، وقال ابن مُزَيْنٍ: يَلزم كلَّ واحد منهم، واختاره ابن العربي المالكي.