قول : اللهم اغفر لي إن شئت
حديث شريف
شرح كتاب التوحيد للهيميد
عن أبي هريرة أن رسول الله قال : ( لا يقل أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له ) . رواه البخاري ( 6339 ) ومسلم ( 2679 )
----------------
( لا يقل ) لا : ناهية ، والنهي يقتضي التحريم . ( اللهم ) بمعنى : يا الله ، لكن لكثرة الاستعمال حذفت الياء وعوض عنها بالميم . ( اللهم اغفر لي إن شئت ) قال القرطبي : ” إنما ينهى الرسول عن هذا القول لأنه يدل على فتور الرغبة وقلة الاهتمام بالمطلوب ، وكأن هذا القول يتضمن : أن هذا المطلوب إن حصل وإلا استغنى عنه ، ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حالة الافتقار والإصرار الذي هو روح عبادة الدعاء ، وأيضاً فإنه لا يكون مؤمناً بالإجابة ، وقد قال : ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) “ . أ . ﻫ وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ” والمحظور في هذا التعليق من وجوه ثلاثة : الأول : أنه يشعر بأن الله له مكره على الشيء ، وأن وراءه من يستطيع أن يمنعه . الثاني : أن قول القائل إن شئت ، كأنه يرى أن هذا أمرٌ عظيمٌ على الله ، فقد لا يشاؤه . الثالث : أنه يشعر أن الطالب مستغنٍ عن الله “ . أ . ﻫ ( ليعزم المسألة ) قال القرطبي : ” أغي يجزم في طلبته ، ويحقق رغبته فيتيقن الإجابة ، فإذا فعل ذلك دلّ على أنه مفتقر إلى ما يطلب مضطر إليه ، وقد وعد الله المضطر بالإجابة بقوله تعالى : ﴿ أمن يجيب المضطر إذا دعاه ﴾ “ . أ . ﻫ ( وليعظم الرغبة ، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ) بخلاف العبد ، فإنه قد يعطي السائل مسألته لحاجته إليه أو لخوفه منه أو رجائه ، فيعطيه مسألته وهو كاره . فاللائق بالسائل للمخلوق أن يعلق حصول حاجته على مشيئة المسؤول ، مخافة أن يعطيه وهو كاره . بخلاف رب العالمين تعالى ، فإنه لا يليق به ذلك ، لكمال غناه عن جميع خلقه ، وكمال جوده وكرمه ، وكلهم فقير إليه ، محتاج لا يستغني عن ربه طرفة عين ، وفي الحديث : ( يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة ) .