فصل
فصل
اختلف أصحابنا في رفع اليدين في دعاء القنوت ومسح الوجه بهما على ثلاثة أوجه: أصحّها أنه يستحبّ رفعهما ولا يمسح الوجه. والثاني: يرفع ويمسحه. والثالث: لا يمسحُ ولا يرفع. واتفقوا على أنه لا يمسح غير الوجه من الصدر ونحوه، بل قالوا: ذلك مكروه.
وأما الجهر بالقنوت والإِسرار به فقال أصحابنا: إن كان المصلي منفرداً أسرّ به، وإن كان إماماً جهر على المذهب الصحيح المختار الذي ذهب إليه الأكثرون. والثاني أنه يسرّ كسائر الدعوات في الصلاة. وأما المأموم فإن لم يجهر الإِمام قنت سرّاً كسائر الدعوات، فإنه يوافق فيها الإمام سرّاً. وإن جهر الإِمام بالقنوت فإن كان المأموم يسمعه أمَّن على دعائه وشاركه في الثناء في آخره، وإن كان لا يسمعه قنت سرّاً، وقيل يؤمِّن، وقيل له أن يشاركه مع سماعه، والمختار الأوّل.
وأما غير الصبح إذا قنت فيها حيث نقول به، فإن كانت جهريّة وهي المغرب والعشاء فهي كالصبح على ما تقدّم، وإن كانت ظهراً أو عصراً فقيل يُسرّ فيها بالقنوت، وقيل إنها كالصبح. والحديث الصحيح في قنوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الذين قتلوا القرَّاء ببئر معونة يقتضي ظاهرُه الجهرَ بالقنوت في جميع الصلوات، ففي صحيح البخاري في باب تفسير قول اللّه تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ} آل عمران: 128 عن أبي هريرة: أن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم جَهَرَ بالقنوت في قنوت النازلة